77
إبراهيم درويش-القدس العربي
أشارت صحيفة “فايننشال تايمز” في افتتاحيتها إلى أن العالم نسي سوريا وهو ما يعرضه للخطر الفادح ، وقالت إن سوريا لن تعود كدولة طالما ظلت ديكتاتورية الأسد في مكانها.
وجاء فيها أن معظم العالم نسي على ما يبدو الحرب الأهلية السورية الوحشية التي مضى عليها 10 أعوام ولا تزال مرشحة للاشتعال وإشعال الفوضى في كل الشرق الأوسط وأوروبا.
معظم العالم نسي على ما يبدو الحرب الأهلية السورية الوحشية التي مضى عليها 10 أعوام ولا تزال مرشحة للاشتعال وإشعال الفوضى في كل الشرق الأوسط وأوروبا.
وقالت إن التواطؤ الدولي الذي حدث بعد هزيمة تنظيم الدولة ليس في محله، وكذا الدول الهشة الجارة لسوريا مثل الأردن ولبنان وحتى تركيا يمكن إقناعها أن تظل مثل الحظيرة التي يتجمع فيها 6 ملايين لاجئ سوري ونقل المساعدات لستة ملايين نازح سوري في داخل بلادهم.
وولد التنظيم السابق للدولة الإسلامية في العراق في سوريا بعدما تم تخفيض عدد مقاتليه إلى 600 مقاتل، ويقول الخبراء إنه أصبح لديه مقاتلين أربعين ضعف هذا العدد، وهو عدد كاف للعودة في هاتين الدولتين المتهالكتين. وعلى أوروبا ودول الشرق الأوسط أن تعرف من التجربة أن قطع الرؤوس لم يكن أبدا منحصرا في حقول الموت بسوريا والعراق. ولكنها على ما يبدو تستغرق وقتا طويلا لتعلم الدروس الأساسية من هذه المأساة.
وأعطت الصحيفة كمثال إلى قرار منظمة الصحة العالمية وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة ترفيع نظام الأسد في المجلس التنفيذي بمفارقات ذلك.
وذكرت هنا أنه في العقد الماضي حتى شهر شباط/فبراير قام هذا النظام الإجرامي بمهاجمة ودمر في بعض الأحيان حوالي 600 مستشفى وعيادة مما دفع الأطباء للعمل تحت الأرض.
وقام الأسد الذي يدعمه رعاة مثل فلاديمير بوتين بنشر الرؤية الخيالية بأن نظامه يعتبر القلعة العلمانية ضد التطرف الديني. وفي الحقيقة كان الأسد ومن معه الحاضنة لهذه القوى السامة، الذين يقدمون أنفسهم كقوة مضادة. فقد أفرغ النظام السجون من الجهاديين في عام 2011 مراهنا على اختطافهم للثورة السنية، تماما كما أثاروا الطائفية في لبنان وأرسلوا المتطرفين السنة إلى العراق المحتل من الولايات المتحدة، وكانوا بمثابة القابلة لتنظيم القاعدة الذي سبق تنظيم الدولة هناك.
وأصبح الأسد عالقا في بقايا الدولة حتى تدخلت إيران وروسيا حيث استطاع استعادة 70% من سوريا، مع أن مساحات واسعة منها يسيطر عليها أمراء الحرب والمبتزون من حلفاء الأسد. أما الباقي فهو تحت سيطرة الجهاديين والجماعات الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة. والبلد في حالة دمار كامل، فقد سوى القصف الروسي مدنا مثل حلب وحمص بالتراب. ومعظم ضحايا الحرب البالغ عددهم نصف مليون شخص هم من المدنيين. وانهارت معظم المؤسسات التي تعمل في البلاد، فيما تحولت مؤسسات في الجيش مثل الفرقة الرابعة، التي يقودها شقيق بشار ماهر الأسد، إلى قوة توفر الغطاء لتجارة الابتزاز والمافيات والميليشيات.
وتم تشريد نصف السكان ومعظمهم بدون رجعة. ويحب نظام الأقلية العلوية الذي لم يعد لديه القوة الكافية الوضع السكاني الجديد ويقوم بمنح المتربحين من الحرب رخصا لمصادرة بيوت وممتلكات اللاجئين. وقام الأسد بمهزلة جديدة من الانتخابات في الشهر الماضي، حيث انتخب بنسبة 95% من الأصوات. ورغم تبجحه فهو رهن ثلاث قوى أو في عنبر ثلاث قوى: تركيا وإيران وروسيا.
وتقوم الحكومة السورية بمنح المتربحين من الحرب رخصا لمصادرة بيوت وممتلكات اللاجئين.
وسيقابل الرئيس جوزيف بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأسبوع المقبل في جنيف، وسيلتقي مع الرئيس رجب طيب أردوغان في قمة الناتو ببروكسل. وتقوم الولايات المتحدة بالتفاوض مع إيران من أجل إحياء الاتفاقية النووية، وستكون سوريا حاضرة على كل طاولة من المحادثات.
وتعلق الصحيفة أن هذه أرض غادرة لبايدن، ولكنها فرصة للتأكيد على أن عائلة الأسد هي مصدر عدم استقرار. والطريق الوحيد هو تقارب إقليمي تقوده إيران والسعودية الدولتان المتنافستان في المنطقة وتتفقان على نظام أمني جديد، مما سيفتح المجال أمام تمويل الإعمار الذي يمكن أن ينفع دول الخليج التي تحاول تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط. وفي النهاية يمكن أن يكون سرابا أكثر منه رؤية، ولكن البدائل تظل أكثر دموية.