الرئيسية » الاقتصاد السوري باتجاه المزيد من التدهور.. وقانون قيصر يعمل على منع تعويم النظام وانعاشه اقتصادياً

الاقتصاد السوري باتجاه المزيد من التدهور.. وقانون قيصر يعمل على منع تعويم النظام وانعاشه اقتصادياً

بواسطة osama

وصف الخبير الاقتصادي السوري, يونس الكريم, التراجع المتتالي لليرة السورية أما الدولار بـ “التضخم الحاد”, موضحاً أنه حتى الآن لم نصل بعد إلى مرحلة “التضخم الجامح”.

وأوضح الكريم أن التضخم “يحتاج إلى زيادة بمستوى الأسعار بشكل لايقل عن 50% شهرياً وبشكل متتالي ومستمر”, مضيفاً أن “تقييد الطلب من خلال القدرة الشرائية وتوقف القروض والحوالات, والمرسوم 3 و 4, إضافة إلى أن عرض السلع أيضاً متوقف كون الطبقة التجارية موالية للنظام, كل هذه الأمور حدت من تحول التضخم الحالي إلى تضخم جامح”.

النقطة الخطرة تبدأ عند عجز عمل مؤسسات الدولة

وأضاف الكريم في حديثٍ خاص لـ تموز نت, أن سعر الـ 3500 ليرة “لم يشكل بعد نقطة خطورة بالغة على عمل مؤسسات الدولة, ونحن نعتبر أن النقطة الخطرة في تقييم سعر الصرف تبدأ عند عجز عمل مؤسسات الدولة, التي باعتقادي ستبدأ عند سعر الصرف 3700 ليرة, مما سيجعل مؤسسات الدولة عاجزة عن توفير خدماتها بالحد الأدنى للمواطنين, وكلما ارتفع سعر صرف الدولار سيؤدي إلى انخفاض عدد المستفيدين من خدمات مؤسسات الدولة, وهذا ما يعرف بانهيار مؤسسات الدولة أي تحول النظام للعمل بشكل الصدمة”.

التلاعب بالعرض والطلب

وتابع الكريم قائلاً: “أن مؤسسات الدولة لازالت تعمل رغم ارتفاع الأسعار, وما نعيشه الآن يسمى بـ”التضخم الحاد”, وأضاف الخبير السوري متسائلاً, “لماذا لم نصل إلى مرحلة التضخم الجامع؟. لأنه لا يوجد زيادة مستمرة في الأسعار بشكل 50%, إنما هناك تذبذب وامتصاص لارتفاع الأسعار”, مضيفاً لكن “العامل الآخر والأهم؛ هو التلاعب بالعرض والطلب, والأهم الطلب. فمن خلال انهيار القدرة الشرائية للمواطنين لم يعد بمقدورهم طلب السلع, والطبقة الاقتصادية أو التجارية لا يقومون بالاستيراد سواءً الشركات أو الأفراد, لأنهم موالون للنظام وملتزمين بسياسات النظام إلى حدٍ ما, وبالتالي هؤلاء لم يقوم بالعرض الكبير للسلع والخدمات, إضافة إلى العوامل الأخرى التي ساعدت على هذا التحكم منها العقوبات, وإغلاق الحدود بسبب كورونا, القبضة الأمنية والحدود الخارجة عن سيطرة النظام, كلها ساهمت بالتأثير على العرض, حيث لم يكن العرض على الشكل المتوقع بالإضافة إلى أن الطلب غير قادر الضغط على العرض كي يزداد”.
وأوضح الكريم أن هناك سببين أساسيين لعدم الوصول إلى حالة التضخم الجامح أو المنفلت, وهما “أولاً؛ عدم وجود طلب حقيقي وعدم التوسع بالعرض. ثانياً؛ عدم الزيادة المستمرة بالسلع”, مبيناً أن “الطلب غير قادر أن يؤثر على العرض, والعرض لا يوجد بسبب العديد من العوامل”.
واعتبر الكريم أن الوصول إلى سعر الصرف الـ 3500 هو “نقطة حادة في تاريخ سعر الصرف, ونقترب جداً من المنطقة الحمراء, النقطة التي تتوقف عندها جدوى تقديم الخدمات لصالح الفئات الشعبية حيث أن مؤسسات الدولة تجد أن هذا الأمر بات غير اقتصادي, وأن الوظائف لم تعد تقدم ولو الحد الأدنى”.

