58
بمشهدٍ لم يظهر منذ عدة سنوات ، وقبيل اي هجوم على منطقة ما يريد النظام سقوطها او اجراء مصالحة فيها وفق شروطه ، كانت تحدث تفجيرات بمناطقه تتبنها فصائل للمعارضة سرعان ما أصبحت علامةً للجماعات الجهادية بسورية ، دون اي دليل مادي على قيامها بالعملية العسكرية سوى بيان التبني الذي يُذاع عبر معرفاتها الخاصة او تسريبات إعلامية
وهذا ما عاد اليوم مع تفجير حافلة مبيتٍ عسكرية عند مدخل مساكن الحرس الجمهوري في مدينة دمشق الذي تبناه تنظيم ” حراس الدين” وهو تنظيم مسلح مرتبط بتنظيم القاعدة ، تقاتل هذه الفضائل بسورية وفق اجندة إسلامية من منظور جهادي لا يتبع للثورة وان التقت معه بعدة جبهات ، كمحاربة النظام والايرانيين .
وكان جدل قائم حول قدرة التنظيم على إختراق مواقع للنظام وجدوى العملية وخاصة ان البيان قد ذكر سبب الاستهداف ؛ “ثأراً لدرعا” وسماها غزوة العسرة تذكيرا للسوريين بمرحلة ماقبل 2015 ، متجاوزاً الكثير من الجبهات التي تتواجد فيها قوات الفرقة الرابعة والمليشيات الإيرانية المشاركة بالقتال ضد درعا لتقوم بتفجير باص لعساكر معظمهم إداري غير مشارك بالقتال !.
وقد أدى تنبني التنظيم للعملية الى انقسام في صفوف هيئة تحرير الشام بين مؤيدين للعملية واخرين رافضين لها ، في حين اجمع السلفيين المناهضين لتحرير الشام الى مباركة وتأييد هذا النوع من العمليات .
يبقى التسائل؟!
ما سبب عودة تبني هذا النوع من العمليات؟ أو ما الهدف من تبني هذا النوع من العمليات ؟
يأتي هذا التبني برسائل كثيرة هامة تعتبر جزءاً مما يحدث على الجغرافية السورية منها:
أولاً – محاولة حراس الدين جذب عناصر من هيئة تحرير الشام الذين باتوا ممتعضين عن تصرفات الهئية بقيادة الجولاني و جناحها السياسي بما يسمى حكومة الانقاذ وخاصة المالية ، اضافة الى تسريب لقاءات للجبهة (الجولاني مع ضباط استخبارات من النظام).
ثانياً- استباق حراس الدين للحملة التي يتم التحضير لها ضدهم بعد تسريبات عن قيام معارض سوري يترأس حزب سياسي لقاء رجل الاستخبارت الامريكي المسمى براين وتسليمه وثائق حول اماكن تواجدهم ومعلومات عنهم قد حصل عليها .
ثالثاُ- إعادة تبني العملية رغم إعلان دمشق ان الانفجار حدث نتيجة ماس كهربائي قرب صهريج الوقود بالباص الذي يحتوي على نفط مكرر يدوي من الجزيرة وهو امر شائع بمناطق الادراة الذاتي الحدوث،
و يشير هذا التبني أن النظام قد اخترق تنظيم “حراس الدين” الي يحوي عناصر منه على ارتباط وتنسيق مع النظام ، فقد كانوا جزء من عملية استهداف الثورة بكل مكوناتهم وبكل اماكن تواجدهم وليس ببعيد قصة احد امرائها “ابومالك التلي” الذي قاد تسليم اماكن كثيرة للنظام.
رابعاً- ان هذا التبني لن يفيد الا بمزيد من التفتت بجبهة الجولاني وارباك موقف تركيا الضامن مما يسمح المجال باستهداف التنظيم وتنفيد ارادة روسيا بتسليم المنطقة للنظام او القيام بعمل عسكري دولي ضدهم .
وهذا امرٌ لم يعد السوريون قادرون على تحمله .
خامساُ- إظهار أن درعا على علاقة مع تنظيمات سلفية ، وبالتالي تجاوز موضوع تهجير شبان درعا بل وربط درعا بالسلفية لتوسيع دائرة الصراع باتجاه اللجاة ثم السويداء وريفها الغربي باتجاه التنف ، وهو ما يُمكنها من اغلاق الملفات ( نص -نص) والتي تعني ملفات المخيمات والمصالحات الخارجة عن سيطرة النظام.
ونلاحظ ان هذا التبني لم يخرج من اطار المناكفات الداخلية بين التنظيمات الجهادية التي من شأنها أن تقود عادة الى الفشل والخسارة .
كما حدث قبل ذلك مع حركة أحرار الشام و التيارت الاخرى ، كما أنها عنونت أن ريف إدلب سيكون أمام أحد الخيارين ( اقتتال داخلي بين اخوة المنهج تقود الى ادثارهم او حرب قوية يكون النظام هو الشرعي الوحيد ) والاهالي امام خيار الإصفاف مع النظام او مشاركته بالوقف ضد اخوة المنهج .