اقتصادي – خاص:
التقى رئيس النظام بشار الأسد بنظيره الإماراتي حاكم أبو ظبي محمد بن زايد، وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في زيارة مفاجئة قام بها لأول مرة منذ حوالي 11 عاماً، كما تعتبر هذه الزيارة أيضاً الأولى التي يقوم بها رأس النظام لدولة عربية منذ انطلاق الثورة السورية.
وقد بدأ المحللون تحميل الزيارة في طياتها دلالات كثيرة، من تغير مواقف الدول العربية من النظام، الى دور جديد للإمارات في تعويمه، رغم ان الامارات خلال السنين الماضية كانت تسعى بجهود حثيثة تكللت جميعها بالفشل .
ويخفي توقيت استقبال بشار الأسد الآن في دبي الكثير من القضايا الخليجية البحتة التي لا تأخذ في اعتباراتها الملف السوري كقضية هامة، فهذا الاستقبال يندرج من باب الاعتراض الخليجي على السياسة الأمريكية التي يبدو من وجهة نظر الخليجية أنها لم تعد تلتزم باتفاقية باتفاق “كويسني” أو ما يعرف باتفاق “النفط مقابل الأمن” الذي وقع في 14 فبراير/شباط 1945 بين الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت مع الملك الراحل عبد العزيز بن سعود مؤسس المملكة السعودية.
ونتيجة لذلك يحاول الخليجية حشد تحالفات جديدة ابتداء من العالم العربي، الأمر الذي يحتاج إلى نوع من الاستقرار السياسي بالمنطقة، الغير المتوفر في ظل هشاشة السياسة الناجمة عن التذبذب الأمريكي – الأوروبي بالتعامل مع المخاوف الامن الخليجي، والذي تعمل الصين على استغلاله لمهاجمة الخاصرة الرخوة لأمريكا وأـوروبا.
وتؤكد زيارة الأسد لدبي دور النظام في التوسط بين إيران والخليج العربي منذ مايو العام الماضي، والتي تكللت بزيارة لطحنون بن زايد مستشار الأمن الوطني الإماراتي إلى إيران، مما يعطي دفع لإمارة دبي بان الاستقرار السياسي لازال بأعلى درجاته وإنها ملاذ آمن للاستثمار، وبهذا السياق فإن استقبال لشخص الأسد، يثبت مقولة أنها ملاذ آمن لكل المجرمين، وفيها دعوة صريحة للروس لاستقدام أموالهم إليها، وهو ما يعتبر افشال لجهود الحرب الاقتصادية للناتو لإيقاف الحرب وثني بوتين عن الاستمرار بالحرب، فضلاً عن استغلال الحرب الروسية_ الأوكرانية من أجل كسر قانون العقوبات “سيزر”، وبما يمهد لكسر عقوبات كثيرة تفرض من الأمريكان بأماكن مختلفة بالعالم تحتوي على استثمارات خليجية ومنها روسيا، مما يؤمن لها الحماية ويجعلها خارج نطاق الحرب بين روسيا والناتو، وخاصة ان تصريحات أمريكية واوربية منذ فترة اشارت الى استمرار العقوبات ومنع تعويم النظام السوري مما قاد الى اجهاض عودته الى كرسي الجامعة العربية.
وتعتبر مثل هذه الزيارة إحراج صريح لوزراء أوروبا الذين قاموا وسيقومون بزيارة الإمارات والخليج العربي في الفترة الحالية، حيث من المقرر أن يقوم وزير الاقتصاد الألماني بزيارة يوم السبت 19 مارس الحالي، إلى قطر والإمارات في إطار مساعي ألمانيا تقليص الاعتماد على واردات الطاقة من روسيا عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وليس من المستبعد أن يطلب الأسد من الإمارات أن تحجز على أموال مخلوف، وتدعم لبنان أمام صندوق النقد الدولي، وإعادة العلاقات مع السعودية والضغط على تركيا بخصوص دعمها لمناطق غرب الفرات والعودة الى اتفاق أضنة، إضافة لتسهيل التجارة البينية، الأمر الذي لن يكون سهلاً بسبب ارتباطه بتجارة الكبتاغون.
ويبقى السؤال، هل تتخذ دول الخليج العربي موقفاً واحداً إزاء تفعيل علاقتها مع النظام السوري؟ وما علاقة الأمر من اعتبار قطر حليفاً لواشنطن من خارج الناتو دوناً عن السعودية والإمارات؟ وهل سيفعّل قانون قيصر تجاه الإمارات أم أن ضخ النفط سيحميها من ذلك؟ ماهو موقف بايدن في حال عدم فرض عقوبات على الإمارات، بعد تأكيده مراراً وتكراراً بعدم موافقتها على جهود التطبيع مع الأسد؟
ما هو موقف المقاومة الدولية في أوكرانيا من التواصل مع حليف بوتين الأول بشار الأسد، في وقت تحتوي فيه قاعدة حميميم العسكرية على أسرى أوكرانيين قاتلوا الروس، اضافة لشخصيات اوكرانية موالية للروس سلموا مناطق من أوكرانيا؟
هل تتمكن الإمارات والسعودية والخليج عموماً من تحمل ثمن تصرفاتهم، وخاصة أنهم يمنحون أجهزة الاستخبارات الغربية الحجة لتغير المشهد السياسي بالخليج بحجة تجاوز الخليج للقانون الدولي والإضرار بمصالح الأمن القومي الداخلي كما ينص قانون سيزر في مقدمته !.