قانون قيصر يعمل على منع تعويم النظام وانعاشه اقتصادياً

واستبعد الكريم أن يكون قانون قيصر السبب وراء تراجع الاقتصاد لعدة أسباب, وهي: “أولاً؛ لأن تريد الأوضاع عملية تراكمية, والعقوبات الاقتصادية هي من العوامل الغير مباشرة وهذا باعتراف رأس النظام والكثير من مسؤولي الاقتصاد لدى نظام الأسد. ثانياً؛ العقوبات الاقتصادية لم تستهدف إلا السلع التي تمول الآلة العسكرية حسب التصريحات الأمريكية, كما أن العقوبات شملت البنك المركزي مؤخراً بعد تردي الأوضاع الاقتصادية وفقدت الليرة قيمتها, حيث إن التردي بدأ منذ آب 2018. ثالثاً؛ أن تردي الاقتصاد حدث بعد الأزمة المصرفية اللبنانية, والأزمة التي تلت تفجير ميناء بيروت. كذلك الصرع بين رامي مخلوف وأسماء الأسد, هذه الأسباب هي الأسباب الحقيقية للتدهور الاقتصادي”.
ورأى الكريم أن الحكومة السورية كانت تحاول “خلق الأمل لدى المواطنين أو داخل مناطق النظام من خلال البروبغندا الإعلامية ليس أكثر, وأن النظام حاول الاستعانة بمساعدات من الإمارات وحلفاء النظام التي كانت تمده بالترياق للاستمرار بالحياة بالحد الأدنى, وكان المواطنون يشعرون أن النظام سوف يعود وأن الثورة فشلت وأن المجتمع الدولي فشل بالضغط على النظام, إلا أن فرض قانون قيصر والتشديد على تطبيقه بدد بروبغندا النظام “, مؤكداً أن دور قانون قيصر, “هو العمل على منع تعويم النظام وانعاشه اقتصادياً من خلال المساعدات المقدمة من قبل حلفاء النظام وبشكل خاص دول الخليج”.
قانون المصارف لمنع تغلغل شركات رامي مخلوف وعودته لتصدر المشهد بعد فشل أسماء الأسد
وعن اعتماد مجلس النقد والتسليف التعليمات التنفيذية للقانون رقم /8/ الذي صدر في الـ 20 من الشهر الجاري, ويسمح بتأسيس مصارف التمويل الأصغر, قال الكريم: أنه تم “تحديث قانون المصارف لمنع تغلغل شركات رامي مخلوف وعودته لتصدر المشهد بعد فشل أسماء الأسد, السيطرة على جمعية البستان, وشركة تور التمويل وحتى جمعية العرين وغيرها, وكبح جماحه واحتوائه. والشيء الأخرى يعتبر القانون نوع من تنفيذ الاتفاق مع إيران بخصوص إقامة مصرف لهم, لأن إنشاء هكذا شركات سيكون من الأسهل فيما لو تم إعطاء الإيرانيين بنك في سوريا في ظل الاعتراض الدولي”.

مصارف التمويل الأصغر لإعادة ترتيب البيئة الاقتصادية

وأضاف الكريم أن لهذه المصارف هدف آخر وهو “محاولة التأثير على العرض والطلب المستقبلي, وبالتالي إعادة ترتيب البيئة الاقتصادية, لأن معظم قروض هذه المصارف سوف تكون استهلاكية أي تقسيط الضمان, وتقديم خدمات لمشاريع صغيرة تؤثر على المشاريع الكبيرة. وبالتالي من يسيطر على المشاريع الصغيرة سوف يؤثر بشكل كلي على حركة العرض المستقبلي من الاستيراد إلى التصنيع, وستكون هذه المصارف اللاعب الرئيسي, كما إنها تملك السيولة والمرونة بتقديمها للسوق مما يؤثر على الحركة التجارية في السوق, وهذا الأمر سوف يجعل المستثمرين الذين سيأتون فيما بعد رهينة لإرادة هذه المصارف”.
كما بيّن الكريم أن هذه المصارف “سوف تستحوذ على الأموال المقدمة من المانحين كمساعدة للمجتمع المدني لإقامة مشاريع مساعدة للمواطنين, أي إنها سوف تستحوذ على عمل المجتمع المدني بأماكن سيطرتها, وستستخدم الأموال والعلاقات لترميم النظام”.

