عين الفرات-يونس الكريم
ستضيف بروكسل بالتعاون مع الأمم المتحدة، مؤتمر المانحين لمساعدة السوريين والمنطقة في 29 و 30 آذار/مارس الجاري، في ضوء القيود المفروضة بسبب جائحة كوفيد 19، حيث تمَّ عقد المؤتمر بصيغة افتراضية.
المؤتمر يهدف لجمع أكثر من 10 مليار دولار للمساعدة الإنسانية لسوريا، ودعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة بالمنطقة، ولا سيّما لبنان وتركيا والعراق والأردن.
ويشارك في المؤتمر نحو 80 وفداً من خمسين دولة، فضلاً عن منظّمات غير حكومية ومؤسّسات مالية دولية.
وقسمت الامم المتحدة مبلغ 10 مليار دولار إلى 4,2 مليار، للاستجابة الإنسانية في سوريا و5,8 مليارات لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المنطقة.
العاملون في المجال الإنساني في الأمم المتحدة، قالوا إنَّ المجتمعات السورية التي دمرتها سنوات من الحرب الأهلية، تواجه الآن أزمة جوع “غير مسبوقة”، في الوقت الذي يلزم فيه اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع انتشار كوفيد-19، ويحتاج نحو 24 مليوناً إلى مساعدات أساسية، بزيادة أربعة ملايين خلال العام المنصرم وهو أعلى رقم حتى الآن منذ اندلاع النزاع السوري قبل عشر سنوات.
بدوره، قال “مارك لوكوك” منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة: “مرت عشر سنوات من اليأس والكارثة على السوريين”.
وأضاف في بيان “يؤدي الآن تدهور الظروف المعيشية والتراجع الاقتصادي وكوفيد-19، إلى مزيد من الجوع وسوء التغذية والمرض. ثمة قتال أقل ولكن لم تتحقق عوائد للسلام”.
لكن يبقى السؤال الأهم من السوريين؟ ماذا يحمل المؤتمر بطياته هذا العام لهم غير ما أعلن عنه؟
لازال ما تسرب من المؤتمر ليس أكثر من حثِّ الحاضرين على مزيد من دعم المالي للمشاريع الإنسانية، مع انتقادات للقائمين على المؤتمر باستثناء طيف واسع من السوريين؛ بما فيهم النظام السوري، الذين يعتبروا جزءاً من المشكلة، وجزءاً من الحل، إن لم يكن الحل كله؛ (عدم دعوة سورية على المؤتمرات الخاصة بسورية بدأت تتصاعد دوليا ؟؟).
لكن اعتماداً على موقع الإلكتروني للأمم المتحدة الذي نشر عن المؤتمر، تجد ما يلي:
أولاً، يحاول المؤتمر الضغط على الدول لتقديم المزيد من الدعم المالي، مما يعني لا توجد آلية واضحة للتمويل، وأن هناك استمرار خطر توقف عمل الأمم المتحدة لدعم السوريين، وأن الأمم المتحدة لم تطالب أن تكون بحماية مجلس الأمن، حيث تتعرض كثير من مستودعات وعمل المنظمات الأممية والمجتمع المدني للنهب وضغوط من القوى العسكرية الفاعلة على الأرض بما فيهم الحلفاء الدوليين، حتى أن التقارير الإستقصائية الصحفية تشير إلى وصول بين ٤٥_ ٥٠% فقط إلى هدفها النهائي.!
ثانياً، يؤكد المؤتمر على عبارة “التمويل المستدام” بإشارة إلى أنه لا حل سياسي قريب، مما يعطي إشارة إلى أنَّ اللقاءات السياسية برعاية الأمم المتحدة، غير مجدية.
ثالثاً، لم يضع المؤتمر حلولاً للتجاوزات التي تحدث، فالأموال المطلوبة كل عام تزداد لذات الهدف الذي حددوه بدعم المشاريع الصغيرة للسوريين، وكسب العيش، بالإضافة الغذاء والمأوى، مما تدل هذه الزيادة على فشل تنفيذ هدف المشروع.
رابعاً، هو اعتراف رسمي من الأمم المتحدة بنسبة انتشار الفقر، التي ذكرت أنَّ حجم أعداد الأشخاص الذين بحاجة إلى دعم وصل إلى ٢٤ مليون شخصاً، اي ما نسبته ٩٢.٣٠% من مجموع السوريين؛ بغض النظر عن أماكن تواجدهم ، وهو إشارة إلى فشل المجتمعات المضيفة بإدارة ملف اللاجئين.
خامساً، يتساءل السوريين عن الأموال المقدّمة سواءً للجانب السوري الذي يستولي عليها النظام ويدعم آلته العسكرية، ويستدل عليها من خلال تسريباته الإعلامية، دون حصول الفقراء السوريين داخل مناطقه، على هذه المساعدات، بمئات التقارير التي تشير إلى بدء انتشار المجاعات بسورية، أو بالنسبة لدعم مناطق المعارضة التي لا تقل عن مناطق النظام سوءاً حيث تستخدم أموال الأمم المتحدة لإثراء أمراء الحرب و شراء الولاءات، بل ولتمويل ميليشيات الأمم المتحدة.
سادساً، المجتمعات المضيفة ليست أقل سوءاً، فالممارسات العنصرية والتجويع والحرمان يمارس بشتى الطرق، ومن ثمَّ يتم دفع الأموال لهم، حتى السلع يتم شراء معظمها من هذه المجتمعات المضيفة وليس من مجتمعات السورية التي تطمح الامم المتحدة الى مساعدتهم !، فهل هدف هذه الأموال هو لإبقاء السوريين محاصرين ومنع انتقالهم كلاجئين إلى دول أخرى، وتمضية الوقت لصالح الدول الكبرى لإرساء رؤيتها للحل النهائي.
نهايةً، إن هذه النسخة من المؤتمر شبيهة بالنسخة التي سبقتها، حيث يغيب عنها وضع خطة متكاملة للسوريين الذين باتوا يرتعبون من حجم الأرقام الدولية التي تشير إلى حجم الدمار في مستقبلهم، كما أنَّ هذه المؤتمرات تتحول إلى مهرجانات، حيث كل طرف يدعم حليفه على الأرض، والأمم المتحدة تغيب تقاريرها عن مدى تجاوز القوى والمانحين عن التزاماتهم وتعهداتهم بغية المحافظة على مؤسساتهم خوفاً من توقف الخدمات، وإن اضطرها إلى دفع رشاوى أخلاقية بمدح تعاون جميع الناهبين لها، بإنسانيتهم.