اقتصادي – خاص:
كشف وزير المالية في حكومة النظام كنان ياغي نية الحكومة تحصيل الضرائب المستحقة عن العقود المنفذة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص، وذلك في سياق معالجة ملف التهرب الضريبي، الأمر الذي يحقق في ذات الوقت عدداً من الأهداف التي يسعى النظام للاستفادة منها في عدة ملفات وأهمها التعويم.
وقال ياغي أن “ملف التهرب الضريبي الناجم عن العقود المنفذة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص كبير جدا، حيث تم تخصيص مليارات الدولارات لمشاريع نفذها القطاع الخاص في سوريا دون معرفة وزارة المالية أي شيء بشأنه”.
وأضاف ياغي “تعمل الوزارة بالتعاون مع الجهات المعنية لمعالجة هذا الملف وبدأت منذ العام الماضي بإرسال مطالبات للمنظمات لتزويدها بالعقود الموقعة مع القطاع الخاص في العديد من المشاريع” مشدداً على أن الوزارة لن تفرط بليرة سورية واحدة من حق الخزينة العامة للدولة.
ويحظى ملف الضرائب بدرجة عالية من الأهمية والعمق بالنسبة للنظام، لأنه من الوصفات المطلوبة للحصول على تمويل من البنوك الدولية، لذلك توجد عمليات إصلاح ضريبية سريعة وعميقة وان كانت ضاغطة على السوريين في مناطق النظام.
وتعتبر معالجة التهرب الضريبي هامة وضرورية للدولة كي تتمكن من الاستمرار في دفع الرواتب خاصة بعد أن سيطرت إيران وروسيا على كثير من موارد الدولة، وانهيار العملية السورية، فضلاً عن كونه جزء من العدالة الضريبية التي تهدف بشكل او بآخر لتحقيق العدالة المجتمعية، لكن آلية التطبيق في سوريا تفشل بتحقيق هذا الهدف، وتجعل القوانين لصالح النخبة وشخصيات محددة من النظام وبالتالي يستفيد منها أمراء الحرب والمتنفذين فقط.
بدأت الاستفادة من أموال المنظمات الدولية والعقود معها عندما ارتفعت درجة الخطورة الأمنية على كوادر المنظمات الدولية عام 2013، ولجأت تلك المنظمات للاعتماد على شركات وسيطة لتقوم بالمهمات المناطة بها، وبالتالي بدأت تلك الشركات بإدارة أموال ضخمة تحصل عليها من المنظمات الأممية لتقوم بمهامها ليس فقط في مجال جمع وتوزيع البيانات بل أيضاً في مشاريع متعددة كبناء المخيمات والبنى التحتية وغيرها، بعد الحصول على موافقة من وزارة الخارجية، الأمر الذي فتح المجال أمام المتنفذين للاستفادة من تلك الأموال.
ومع تنحي رامي مخلوف في 2019 عن المشهد، بدأت “الأمانة السورية للتنمية” تستحوذ على المنظمات الإغاثية، وعلى تنوع طرق عملها، سواء تلك التي كانت تعمل تحت إدارة “جمعية البستان” التابعة لرامي مخلوف، أو حتى تلك الجهات المتنفذة التي كانت تعمل بشكل منفرد عبر عقود مع المنظمات الدولية، وبشكل يوفر لها حرية الحركة دون مسائلة قانونية.
وباتت الأمانة ترغب بإعادة ترتيب خريطة المنظمات الأممية وحصر وجودها وتعاملها فيها، فقد كانت توجد بعض المنظمات التي كانت تعمل بشكل سري، وتحصل على أموال سرية لا تمر على الأجهزة الأمنية، لكن الأمانة التابعة لأسماء الأسد، تريد جعل كل المنظمات بكل القطاعات تحت سيطرتها ومن خلالها فقط.
من جهتها، تسعى وزارة المالية إلى رفد خزانتها بالأموال الكبيرة لدعم الموازنة وتحقيق وفور بالموازنة العامة بعد رفع الدعم وتحسين شروط الحصول على القروض الدولية، إضافة لتقليص دور المنح والمنظمات الأممية بحيث تمر عبر وزارة المالية والأمانة وبالتالي حصر العمل عبر الأمانة لتصبح جميع المنح تقدم عبر الأمانة.
وبالمحصلة، لن تتمكن المنظمات الدولية من العمل في سوريا إلا عبر النظام، فليس من المستبعد أن يطلب منها الحصول على ترخيص للعمل، ما يعني الاعتراف به رسميا وتعويمه، إضافة إلى الاستفادة من الأموال والحوالات لتتم عبر البنك المركزي وبترخيص من وزارة المالية.
وقالت مؤلفة تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، نشره موقع “الحرة” في 14 فبراير الحالي، ناتاشا هول، “لا توجد مواقف كثيرة في التاريخ لشخص يرتكب جرائم فظيعة ويبقى في السلطة ويسيطر على جهاز المساعدة”. وأضافت: “إنها حلقة فاسدة للغاية يتم إنشاؤها”.
وقالت هول: “إذا كانت حكومة الأسد ستبقى، وهو ما يبدو أن الكثير من الحكومات قد استسلمت لهذا الواقع، فيجب تسوية هذا الأمر؛ لأن المساعدات ستستمر على الأرجح في هذه البيئة المعادية”.
وهناك مخاوف من أن يقل حجم الأموال المدفوعة للفقراء والمستحقين، وسيذهب التمويل لدعم النظام عوضا عن ذلك، كما قد يطالب النظام بالحصول على أسماء العاملين في ومع المنظمات مهددا بإلغاء العقود، وهذا أمر خطير لأنه سيكشف الكثير من منظمات المجتمع المدني التي تعمل بالخفاء على مستويات بسيطة لدعم الناس.
وأفاد التقرير الذي نشرته “الحرة” بأن نظام بشار الأسد يتلاعب بالمساعدات الإنسانية في سوريا بشكل متكرر من خلال منعها عن معارضيه ومنحها لآخرين.
كما ذكر التقرير إن حالات التهديدات والاعتقال التعسفي والتعذيب لموظفي الإغاثة السوريين ازدادت خلال العام الماضي.