القدس العربي
جدد اقتصاديون معارضون للنظام السوري دعواتهم إلى استبدال الليرة السورية بعملات أخرى في تعاملات المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، في شمال غرب سوريا (إدلب، ريف حلب).
وتأتي الدعوات على خلفية تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، وهبوطها إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تجاوز سعر الدولار الأمريكي الواحد حاجز الـ850 ليرة سورية، في حين أن سعره قبل اندلاع الثورة السورية في العام 2011 كان لا يتجاوز الـ50 ليرة سورية.
ويعتقد أصحاب فكرة استبدال الليرة السورية أن من شأن ذلك الحد من ارتفاع الأسعار، الارتفاع الذي زاد من معاناة السكان.
وفي هذا السياق، دعا الخبير الاقتصادي، منذر محمد، إلى التوقف نهائياً عن تداول الليرة السورية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، تجنيباً للأهالي المزيد من تداعيات انهيار قيمة الليرة السورية.
وقال لـ”القدس العربي” إن انخفاض قيمة الليرة السورية يزيد من معاناة الطبقة الفقيرة في الشمال، مؤكداً أن النسبة الأكبر من السكان هم من الفقراء أصلاً، مضيفاً أن استبدال الليرة السورية بالليرة التركية أو بالدولار الأمريكي من شأنه تخفيف الأعباء الاقتصادية، وخصوصاً أن المناطق تعتمد على السوق التركية المجاورة لتلبية احتياجاتها من المواد والسلع.
دعوات للتوقف نهائياً عن استخدام الليرة تجنيباً للأهالي المزيد من تداعيات انهيار قيمتها
ووفق الخبير الاقتصادي، فإن اقتصاد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام هو اقتصاد يعتمد في جزء كبير من تعاملاته على الليرة التركية والدولار الأمريكي، معتبراً أن “من السهل تطبيق ذلك، نظراً لتوفر العملات الأجنبية في أسواق المنطقة، واعتياد الأهالي بنسبة كبيرة على التعامل بالعملات الأجنبية”.
ورأى أن العائق الأكبر سيكون في التعاملات اليومية الصغيرة، بسبب عدم توفر الكميات المطلوبة من القطع النقدية الصغيرة، مستدركاً بالقول: “غير أن تأمين هذه الكميات ليس أمراً صعباً، وهي متوفرة في العملة التركية، لكن الأصعب من ذلك أن يتم إيجاد آلية لمراقبة أسعار الصرف، في ظل عدم وجود مصرف مركزي في هذه المناطق”.
وفي ذات الاتجاه، نقلت مواقع محلية معارضة عن وزير المالية والاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة” المعارضة، عبد الحكيم المصري، تأكيده أن حكومته تبحث في استبدال الليرة السورية بالدولار الأمريكي، والليرة التركية.
وأضاف المصري أن الحكومة خطت خطوات نحو تطبيق ذلك، مشيراً إلى أنهم بصدد بحث تطبيق ذلك مع الجانب التركي.
وعلى النقيض من الآراء السابقة، عدّ الباحث بالشأن الاقتصادي السوري، يونس الكريم، خلال حديثه لـ”القدس العربي”، أن اعتماد هذا الطرح وتنفيذه أمر شبه مستحيل.
ومفصلاً الأسباب التي دفعته إلى هذا الاعتقاد، قال إن “الدخل في سوريا عموماً، وفي الشمال خصوصاً، هو دخل بسيط، وغير قابل للتحويل إلى عملة بقيمة كبيرة، كما هو حال الدولار الأمريكي”، مضيفاً: “هذا عن الدولار، أما الليرة التركية، فأيضاً تعاني من تذبذب في قيمتها، ولا يمكن اعتمادها نظراً لذلك”.
وتابع الكريم: “معظم الأجور تدفع بالليرة السورية، كما يتم تسعير البضائع بالليرة أيضاً، وخصوصاً أن غالبيتها تأتي من مناطق سيطرة النظام، لكونها أرخص من أسعار الأسواق التركية”.
وبهذا المعنى يعتقد الباحث أن مثل هذا الدعوات، لها تأثير سلبي على اقتصاد هذه المناطق، موضحاً: “حتماً ستؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار، لأنها قد ترفع قيم العملات الأجنبية الموجودة في المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة”.
وأردف الكريم أن الأولى الدعوة إلى مؤتمر إنقاذي لليرة السورية، أو الاقتصاد السوري، بمشاركة الاقتصاديين السوريين على اختلاف توجهاتهم السياسية، للبحث في سبل إنقاذ الليرة السورية، من خلال وضع خطط حقيقية لأن المتضرر من تدهورها هم السوريون الفقراء، وليس النظام السوري.
وليست المرة الأولى التي يشهد فيها الشمال السوري دعوات من هذا القبيل، حيث شهد العام 2015 دعوات مماثلة، وذلك بعد هبوط قيمة الليرة السورية، لكن صعوبات عدة حالت دون اعتماد هذا الطرح، وتحويله إلى قرار.
وكانت الليرة السورية قد شهدت، خلال الأيام القليلة الماضية، سلسلة انخفاضات قياسية أمام العملات الأجنبية، وهو ما دفع باقتصاديين إلى وصف ما يجري بالأزمة الأصعب التي تواجه الاقتصاد السوري، منذ اندلاع الثورة السورية.