اقتصادي – خاص:
أعلنت حركة “أنصار الله اليمنية” استهداف منشآت “أرامكو” في جدة، ومنشآت حيوية في العاصمة السعودية بدفعة من الصواريخ المجنّحة، حيث يحمل توقيت العدوان الأخير، رسالة من إيران تضع دول الخليج أمام مجموعة من الخيارات الصعبة.
جاء قصف الحوثيين لمصافي شركة “أرامكو” السعودية، ليوجه رسالة مفادها فشل رأس النظام السوري بشار الأسد بالتوسط بين إيران والخليج العربي، خاصة وأنه جاء عقب زيارة الأسد إلى الإمارات في 18 مارس الحالي، التي عقبها زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق.
ومع دلالات الفشل، خسرت سوريا فرصتها بالعودة إلى المحيط العربي من جديد لتلافي العقوبات واستعادة شرعيتها، كما فقد النظام الدعم الاقتصادي الذي كان من الممكن أن يحصل عليه من الإمارات والخليج عموماً، في حين أن استهداف السعودية دون الإمارات سيدفع بالأخيرة إلى خيار صعب يتمثل بتفعيل عمل “ألوية العمالقة” لمحاربة الحوثيين مجدداً.
ومن جانب آخر، وبعد مشاركة طهران في معرض “ديمدكس” في الدوحة، سيتوجب على قطر الضغط على إيران تجنباً لعودة التوترات فهذه المرة لن يكون الحليف التركي إلى جانبها، كما أنه لا يمكن الوثوق بالجانب الأمريكي.
أما حول الهدف الكامن وراء استهداف مصافي “أرامكو” فهي لا تتعدى كونها محاولة للضغط على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من أجل تخفيف الضغط السعودي على واشنطن للتشديد على الاتفاق مع إيران، والقبول بالاتفاق مقابل تهدئة الملف اليمني، وتحمل الضربات رسالة من إيران بأن السعودية ليست الحل طالما يتم إقصاء طهران من معادلة الحل النفطي، والإسراع بتنفيذ الاتفاق النووي وفق الإرادة الإيرانية هو حل لمعضلة ارتفاع أسعار الطاقة العالمية .
وأدت الضربات على “أرامكو” السعودية إلى ارتفاع أسعار النفط في العالم، حيث ارتفع خام برنت 1.20 دولار أو 0.7% إلى 119.92 دولار للبرميل، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.04 دولار أو 0.9% إلى 113.34 دولار.
وتم تنفيذ الضربات يوم الجمعة تحديداً، لأنه يوم يسبق مباشرة عطلة البورصات، ما يعطي السعودية فرصة للتفكير بالحلول، التي قد تكون قبول الاتفاق النووي وهو ما سوف يسعد جو بايدن المتلهف لهذا الاتفاق، أو قبول صفقة الحماية من أميركا مع انكسار شوكة ابن سلمان الذي كان يحاول كسب اعتراف منها بأنه حليف رئيسي خارج “الناتو”، وبالتالي انصياع للإرادة الأمريكية، كما من الممكن أن تلجأ الرياض للتواصل مع الصين للتوسط في الحل، ما يعني صعود أسعار النفط عالمياً باتجاه ١٥٠ دولار، وكسب معاداة واشنطن وبالتالي قد يصبح بن سلمان هدفاً للاستخبارات الأمريكية للإطاحة به، وكل تلك الحلول بالمجمل تسعد جو بايدن الذي يرغب بعزل السعودية إلى حد ما.
أما في حال التزمت السعودية الصمت تجاه الضربات، سيتسبب ذلك بخسارة للعالم كله بما فيه السعودية، فارتفاع أسعار النفط سيترافق بارتفاع أسعار السلع وتضخم جامح بجميع اقتصاديات العالم.
إن العالم الآن يعيش مشكلتين رئيسيتين لا يوجد حل بالأفق لهما، أولهما العجوز جو بايدن، وثانيهما القيصر المنبوذ فلاديمير بوتين.