اقتصادي – خاص:
واصلت قوات النظام انتشارها في عدة قرى ومناطق حدودية شمالاً ضمن الأراضي التي تسيطر عليها قوات “قسد” التي قالت إن ذلك يتم بدعوة منها وبموجب تفاهمات برعاية روسية بدأت منذ عام 2019، بالمقابل لاتزال عملية عسكرية تركية قيد التجهيز مجهولة المصير بعد التطورات الأخيرة في المناطق المستهدفة.
ويثير دخول قوات الأسد إلى مناطق “قسد” التساؤلات عن تأثير هذه الخطوة في مصير الملف السوري، وعلاقة الأطراف الدولية فيه، خاصة وأن هذا الانتشار تزامن مع أنباء عن مفاوضات تشكيل حكومة سورية جديدة تكون قسد طرفاً فيها.
إن دخول النظام إلى مناطق “قسد” إنما يدل على عدة أمور، ولا يمكن قراءتها إلا بالعودة إلى الأحداث السابقة لهذا الحدث، فهناك اتفاق مسبق بين الطرفين ينص على أن تندمج قوات “قسد” بتشكيلاتها الحالية بما يماثلها من تشكيلات عسكرية لجيش النظام وان تشترك قسد ضمن اركان الجيش السوري، وبما ان قسد تملك اجهزة استخبارات فإن هذه الاجهزة ايضاً تنخرط ضمن اجهزة النظام ، وهذا يضعف المؤسسة الأمنية للنظام والتابعة لرئاسة الجمهورية، وبالتالي رفض النظام هذا الطرح من قبل رئيس مكتب الامن الوطني ، فدخول “قسد” في الجيش المتهلهل للنظام، سيجعل منها جزء مهماً والقوة البارزة فيه ، عدى أنه ستشكل قوات “قسد” جهازاً أمنياً بغض النظر عن تبعيته، وهذا الجهاز يصبح أساسي وخاص بقسد ، كما يمكنها من الاطلاع على كل الملفات الامنية ، وهذا يعتبر أمراً في غاية الأهمية والحساسية.
النقطة الثانية، طالبت “قسد” بوجود 3 وزراء لهم في الحكومة السورية على أن تكون إحداها سيادية، وهذا يعني أننا الآن أمام تشكيل حكومة سورية قد يكون رئيسها من “قسد”، وذلك تلافياً لمنحهم وزارة سيادية تتيح لهم الاطلاع على الملفات السرية، فضلاً عن أن الوزارة السيادية مرتبطة مباشرة بالقصر الجمهوري وهذا أحد أسباب رفض النظام التخلي عن وزارة سيادية، لذا لتلافي حصول ذلك و تقرباً من أميركا وكسر العقوبات من خلال استثناءات قانون قيصر، قد يمنح النظام لهم منصب رئيس الوزراء على أن يكون من الطائفة المسيحية أو اليزيدية من ضمن صفوف “قسد”، ومن المعتاد في تشكيل الحكومات السورية، أن تحصل المناطق الشرقية على وزارات بمكون مسيحي، و”قسد” تحتوي هذا المكون الذي قد يكون مندوبها في الحكومة السورية القادمة.
أما عن تأثير الاتفاق على التواجد الدولي في سوريا، يمكن القول بأن أميركا سمحت لـ”قسد” بالاتفاق مع النظام ودخول قواته إلى مناطقها، مايعني وجود معضلة جديدة على عدة مستويات، مثل ما مصير استثناءات قانون قيصر والعقوبات؟.
حيث أحد البنود السابقة كانت، وضع هيئة رقابية مشتركة على المنشآت النفطية لإعادة توزيع إنتاجها (هذه الهيئة هي أقل من مرتبة وزارة النفط السيادية، إلا أنها تمتلك صلاحيات واسعة تصل لدرجة الخصخصة)، أيضاً ما مصير القوات الأمريكية وكيف سيتعاملون مع نظام الأسد وقانون قيصر الأساسي؟ كذلك يدفع
انتشار قوات نظام الاسد الى دخول القوات الرديفة للنظام من إيرانيين وروس للتساؤل عن كيف سيكون وضع القوات التركية وحلفاء المعارضة؟
بالمقابل، يشكل دخول “قسد” في حلف مع النظام، خسارة كبيرة للمعارضة السورية، تيار “مظلوم عبدي” الذي كان يقف بوجه تيار pkk الموالي لنظام الأسد، التي باتت مناطقها محصورة شمال غرب الفرات، وهذا سيؤثر حكماً على وضع المفاوضات الدولية بعد فقدان المعارضة مساحات جغرافية هامة كانت محسوبة لها، فكيف سيكون مصير جنيف؟ وهل سترضخ الأمم المتحدة بنقل المفاوضات إلى دبي أو إسطنبول بضغط روسي لتتخلى تركيا عن الملف السوري، خاصة وأن القوات الروسية والإيرانية ستحاصر قوات المعارضة التي تشكل مصدر القلق الأساسي لأنقرة، وبالتالي قد ينتهي الأمر بأن توقع تركيا اتفاقية مع النظام.
فأميركا ستكون أقل قدرة على التدخل بالشأن السوري، بعد أن كانت لاعباً أساسياً فيه، ليصبح مصيره بين تركيا وروسيا وإيران.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في 7 يوليو الجاري، التوصل إلى خطة دفاعية مشتركة مع قوات النظام، على أن يتم تشكيل غرفة عمليات عسكرية ونشر المزيد من القوات الحكومية في مناطق “قسد” شمال شرقي البلاد لصد هجوم محتمل تشنه تركيا التي تريد إقامة منطقة آمنة على حدودها مع سوريا.
وجاء ذلك عقب اتفاق مبدئي جديد بين قوات سوريا الديموقراطية (قسد) والنظام السوري في محافظتي الحسكة وحلب دخل حيز التنفيذ في 18 أبريل الماضي، بعدما أزيلت آخر الحواجز الأمنية وفتحت الطرق في محيط مطار القامشلي ومربعات النظام الأمنية.