اقتصادي – خاص:
نشرت تقارير إعلامية، أنباء عن نية الإدارة الأمريكية استثناء المناطق التي يسيطر عليها الأكراد والمعارضة في سوريا من العقوبات المفروضة على النظام بموجب قانون “قيصر”، الأمر الذي يتوقف تطبيقه على مواقف الأطراف المعنية وتحديداً تركيا.
وحول ذلك أكد الخبير الاقتصادي يونس الكريم لمنصة “اقتصادي”، إن القرار غير قابل للتطبيق الفعلي لعدة أسباب، فمثل هذا القرار يعطي استقلالية لمناطق غرب الفرات وشرقه، وبالتالي يكرس التجزئة في البلاد، وهذا الأمر سيؤدي لاتهام أمريكا بمحاولة تفجير المنطقة العربية، وسيعطي شرعية للنظام لمجابهة خصومه وإقامة حرب عليهم، كما سيكون منفذاً تستغله الدول العربية لإعادة تعويم النظام بعد التراخي بسبب القوانين التي تخص روسيا.
وكشف الكريم إن هذا القرار في جوهره يهدف إلى تحجيم روسيا بالدرجة الأولى، إلا أن تداعياته السلبية ستؤدي لنتيجة عكسية تزيد من نفوذ موسكو.
وأوضح الكريم إن الموقف التركي يعد عاملاً حاسماً في إمكانية تطبيق هذا القرار، فأنقرة تتخوف من استقلال الأكراد وأطماعهم بإقامة دولتهم المستقلة (جنوب تركيا، شمال شرق سوريا مع كردستان العراق)، لذا ستسعى للحصول على ضمانات بعدم السير في هذا المنحى، من خلال مفاوضة الكرد على منحهم استثناءات من عقوبات قيصر، مقابل إجبارهم على إمدادها بالنفط والقمح عبر بيعه لمناطق غرب الفرات الموالية لأنقرة، لتستفيد من هذا الموضوع في ظل أزمة الطاقة والغذاء العالمية أولاً، ولتضمن ضعف الأكراد مع سحب النفط منهم ثانياً، وإمكانية التدخل متى شعرت بالخطر بحجة الدفاع عن مصالحها.
وتابع الخبير الاقتصادي، إن رفع العقوبات عن “جبهة تحرير الشام” سيقويها وسيخلق صراع بينها وبين “الجيش الوطني” بهدف ادارة المنطقة بشكل وحيد ، كما أن عدم وجود إدارة مدنية حقيقية والتخبط في تلك المناطق يجعل القرار دون فائدة للمواطنين، وقد يفتح المجال أمام شركات تركية للسيطرة على غرب الفرات، فيما ينفرد الأكراد في شرقه، ما يكرس التجزئة ويجعل أي حوار سياسي جامع للجغرافية السورية مستحيلاً، على حد تعبير الكريم.
أما عن إيجابيات هذا القرار على مناطق المعارضة والأكراد، بيّن الكريم، تصبح العمليات التجارية مع قسد ومناطق غرب الفرات أكثر شرعية، دون الحاجة لموافقة روسيا أو النظام، كما تحل مشكلة المعابر الإنسانية بعيداً عن سطوة موسكو بمجلس الامن ، وتصبح الإدارة الذاتية مستقلة في عمليات بيع وشراء النفط وإقامة الاستثمارات وغيرها من اتفاقات، ستزيد من غنى الإدارة الذاتية التي ستبتعد أكثر عن الحوار السياسي مع النظام، الذي سيخسر ما يمثل رئة اقتصادية له في حال خسارة وارداته من النفط والحبوب والطريق البري الذي له امتيازات دولية، وبالتالي تزيد عزلته السياسية وتنهي اماله بالتعويم .
وحذّر الكريم من نشاط أمراء الحرب الذين سيرغبون بزيادة تواجدهم شمال شرق وشمال غرب سوريا، أي أن أذرع النظام قد تمتد لداخل مناطق المعارضة ما قد يعرضهم للعودة إلى ظل العقوبات قانون قيصر.
وقلل الكريم من قدرة القطاع الخاص على الاستفادة من القرار لأنه يحتاج الى استثمارات كبيرة، مؤكداً أن الفائدة ستكون من خلال ما تدفعه الشركات الكبيرة لجزء من إيراداتها كضرائب لسلطات الأمر الواقع، ومن الممكن توجيهها لتحسين الخدمات أو البنى التحتية، أو حتى بشكل لاحق عبر إقامة صناعات غذائية تعود بالنفع على المواطنين.
يبدو أن سوريا بما تحتويه من قواعد لروسيا والناتو لن تكون بعيدة عن عين معركة أوكرانيا، فهل المعارك ستكون بساحات الأمم المتحدة ومنظومة العقوبات، أم أن الأمر سيتعداه الى عودة الاقتتال.