اقتصادي – خاص:
اختار الشركاء المؤسسون لشركة “وفاتيل” إنشاء شركتهم تحت تصنيف “مساهمة مغفلة” برأس مال يبلغ 10 مليارات ليرة سورية، الأمر الذي يوفر لهم ميزات وسهولة في الحركة المالية وضمن أسواق البورصة.
ويعتبر رأس مال شركة “وفاتيل” المقدر بعشر مليارات ليرة، أي مايعادل تقريباً 285 ألف دولار، أقل من رأس مال الشركتين المنافستين لها عند التأسيس عام 2001 والمقدر بـ30 مليون دولار لشركة “إم تي إن” ، و70 مليون دولار لشركة “سيرياتيل”، لكنه أكبر في القيمة الاسمية بالسوق كون الداخل السوري لازال يتعامل بالليرة السورية، وتسعير الأسهم يتم بالعملة المحلية، وحسب أرقام عام 2010، دون أن يأخذ بعين الاعتبار التضخم الحاصل، كما لم يحدث تغيير بالبنية الإدارية لسوق الأوراق المالية أو تأسيس الشركات وفق القانون رقم 29، وهي ليست الشركة الأولى التي استفادت من هذه ثغرات بالقوانين السورية إنما معظم شركات التي تأسست بعد ٢٠١٥ لأمراء الحرب استغلت ذلك .
وتحدد الشركة المساهمة المغفلة على الأقل بثلاث مساهمين لهم أسهم متساوية، ويسمح لهم بإدارة الشركة من خلال مجلس إدارة، ويتم من خلال دفع قيمتها، وفي حال تخلف أحدهم عن الدفع، يتم منحهم ستة أشهر لاستكمال القيمة.
وبالتالي إن مثل هذا النوع من الشركات لا يحتاج لتجميد مبالغ كبير للشركاء، فرأس مال التأسيس هو ضمانة للدائنين حتى تصفية الشركة لذا لا يمكن التصرف به، حين إفلاس أو خروج أحد الشركاء مما يسهل خروجه وتبديل الشركاء.
ويتميز هذا النمط من الشركات بأنه سهل التوسع، ويسهل تصغير رأس مال الشركة على عكس الشركات محدودة المسؤولية، كما يمكنها بسهولة الحصول على قروض من البنوك والتداول بالبورصة.
ولا تتأثر هذه الشركات بتغير القيمة السوقية للشركة، وهو أحد أهم الأسباب التي دفعت بمؤسسي “وفاتيل” لاختيار إنشاء شركتهم كمساهمة مغفلة، فضلاً أنه لا يمكن لأحد الشركاء التصرف بحصته دون موافقة الآخرين ما يضمن التحكم بهم، فتمنع وصول الأسهم لأطراف غير مرغوب بها تحت أي ظرف كان، وهنا لابد من الإشارة إلى أنه يمنع تداول الأسهم العينية أو النقدية أو الحصص أو توزيع الأرباح أو طرح اسهم جديدة، قبل مرور ميزانيتين ماليتين كاملتين أي سنتين، إضافة إلى ضرورة تحقيق ربح بمقدار 5 % من رأس الشركة على الأقل، وبالتالي تستطيع الشركة التصرف بالأموال بسهولة كون رأس مال صغير، كما أنه من المسموح أن يتنازل مؤسس لآخر عن حصته.
وتتميز الشركات المساهمة المغفلة بسهولة إدراجها في البورصة، كما يمكنها ممارسة أعمال البنوك والتأمين، أي تدعم التحكم بسيولة السوق وخلق طبقة من التجار الموالين لها، ما يمكنها من استثمار أموال الآخرين.
أما أصول الشركة الجديدة، فكيف ستتم إدارة أعمالها، وهو ما أجابت عنه وزارة اتصالات النظام، حين سمحت لها باستخدام أصول الشركتين المنافستين “سيرياتيل” و”إم تي إن”، واستخدام البنى التحتية لهما من أبراج، دون ذكر صالات العرض والكادر البشري.
وقامت “وفاتيل” بالإعلان عن وظائف برواتب أعلى من منافستيها، مستفيدة من انخفاض القدرة الشرائية لجذب الموظفين المدربين لدى الشركات المنافسة، معتمدة على نفوذ أصحاب الشركة الحقيقية، والمشاكل التي حدثت مع الشركات الأخرى خلال محاولات الاستحواذ على أصولهما.
ومن الميزات التي منحتها حكومة النظام لـ”وفاتيل” إعلانها كأول مشغل يستخدم الجيل الخامس، ما يشير إلى وجود حصة لها مع مؤسسات الدولة والحصول على حصة رئيسية فيما يسمى الحكومة الالكترونية، فضلاً عن تجاوز العقوبات باستيراد أحدث أجهزة من “أيفون” قبل حتى عدة عواصم عربية كبيرة كدبي.
استفادت “وفاتيل” من المشاكل القانونية والضغوط التي تعصف بالشركتين المنافستين، كما أن الضجة الإعلامية التي تثار حول الشركة ستسمح لعقود قديمة بين إيران والنظام بأن تتسلل لشراء أسهم شركة “إم تي إن” وسيرياتيل”، كبديل عن إقامة مشغل خليوي خاص بها.
إن تأسيس الشركات على أساس البنية القديمة للقوانين التجارية، لا يضيف أي قيمة حقيقية للاقتصاد السوري ويحرمه من إيرادات التحصيل الضريبي كما يشجع لعمليات غسيل أموال كبيرة من خلال الفرق بين القيمة الاسمية والسوقية لهذه الشركات.