الكاتب: نيرودا الحسين
طرحت تيك توك في الآونة الأخيرة ميزة التسوق من داخل التطبيق في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك من خلال أداة يتم اختبارها حاليًا تحت اسم “TikTok Shop” (سوق تيك توك)، والتي تسمح لمستخدمي المنصة بشراء المنتجات مباشرة من خلال التطبيق. يعد هذا التطور هامًا جدًا بالنسبة لتيك توك، إذ لطالما كانت التجارة الإلكترونية محور تركيز الشركة، حيث تواجدت ميزة التسوق من داخل التطبيق هذه سابقًا في المملكة المتحدة، وإندونيسيا، وبعض الدول في جنوب شرق آسيا. لتعزيز دخول تيك توك إلى الأسواق الأمريكية، سمحت الشركة للتجار والعلامات التجارية المتواجدة في الولايات المتحدة الأمريكية بالاشتراك في سوقها الإلكتروني، لتفتح أمامهم الأبواب أمام كمّ هائل من من المستهلكين المحتملين، والمهتمين بمنتجاتهم، قائلةً في موقع المنصة الرسمي أن ميزة سوق تيك توك هي ميزة جديدة ومبتكرة، تُمكن العلامات التجارية ومنشئي المحتوى من عرض منتجاتهم وبيعها مباشرة عبر تيك توك، من خلال مقاطع الفيديو والبث المباشر، وتبويب عرض المنتجات. وفقًا لموقع تيك توك، يجب على الشركات التجارية الأميركية التي ترغب بالاستفادة من سوق تيك توك الإلكتروني، تقديم وثيقة تسجيل الشركة، أما بالنسبة للأفراد، فعليهم تقديم جواز سفر، أو رخصة قيادة صادرة في الولايات المتحدة الأمريكية.
قيود متجر تيك توك الإلكتروني
سوَّقت تيك توك ميزة التسوق من داخل التطبيق، بأنها عالية الجودة، وإنها ستقدم تجربة أفضل للمستهلك، وأن الشركة ستضمن مع هذه الميزة تعاوناً سلساً مع منشئي المحتوى، والتجار الذين سيتعاملون مع المتجر الإلكتروني، وذلك علاوة على أن التسجيل مجاني، لكن بالمقابل لا بد أن تستفيد تيك توك من المتجر، هذه الفائدة تأتي على شكل عمولة تأخذها الشركة مع كل عملية بيع. فرسوم العمولة لكل منتج يتم بيعه هي 5 بالمئة، لكن في أول 90 يوماً من التسجيل ستكون 1.8 بالمئة فقط.
أسباب التوجه تيك توك إلى التجارة الإلكترونية
- انخفاض توقعات إيرادات الإعلانات
حسب تقرير لوكالة بلومبيرغ، فإن شركة تيك توك خفضت توقعاتها لإيرادات الإعلانات لعام 2022 بمقدار 2 مليار دولار أميركي، وهذا ما بيّنه الرئيس التنفيذي للشركة، شو زي تشو، خلال اجتماع مع عدد قليل من الموظفين، إذ قدرت “ByteDance”، الشركة الأم لتيك توك، في وقت سابق، أن إيرادات الإعلانات الخاصة بالعام الحالي ستبلغ 12 مليار دولار أمريكي، ولكن تم التوضيح في الاجتماع بأنها ستنخفض لتصبح قرابة 10 مليارات دولار أميركي.
- خسائر تيك توك الهائلة
نشرت صحيفة وول ستريت تقرير مالياً تمت مشاركته مع موظفي شركة تيك توك، لتكشف عن تفاصيل متعلقة حول أداء شركة ByteDance بين عامي 2020 و2022، مبينًة بأن الشركة تكبدت خسائر تزيد عن 87 مليار دولار أميركي، ونسبت الصحيفة هذا الرقم الهائل إلى عدد من العوامل، بما في ذلك النفقات الكبيرة التي تقوم بها الشركة سنوياً.
عالم التجارة الإلكترونية وازدهاره
يمكن اعتبار بداية نجاح هذا النوع من التجارة، هو عام 2020، وبالأخص منذ انتشار جائحة كوفيد-19 وذلك بسبب فعاليتها العالية في التعامل مع وضع التباعد الاجتماعي آنذاك، ولكنها حتى العام الحالي ما زالت التجارة الإلكترونية تنمو بشكل مستمر، إذ ازداد انتشارها بنسبة 3 بالمئة مقارنة بعام 2020. أما بالنسبة لمعدل صرف المستخدمين عندما يتسوقون من داخل التطبيقات، فإن عائدات هذه المتاجر ازدادت هذا العام بنسبة 91 بالمئة مقارنة مع عائداتها عام 2020. وفي عام 2022، مبيعات التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة الأميركية وحدها من المتوقع أن تتجاوز 432 مليار دولار أمريكي، وهذا ما يقارب ضعف مبيعات عام 2021، التي بلغت 222 مليار.
