الرئيسية » الواقع الإقتصادي في المحرر( من تحت الدلف لتحت المزراب )

الواقع الإقتصادي في المحرر( من تحت الدلف لتحت المزراب )

بواسطة إقتصادي

اقتصادي – خاص:

مالك الشيخ علي

اقتصاد المحرر ضحية سهلة للمركزي السوري 
قبل بضع سنوات كان المحرر يعاني من تقلبات الليرة السورية وانهيارها حيث كانت العملة المعتمدة في التداول الرسمي في السوق ونتيجة تخبطات وخسائر التجار والمواطنين على حد سواء وبسبب اصدار النظام لفئات جديدة من العملة بدأت بتكرار طباعة الفئات المتداولة وان كانت بجودة اقل كالفئة 500 /1000 ليرة ثم طباعة الفئات جديدة ك (2000 / 5000 ) التي كان يريد استخدامها لتمويل العجز الذي يعاني منه كانت الدعوات ملحة لاستبدالها بعملة اكثر استقراراً تؤدي وظيفة النقد كوسيلة لتبادل السلع والخدمات والحفاظ على المستوى المعيشي المناسب للناس

قام المركزي السوري خلال السنوات السابقة بعمليات مضاربة كبيرة استخدم فيها عملائه من حيتان المال في كافة المناطق جنى من خلالها أرباح طائلة استخدمها في تمويل خزينته وآلة حربه على مدى سنوات الثورة

عند وصول سعر الصرف لليرة السورية لمستوى انهيار الدولة لم يكن امام النظام السوري الا حل حبس السيولة النقدية وتشديد العرض السلعي مما قاده الى شل عجلة ما تبقى من الاقتصاد السوري حتى يحافظ على وجود الدولة ورافق ذلك آثار واضحة في بنية الاقتصاد ودخول أجنحة النظام في معارك بينية ليس آخرها خلاف رامي مخلوف مع أسماء الأسد وباقي أمراء الحرب و وكلائهم

حبس السيولة هذا كان يتطلب سحب الليرة السورية من المناطق المحررة وحصرها في مناطقه وبيد رجال مقربين منه حتى يكون قادراً على إدارتها بالشكل الذي يحقق فيه استقرار سعر الصرف بالإضافة لاستخدام ادواته في السياسة النقدية لجذب معظم الحوالات الخارجية الواردة إلى سوريا إلى خزينته وإن كان ذلك كعملية جراحية مؤقتة حتى يستعيد عافيته على ما يبدو واضحاً الآن من خلال عودة علاقاته مع بعض دول الخليج

وبالفعل ونتيجة الإنهاك الذي اصاب اقتصاد المحرر من عمليات المضاربة التي كان يقودها المركزي السوري مع انخفاض حجم الدعم الدولي بدأ الناس يقتنعون بفكرة التخلي عن الليرة السورية واستبدالها بعملة أخرى تؤمن لهم استقرار سعري على الاقل ونفذ النظام مخططه بذلك وبدأ بسحب الليرة من مناطق إدلب والغريب ان ذلك كان بقرار من مؤسسة النقد التابعة لحكومة الإنقاذ ومن ثم تبعها مناطق عفرين واعزاز والباب تدريجياً وان غاب في هذه المناطق القرار الرسمي واخذ التخلي عن الليرة طابعاً فردياً من قبل الأفراد والشركات التجارية والصناعية وهنا لابد من الاشارة ان اعتراضات البنك المركزي والحكومة السورية كانت خجولة ولذر الرماد في العيون اي لتسجيل موقف ليس اكثر عند الاتراك والدول الفاعلة بالملف السوري.

طبعاً باعتبار المحرر يخضع للوصاية التركية كانت الليرة التركية الخيار الوحيد المتاح رغم دعوات كثير من الخبراء والمحللين الى الاكتفاء بالدولار او اعتماد الدولرة الجزئية حتى وعدم ادخال اي عملة وسيطة بالمعاملات التجارية وكون العملة التركية عملة هشة ، لكنه تم فعلاً اعتمادها عملة محلية عوضاً عن الليرة السورية

المحرر و واقع الارتباط بالاقتصاد التركي

يعتمد الاقتصاد التركي بالدرجة الاولى على قطاعات السياحة والعقارات والصناعات بأشكالها بالإضافة لامتلاكه إمكانيات زراعية كبيرة ولكنها اعتمدت بالمقابل على الاقتراض والاستثمار الخارجي وهو ما جعله رهينة للوقوع بالأزمات نتيجة اي اضطرابات سياسية خارجية او داخلية

