اقتصادي – خاص:
يثير التقارب السوري الإماراتي العلني في الفترة الأخيرة تساؤلات عن مدى جدية الإمارات في الاستثمار في سوريا، والفائدة المرجوّة للطرفين من هذا التقارب، حيث تم إدراج الطرف الإماراتي إلى جانب كل من روسيا وإيران كمستثمرين لمشروعات مقبلة في سوريا.
وأعلن المدير العام لهيئة الاستثمار التابعة للنظام السوري، مدين دياب، يوم السبت 16 أبريل الجاري، أن الإمارات وروسيا وإيران ستقوم قريباً باستثمارات كبيرة في سوريا.
ويأتي التقارب الإماراتي السوري على خلفية العديد من الأسباب، أولها فشل المعارضة بمد أواصر تقارب مع الخليج، فاعتبرت الخليج أن نظام الأسد أفضل من المجهول، مايعتبر خسارة للمعارضة في ظل عدم قدرتها على إنتاج أي برنامج لإعادة الإعمار، وعدم معرفتها ببنية الإمارات، الأمر الذي استفاد منه النظام وجعل الإمارات ملاذاً لعائلة الأسد.
ترى أبو ظبي في سوريا أهمية خاصة في حال نشوء “أوبك غاز” الذي كان محور حديث عدة سنوات مضت، فمعظم خطوط نقل الغاز، كان مخططاً لها المرور من قطر وإيران باتجاه سوريا فالمتوسط، وهذا دفع الإمارات للبحث عن صيغة تضمن وجودها في سوريا لاستثمار أموالها والمشاركة في إدارة منظمة “أوبك غاز”.
ترى دبي المهتمة بقطاع العقارات وبناءها، في سوريا بوابة لمشروع إعادة إعمار العقارات في منطقة العراق ولبنان وسوريا، إضافة إلى أنها ترى أنه يمكن الاعتماد على سوريا كحليف يدافع عن الإمارات في حال وجود خطر بالملفات الحساسة، مع امتلاك سوريا جيش قوي، وحضور مؤثر في الملف العربي العربي.
اعتبرت الإمارات سقوط النظام في دمشق خطراً يهدد بانتقال “الربيع العربي” إلى دول أخرى تحتضن مشاريع إماراتية، وذلك سيضر بمصالحها في تلك الدول، في حين ترغب الإمارات بالحصول على ميزات استثمار في ميناء اللاذقية أو بيروت، وبناء شبكة طرق وبنى تحتية تصل تركيا والخليج وشمال إفريقيا كنوع من الاستثمار، وخاصة بعد تعافي اقتصادها من تداعيات كورونا، ووجود فوائض مالية تبحث عن استثمارها في الخارج، كما يمكن أن تحقق ذلك عبر تنفيذ مشاريع في قطاع النفط والطاقة المتجددة بسوريا، خاصة وأنها كانت مشاريع قديمة لها في تلك المنطقة، فضلاً عن مشاريع سياحية وصناعية وزراعية بما يجعل سوريا خزاناً غذائياً للإمارات.
ويمكن للنظام أن يحقق فوائد عديدة من تقاربه مع الإمارات، لناحية كسر عزلته الدولية والاقتصادية، وتعويمه وفك العقوبات عنه، بينما تحقق الإمارات بتلك العلاقة تعويماً سياسياً لها بما يعطيها دفعاً على مستوى مجلس التعاون الخليجي، وإعادة بناء العلاقات مع إيران كصديق مشترك، فضلاً عن بناء سمعة لدبي كملاذ آمن لأموال عملاءها رغم العقوبات عليهم، وهذا يدفع زعماء الحرب بالعالم ليضعوا أموالهم فيها.
بالمقابل، تبقى عقوبات قيصر وتعقد المشهد الدولي بسبب الصراع الروسي مع حلف الناتو، إضافة لعدم وجود علاقة واضحة للنظام مع إيران، واعتباره غير صاحب قرار نهائي في الملف السوري، عوامل غير مشجعة لرجال الأعمال الإماراتيين ليضعوا أموالهم في سوريا، بينما تشكل مناطق الشمال السوري الواقعة تحت سيطرة “قسد” صورة جاذبة خلاف مناطق النظام، وبالتالي قد نشهد قيام استثمارات إماراتية حقيقة في تلك المناطق.