تيك توك وتحدي أمازون
شركة أمازون تعتبر من العمالقة في مجال التجارة الإلكترونية، كونها وحتّى عام 2022 الحالي، ما زالت تستولي على 37.8 بالمئة من سوق التجارة الإلكترونية الأميركية، لكن في الوقت نفسه لا يمكن إهمال نمو تيك توك المتسارع في هذا المجال، حيث قد بدأ هذا النمو بتشكيل تهديد على منصات التسوق الإلكترونية وبالأخص أمازون، فوفقًا لسلسلة من قوائم الوظائف التي نشرتها شركة تيك توك على موقع لينكد إن، فإن الشركة قامت بجمع موظفين في مجال الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية في مدينتي سياتل ولوس أنجلوس، للإشراف على تصميم وإنشاء شبكة تجارية خاصة بها في الولايات المتحدة الأميركية.
كما بيُنت قوائم الوظائف حاجة تيك توك إلى خبراء حلول الأعمال، ومدير تطوير تجاري مسؤول عن تطوير خدمة التجارة الإلكترونية الخاصة بالشركة في مدينة سياتل، كجزء من شبكتها اللوجستية في الولايات المتحدة، وذلك بالإضافة إلى احتياج تيك توك إلى مسؤول عن بناء أسس تشغيل أعمال التجارة الإلكترونية الخاصة بالشركة أيضًا في الولايات المتحدة. حتى الآن ليس هناك أية دلائل عن أن تيك توك تخطط لبناء وحدة نقل خاصة بها مثل أمازون، إذ تشير قوائم الوظائف إلى أن الشركة ستعمل مع البائعين للتعامل في مجالي الشحن والنقل، كما أن حاجتها إلى إدارة الخدمات اللوجستية، تشير إلى أن تيك توك تتطلع إلى ميزة إرجاع المنتجات بشكل مجاني، كما هو الحال مع أمازون.
يمكن القول إن بناء تيك توك سلسلة توريد إلكترونية خاصة بها بات أمراً مؤكّداً، وهو ما سيزيد من أرباحها في الولايات المتحدة وحول العالم، وذلك علاوة على حقيقة أن الشركة لديها تجربة سابقة في مجال السوق الأميركية، إذ أطلقت ميزة التسوق الإلكتروني في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا العام الماضي عندما تعاونت مع منصة التجارة الإلكترونية الكندية متعددة الجنسيات “Shopify”.
مستقبل متجر تيك توك
يعتقد البعض بأن متجر تيك توك القادم سيشكل تهديدًا للمتاجر الإلكترونية أمثال أمازون وعلي بابا، ولكن هناك آراء معاكسة لهذه التكهنات، ومنها رأي يونس الكريم المدير التنفيذي لمنصة اقتصادي، الذي أوضح بحديث خاص لموقع إكسڤار، أن تطبيق تيك توك “بسبب خضوعه لإدارة الحكومة الصينية، وبسبب سمعة التطبيق السيئة في نواحي كثيرة، سوف تنفر العلامات التجارية الكبرى منه، وتبتعد عن التسويق عن طريقه”. لا يعتقد الكريم أن تطبيق تيك توك سيصبح منصة حقيقية للتجارة الإلكترونية، لعدة أسباب منها “الجمهور المستهدف، فهو في تيك توك فئة المراهقين غير المنتجة، وهذه الفئة لا تستهوي الكثير من العلامات التجارية حول العالم، باعتبارها تعتمد على أصحاب القرار المالي في التسويق لعلامتها”. يركز الخبير على قضية تبعية إدارة تطبيق تيك توك للحكومة الصينية، فذلك وفق الكريم سيشكل الكثير من مخاوف الشركات المسوِّقة، حول حماية بياناتها، إضافة إلى عدم وجود ضمانات بحماية المنافسة الشريفة بين الشركات، وعدم تقديم أي ضمان لحماية الأفكار من السرقة أو التقليد، كل هذه الأمور ستمنع متجر تيك توك من أن يكون قادراً على منافسة المتاجر الإلكترونية الشهيرة مثل أمازون.
المصدر : إكسڤار ExVar