ومن المعلوم ان الليرة التركية تعتبر من العملات الناشئة ومنذ زمن تخوض الحكومة التركية معركة سعر الفائدة ضد حيتان المال في الاقتصاد التركي ولهذه الأسباب دخلت الليرة التركية في دوامة التراجعات إذ أن تركيا تعاني ضغوطاً اقتصادية ومالية كبيرة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة تمثلت بسحب الكثير من الاستثمارات الخارجية وظهور آثار سلبية للديون المترتبة على الدولة التركية وتبعها أزمة وباء كورونا لتزداد الأوضاع صعوبة

وفي ظل هذا التراجع الكبير لسعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار يعيش المحرر الآن حالة اقتصادية يرثى لها

حقيقة المشكلة في المحرر تكمن في عدم وجود جهات حكومية ومؤسسات نقدية تحمي المواطن من تراجع القيمة الشرائية للعملة المتداولة وتستخدم ادوات نقدية في محاربة التضخم والمحافظة على المستوى المعيشي للمواطنين ،

غلاء الأسعار الحاصل بالسلع والخدمات مقارنة بين العام الماضي والعام الحالي غير معقول ويأذن بحصول مجاعات وكوارث مجتمعية فظيعة وخصوصاً ان مستوى الدخل لم يتحسن ولا يوجد أي نية لتحسينه ( أزمة المعلمين نموذج على ذلك)

استمرار الوضع على ما هو عليه ينذر بكارثة اقتصادية كون المحرر أساساً يعاني من ركود وشبه حصار إقتصادي

خطوات إنقاذ وإعادة إنعاش اقتصاد المحرر

الحلول المقترحة ربما ليست خيالية وقابلة للتنفيذ لو أن الجهة النافذة في المحرر أرادت النهوض بالواقع الإقتصادي بالإضافة إلى تحمل الفصائل والمؤسسات الثورية مسؤوليتها نحو الأمن الاقتصادي للمحرر وفيما يلي سأستعرض بعضاً منها

أولاً : يأتي في المقام الأولى رفع مستوى الرواتب والاجور للقطاع العام ( كافة الموظفين مدنيين وعسكريين) والقطاع الخاص أيضاً ولا يخفى ان هذا الأمر يقع على عاتق الحكومة التركية التي تدير كافة المؤسسات الخدمية في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون

ثانياً : قيام المسؤولين الأتراك عن المناطق المحررة بالإضافة للحكومات والمجالس بوضع ميزانية سنوية توضح ورادات المحرر المالية التي تأتي من الخارج كمساعدات اممية او إقليمية وغيرها وكيفية وآلية توزيعها وصرفها على مرافق الاقتصاد

ثالثاً : قيام المديريات والهيئات والغرف التجارية والصناعية بدورها الفعلي في حماية المنتج المحلي وتطويره وإيجاد أسواق خارجية لتصريفه لزيادة واستمرارية النشاط الإنتاجي في المحرر بالإضافة لحماية المستهلك وقيام مديريات التجارة والتموين بدورها في الأسواق

رابعاً : حصر الواردات المالية الداخلية في المحرر من معابر وضرائب ورسوم وتراخيص وتقديمها ضمن الموازنة المالية المفترض تقديمها سنوياً وبذل الجهد في تفادي الهدر والتسيب المالي وانفاق المال العام في غير مكانه.

خامساً : التوسع بتصدير منتجات المحرر الى جنوب تركيا بشكل رسمي ، و تهيئة الظروف لإقامة مشاريع استراتيجية بالمحرر .

إن تحسين الوضع الاقتصادي بالمحرر وإن كان يبدو بالظاهر تخفيف المساعدات التي تأتي للمحرر وهي تمر عبر تركيا ، والتي يتم بها الجانب الاداري وهو بطبيعة الحال يستهلك ما بين 40- 60 % من حجم المساعدات، إلا ان دفع قيام مشاريع استثمارية ممكن ان تتحول بها المحرر الى سوق حقيقة للجنوب التركي ومكمل له مما يحقق تتطلعات تركيا حول مشروع تركيا 2023 و يخفف العبئ من الخطاب العنصري الذي تستهلكه المعارضة التركية بمواجهة السياسات الحكومية.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة