اقتصادي – خاص:
أثارت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول مشروع لإعادة مليون لاجئ سوري طواعية إلى شمال سوريا، مخاوف اللاجئين ومنظمات حقوقية من مصير هؤلاء اللاجئين، في وقت تزيد فيه صراعات انتخابية داخل تركيا هواجس السوريين المهددين بالترحيل في حال وصول أحزاب المعارضة إلى السلطة في أنقرة.
وحاول أروغان تهدئة المخاوف بوعود بأنه “لن يرسل أبدًا اللاجئين السوريين إلى بلادهم بالقوة”، مشيرا ًإلى أن “بابنا مفتوح على مصراعيه وسنواصل استقبال (السوريين). لن نعيدهم إلى أفواه القَتَلة”.
بالمقابل، يهدد “حزب الشعب الجمهوري” وهو أكبر أحزب المعارضة أنه إذا وصل إلى السلطة في الانتخابات التشريعية والرئاسية في حزيران/يونيو 2023، فسيغادر جميع السوريين تركيا “خلال عامين”.
وأعلن أردوغان الأسبوع الماضي أنه يحضّر “لعودة مليون” سوري إلى بلدهم على أساس تطوّعي، من خلال تمويل استحداث ملاجئ وبنى مناسبة لاستقبال سوريين في شمال غرب سوريا، بمساعدة دولية.
وتفتقر مناطق شمال سوريا لأي مقومات اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية تجعلها قابلة لاستقبال مليون لاجئ، فمن الناحية الأمنية هناك مستويين من التهديدات، تتمثل أولها بالصراع بين “الجيش الوطني الحر” وبين “جبهة تحرير الشام”، وثانياً التهديد الذي يشكله أمراء الحرب العاملين في تجارة المخدرات والذين باتوا يفرضون أتاوات على القاطنين هناك.
ومن الناحية الاجتماعية، تشهد مناطق إدلب عامة نعرات قبلية إثنية كبيرة، وإعادة اللاجئين إليها سيزيد سوء الوضع ويفاقم التحزبات، وهذا سيضعف المعارضة والقضية السورية، خاصة وأن المساحة الجغرافية ضيقة بالنسبة للعدد الهائل المعلن عن إعادته، وهذا سيشكل عبئاً اقتصادياً من ناحية توفر الغذائيات والبنى التحتية والكهرباء، ما قد يجعل أولئك العائدين ضحية سهلة لتشغيلهم في أعمال غير مشروعة كتجارة المخدرات، بسبب تردي الوضع والفقر، فضلاً عن أنهم قد يتحولوا إلى وقود لأي حالة تطرف ديني تنشأ هناك.
ومن ناحية أخرى، سيرى النظام في أولئك العائدين فرصة ذهبية لاقتناصها من حيث استغلال سوء وضعهم واستمالتهم، بحيث يمنحونه غطاء لتدخل عسكري في المنطقة.
إن تمويل تنفيذ هذا المشروع سبق وأن طلبته تركيا من الأمم المتحدة ومن مؤتمر بروكسل، إلا أنه بالشكل العام فعل لا إنساني ويشبه الاتفاق البريطاني الروندي، ونتائجه ستكون حصر اللاجئين في أماكن معزولة وتركهم لمصيرهم.
فمنذ العام 2016 وبدء العمليات العسكرية التركية في سوريا، عاد نحو 500 ألف سوري إلى “المناطق الآمنة” التي أنشأتها أنقرة على طول حدودها مع سوريا، بحسب أردوغان.
ودُشّنت أول منازل مجمعة والبنية التحتية اللازمة لاستقبال اللاجئين السوريين العائدين في 3 أيار/مايو في مخيم كمونة في منطقة سرمدا. وهو مشروع ممول من أنقرة.
يشار إلى أن تركيا تستضيف أكثر من 3,6 مليون لاجئ سوري على أراضيها بموجب شروط اتفاق تم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي في عام 2016. وقد شهد العام 2021 توترات متزايدة بين النازحين والسكان المحليين الذين يواجهون أزمة اقتصادية ومالية خانقة.