شركات التمويل الأصغر ستؤثر مستقبلاً على حركة إعادة الإعمار

وفي ذات السياق تحدث الخبير الاقتصادي يونس الكريم, عن مؤسسة ضمان مخاطر القروض التي أنشأت في يناير/كانون الثاني 2020,” مشيراً إلى أنها “لم تفعّل, لكن سيتم تفعيلها من خلال القانون رقم /8/”, وهذه المؤسسة تعتبر “خطوة نحو خصخصة ديون المصارف الحكومية على المواطنين المتعثرة عن السداد, وهذا الأمر سوف يقود إلى شراء الكثير من ضمانات القروض من عقارات ومعامل وحتى ولاء المواطنين, وهذا ما تريده إيران. وفي نهاية المطاف سيكون لدى شركة مصارف التمويل الأصغر جيش من الموظفين, ومن يسيطر على هذه الشركات سيكون له قاعدة ولاء, كما أن شركات التمويل الأصغر ستؤثر مستقبلاً على حركة إعادة الإعمار”.
وعن سعي الحكومة السوري لتأمين المواد والسلع الرئيسية كـ القمح والسكر والأرز والوقود, اعتبر الكريم ما تقوم به الحكومة السورية “لا يعدو أكثر من محاولة إعلامية لكبح الضغط المجتمعي بانتظار استقالتها (الحكومة السورية) بسبب اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية, واتخاذ موقف كهذا هو لتهدئة المواطنين ودفعهم للمشاركة بالانتخابات الرئاسية كي لا يحدث رفض للمشاركة بالانتخابات, وهذا الأمر سوف ينعكس بشكل كلي على النظام وصورته”.

انتخاب بشار الأسد كرئيس لمرحلة انتقالية مؤقتة

وقال الكريم أنه من الصعب التنبؤ إلى أين يتجه الاقتصاد السوري في المرحلة الحالية, مشيراً إلى وجود عدة أسباب, وربطها بـ “الحل السياسي والاتفاقات الدولية”.
وتابع قائلاً: “لا نستطيع التنبؤ إلا بعد أن تبدأ الانتخابات, لأن هناك سيناريوهات عدة, وكل سيناريو يقود سوريا والاقتصاد السوري إلى اتجاه ومسار مختلف. لكن الأكثر ترجيحاً أن يتم انتخاب بشار الأسد كرئيس منزوع الصلاحيات لمرحلة انتقالية مؤقتة؛ لصالح رئيس وزراء يتم التوافق عليه دولياً”, مضيفاً “إن حدث هذا الأمر سنشاهد انهيارات كثيرة لأن المعارضة غير مستعدة الآن للواقع الاقتصادي, حتى الآن لم تبدي أي تغيير في رؤيتها للشأن الاقتصادي, وهذا الأمر بالغ الخطورة, والنظام سوف يحاول بناء نفسه مجدداً من خلال التخطيط الاقتصادي والأموال التي يمتلكها. لذلك لا شيء يبشر بتحسن الواقع المعيشي”, مضيفاً أنه هكذا “سيتم وأد المرحلة الانتقالية والمحاسبة, وستغدو المحاسبة على شكل حالات فردية, وتثبيت أماكن اللاعبين وأمراء الحرب. ليس هذا فحسب, بل ستنهار القدرة الشرائية مع ارتفاع كبير للأسعار ثم انهيار الأسعار بفعل اقتصاد الظل. وفي النهاية سيتمكن النظام من بناء نفسه مجدداً ولن تكون المعارضة أكتر من تيس المحلل. والشيء الجديد هو منع ظهر الإسلاميين بالمشهد”.

لا تحسن, لا تحسن, لا تحسن

وشدد الكريم على أن واقع الاقتصاد السوري “لن يتحسن دون مصالحة مع مناطق الإدارة الذاتية, وإن حصل ذلك فإن هذا الأمر سيخفف من الضغط على النظام. لكن كما ذكرت سالفاً الأمور ستطول لأنه لا يوجد شيء واضح في الشأن الاقتصادي, لأن الصراع تدور حول الشأن السياسي, وهناك إهمال متعمد للوضع الاقتصادي وإغفاله. وهذا الإغفال يجعل عملية التنبؤ صعبة جداً. لذلك يمكن القول بناءً على ذلك وعلى المعطيات الحالية أنه سيء ويتجه نحو الأسوء. لذلك أي تحسن بالواقع الاقتصادي يحتاج إلى عملية اقتصادية حقيقية تبدأ من إعادة هيكلة بناء مؤسسات الدولة والمقصود بها ليس الابتداء من الصفر, وأن تتم مصالحة حقيقية ما بين مناطق السيطرة السورية الثلاث, وهذا الأمر غير وارد لأن لا مؤشرات على حدوث شيء من هذا القبيل, إضافة إلى الحاجة لتفاهمات دولية مع حلفاء النظام, روسيا وإيران حول الاستثمارات التي تم الاستيلاء عليها وإعادتها إلى سوريا لدعم الاقتصاد, وهذا أيضا يطول لذلك لا تحسن, لا تحسن, لا تحسن”.

المقاله منشورة على موقع tamuz-net.net

مقالات ذات صلة