اقتصادي – خاص:
قلل خبير اقتصادي، من حجم تأثر قيمة الليرة السورية، بالحرب الروسية على أوكرانيا، مؤكداً أن عدة عوامل بعيدة عن تلك الحرب، هي المتحكم الأساسي بقيمة الليرة.
وقال الخبير الاقتصادي يونس الكريم، إن انخفاض قيمة الليرة السورية، ليس منعكس مباشر للحرب على أوكرانيا، بل هو نتيجة تخوف نفسي من تداعيات الحرب، خاصة مع اصطفاف النظام مع روسيا علنا التي طالما دافعت عنه في المحافل الدولية.
وأكد الكريم إن العلاقات الاقتصادية بين روسيا وسوريا ليست بالحجم المؤثر، ولا يتعدى الأمر بعض السلع التي يصدرها النظام مثل الحمضيات بشكل أساسي، إضافة إلى بيع حصته من الفوسفات والأسمدة لروسيا المسيطرة على تلك الصناعة في سوريا، مقابل دفع ثمن القمح سابقاً عندما كانت تصدره لسوريا، ومنح إيران ثمن النفط أيضاً عندما كانت ترسله في الماضي.
وبالتالي لا يتم توريد القطع الأجنبي للنظام من أي تعاملات اقتصادية مع روسيا، في حين إن موجات متتالية لارتفاع الأسعار عالمياً كان لها انعكاس على أسعار السلع محلياً، وتحديداً مع اعتماد السوق السورية على البضائع المهربة من الدول المجاورة والتي ترتبط بشكل مباشر بسعر صرف الدولار مقابل الليرة، على حد قول الخبير، الذي أكد أن نسبة السوريين الذين هم تحت خط الفقر كانت ولا زالت 90%.
واعتبر الكريم إن قيمة الليرة السورية الحقيقية أقل بكثير من المعلن عنها، لكن سيطرة النظام على شركات الحوالات المالية، وعلى رجال الأعمال الذين يتحكمون بالكتلة النقدية الضخمة، إضافة للتنسيق مع مناطق الشمال التي اتجهت للتعامل بالليرة التركية، كل ذلك يؤدي في مجمله إلى ضبط شكلي ووهمي لقيمة الليرة، من أجل إبقاءها ضمن الحدود التي يتمكن التجار من تحمله للاستمرار في تزويد السوق بالسلع.
وفي ظل أزمة لجوء جديدة، فرضتها الحرب الروسية على أوكرانيا، من المتوقع أن يتجه اهتمام المنظمات الإنسانية عن اللاجئين السوريين، الذين كانوا مصدراً كبيراً للحوالات إلى سوريا، إضافة إلى موجة الغلاء العالمية على دول اللجوء حيث يتواجد السوريون، الأمر الذي سيخفض كتلة الحوالات والتي تعد عاملاً هاماً في تحديد قيمة الليرة السورية.
أما عن تأثير قرار منع التصدير على قيمة الليرة السورية، قال الكريم، إن قرار منع التصدير الأخير، يهدف إلى قطع الطريق على مطالبات بالاستفادة من الحرب الروسية، من أجل استعادة جزء من المشاريع التي استولت عليها، أي الأسمدة ودعم قطاع الزراعة كبديل، في حين أن السلع التي تم منع تصديرها ليست مصدراً للقطع الأجنبي، وترتبط في جزء منها بصعوبة استمرار تصديرها كتلك التي كانت موجهة إلى دول الخليج، حيث أن الأخيرة فرضت قيوداً على وصول البضائع بعد ضبط شحنات من الكبتاغون مخبأة فيها، الأمر الذي دفع بالأردن، كطريق للصادرات السورية، إلى فرض قيود مشددة على حدوده مع النظام.
وكانت حكومة النظام قررت يوم الأربعاء، 2 مارس الحالي، منع تصدير بعض المواد الغذائية، بحجة ضمان توفيرها في السوق المحلية، وشمل القرار مواد مثل القمح والبقوليات والبطاطا والبصل وزيت الزيتون والزيوت النباتية وغيرها.
وحول الغاية من سماح البنك المركزي للمواطنين باستلام الحوالة التي قيمتها 5آلاف دولار ومافوق بالعملة الأجنبية، اعتبر الكريم إن ذلك هو محاولة لتخفيف الضغط على التجار الذين يشتكون عدم توفر القطع الأجنبي الأمر الذي دفع كثيرين منهم لمغادرة البلاد وإغلاق أعمالهم، كما أنه نوع من التسهيلات لتلك الطبقة في إدخال وإخراج الأموال بعيداً عن القبضة الأمنية، خوفاً من خسارتهم.
إن ذلك القرار لا يستهدف الشريحة الكبيرة من المواطنين السوريين الذين لا تتعدى قيمة حوالاتهم في معظم الأوقات الـ400 دولار، في وقت تطبق عليهم قوانين متشددة فيما يخص الدولار، خاصة مع تجريم التعامل بالدولار محلياً، إضافة إلى التحقيق والمساءلة في مصدر تلك الحوالات والتي يمكن مصادرتها بتهم الإرهاب في حال كانت على سبيل المثال من لاجئين فارين من البلاد.
وختم الكريم قوله، إن النظام يعمل على تأسيس دولتين، إحداهما للأثرياء الذين يتمتعون بحرية مالية واقتصادية، والثانية للفقراء بقوانين صارمة جداً.