الرئيسية » بسبب التأمين.. مخاوف من تغيير خريطة الزراعة في سوريا

بسبب التأمين.. مخاوف من تغيير خريطة الزراعة في سوريا

بواسطة osama

اقتصادي – خاص:

أوضح خبير اقتصادي، أن الهدف من طرح فكرة التأمين الزراعي لبعض المحاصيل المحلية، له أبعاد مغايرة لما تم الإعلان عنه، وسوف يؤدي إلى تغيير خريطة الزراعة في سوريا، ويكون باباً لدخول “أمراء الحرب” إلى المجال الزراعي.
وقال الخبير الاقتصادي يونس الكريم، إن “طرح التأمين الزراعي هو وسيلة من وسائل تطوير البنى التحتية المصرفية، وليس بهدف إنقاذ المزروعات، فهناك مزروعات أكثر أهمية من محصول البطاطا، بحاجة دعم وتأمين، مثل القمح الذي يعاني مزارعوه من خروج أراضيهم واحتراق محاصيلهم”.
وبين الكريم إن “إدخال التأمين الزراعي يسهم بنشاط المصارف وتهيئة مشروع دمشق كملاذ ضريبي آمن، فتطبيق التأمين الزراعي يحتاج لبنية مصرفية متطورة، غير متوفرة في سوريا، كما أنه لا يوجد بنى تحتية ملائمة لشركات التأمين ولا قانون يحدد شروط عمل تلك الشركات، كونها ثقافة جديدة، لم تنتشر وتصل للمجتمع بالشكل الكافي ولا يوجد بنى تحتية لتطبيقها”.
وعن متطلبات نجاح مثل هذه الفكرة، أكد الكريم ان “تطوير ونجاح فكرة بوليصة تأمين زراعي، يحتاج وجود وزارة زراعة ينص نظامها الداخلي على أن تقوم بتقديم المساعدة للمزارعين، من توفير بنى تحتية للزراعة، وأن يكون الفلاح قادراً على الوصول إلى الخدمات والمعدات وما يتبعه من وسائل نقل وغيرها، فضلاً عن أهمية توفر القدرة على تسديد رسوم التأمين نفسه، لأنه في حال اعتبرت شركات التأمين هذا المجال عالي المخاطر، ستقوم برفض منح البوليصة أو فرض رسوم عالية جداً أعلى من قيمة المحصول المؤمن عليه”، مشيراً إلى أن “ارتفاع معدل المخاطرة يتطلب بنى تحتية لشركات التأمين كلفتها مرتفعة، هذا الأمر يجعل العمل غير مجدي بالنسبة للشركات”.
“وبالتالي كل ماتم الحديث عنه لا يتعدى كونه مشروع إعلامي وهمي غير قابل للتنفيذ” على حد قول الكريم.
وعن أسباب هذا التوجه من حكومة النظام، قال الخبير الاقتصادي أن “هناك غايات مختلفة، فطالما اتجهت شركات التأمين للزراعة ستتجه بعدها المصارف، وتدعم مزارعين على حساب مزارعين وتتشكل ملكيات كبيرة على حساب ملكيات صغيرة، ما سيكون له انعكاسات كبيرة على تركز رؤوس أموال زراعية بأيدي أشخاص محددين، وسيتبعه ارتفاع معدل البطالة وارتفاع سعر القطع الأجنبي وكلفة الزراعة، لأن الدعم المتباين يقود للتوقف عن زراعات معينة لصالح أخرى مدعومة، وبالتالي سيكون التأمين أداة للتدخل وتغيير نمط الزارعة في سوريا”.
وتابع الكريم ان “تصدير جزء من محصول القمح، سيكون لاعباً في شركات التأمين، التي قد تدعم نشاطات معينة وبالتالي ستفقد المنافسة قيمها ونصبح أمام معضلة جديدة هي دخول القطاع المصرفي، فمن المتوقع أن يتحول التأمين من اختياري في المرحلة الأولى إلى إلزامي فيما بعد وفق شروط محددة كالتصدير وطرح المحصول في السوق ونقله، وهذا لن يتوقف على البطاطا بل سيتعداه إلى باقي المحاصيل، وستصبح الزراعة مشروطة، ما يغير هندسة الخريطة الزراعية لسوريا، وسيتم تحديد من يحق له الزراعة ومن لا يحق له، كما قد يتحول المزارعين عن منتجاتهم الأساسية إلى أخرى، أو يمتنعوا عن الزراعة أو يتحولوا إلى عاملين مأجورين لصالح آخرين، وتسود الفوضى التي تفضي لتمدد ملكيات خاصة على حساب باقي الفلاحين، بحيث يدخل أمراء الحرب هذا القطاع الهام”.
وأكد الكريم إن التأمين الزراعي قد يكون عاملاً مساهماً في توفير الأمن الغذائي لو كانت هناك بنى تحتية متكاملة وعدالة وقانون يحكم نشاطه، إلا أنه في وضعه الراهن الفوضوي هذا سيكون عائقاً ومؤثراً سلبياً على الأمن الغذائي الذي كانت تمتاز به سوريا سابقاً”.
وتمت في شهر يناير الماضي، مناقشة البدء بتأمين الزراعات المحمية والبطاطا (الخريفية- الربيعية)، بعد تشكيل لجنة تضم جميع الجهات الممثلة للقطاع الزراعي في سوريا.
وتقرر أن يشمل التأمين ثمانية محاصيل لم يتم ذكرها بالتفصيل، وبشكل مبدئي سيكون قسط التأمين للبيوت البلاستيكية 30 ألف ليرة سورية سنويًا، في ظل اقتراحات بأن تتحمل الحكومة 60% منه في العام الأول، و50% منه في الأعوام التالية، ونسبة التعويض عن ضرر المحصول ستصل إلى 100%، متضمنة كل الأضرار التي يُمكن أن تلحق البيوت البلاستيكية.
وتتعرض معظم المحاصيل الزراعية في سوريا لمختلف أشكال المخاطر من جفاف وصقيع وفيضانات وحرائق وأمراض، تقابلها تعويضات غير متاحة لجميع الفلاحين، ويحصل عليها عدد قليل منهم بصعوبة، ولا تغطي حجم خسائر محاصيلهم.

مقالات ذات صلة