اقتصادي – خاص:
ارتفع مستوى التوتر والتأهب الأمني في مختلف المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، حيث شهدت شوارع العاصمة انتشاراً ملحوظاً لعناصر أمن بالزي العسكري، وفي مناطق بانياس وحمص وطرطوس، يعيش النظام أسوأ مخاوفه مع قلقه من امتداد الاحتجاجات الشعبية إليها، نظراً لسوء وضع الخدمات في تلك المناطق.
وعلى التوازي، بدأت المناوشات في العالم الافتراضي عبر منشورات وتعليقات بين مؤيد للاحتجاجات في مدينة السويداء، وبين معارض لها، أما الحياة الاقتصادية فمصيرها يلتفه الغموض، وسط توقعات بشلل تام محتم خلال عشرة أيام على أبعد تقدير، مالم يتحرك النظام لإنقاذ ماتبقى من حياة.
وعلم “اقتصادي” من مصادر مطلعة، أن مصفاة بانياس فيها فقط 9 آلاف ليتر من المازوت فقط، بينما الكميات التي يستطيع النظام الحصول عليها وفق إمكانياته الحالية لا تتجاوز 200 ألف برميل نفط خام، مع رفض إيران وروسيا لمد النظام بأي شحنة نفط قبل تسديد ثمنها، الأمر الذي يعني أن المشافي والمخابز ستتوقف بالكامل خلال عشرة أيام، بسبب عدم كفاية الكميات المتوافرة لتلبية احتياجات السوريين.
بالمقابل، يحمّل النظام أزمة المحروقات الحالية للقصف التركي على مناطق “قسد” التي كانت المصدر اليومي لتزويده بالنفط ، كما يرى أحداث السويداء بأنها أكثر من مجرد احتجاجات على تردي الأوضاع المعيشية، اذ هي نتاج لمساعي إيران في نشر المذهب الشيعي بين طبقة كانت تعتبر موالية للنظام فيما سبق (مشايخ طائفة الموحدين)، ما يعني انقلاباً سيتسبب بإرباك شديد واختراقاً للطائفة أيضاً، وهذا تجلى بحسب رأي النظام، بمساندة المشايخ للاحتجاجات الحالية، التي أودت لمقتل أحد المحتجين وعنصر من الشرطة وإصابة أربعة آخرين، واقتحام مبنى المحافظة وإشعال حريق داخله، بينما وصف مصدر مقرب من الرئاسة الروحية للطائفة في السويداء ماحصل بأنه “حراك سلمي وعفوي بسبب الجوع والحاجة”، مضيفاً ان “بعض الجهات المشبوهة حرف الحقائق وتغيير العناوين”، وأن “أهلنا وطنيون وأحرار ولا يثنيهم عن طلب حقهم اي تحوير أو تحريف”.
يبدو الحديث وتوقع انتهاء الأحداث بحل قريب صعب المنال، خاصة في ظل تعنت أسماء الأسد ومنعها لأي تحرك ضمن أطراف النظام لإنقاذ الوضع، فهي تسعى لتمهيد الظروف لإصدار قوانين تتيح التشاركية في الانتفاع من مصافي النفط، عبر تأسيس شركات تدير ملف النفط بقيادة يسار إبراهيم، فضلاً عن فرضها على “قاطرجي” دفع مبلغ 200 مليون دولار لتمويل شحنات نفطية ضمن ستة أشهر المقبلة، الأمر الذي اعتبره الأخير مرفوضاً.
إن الأزمة الخانقة التي تعيشها سوريا اليوم، تحمل في طياتها كسراً للنمطية، خاصة وأن هناك بعض التيارات داخل النظام نفسه تدعو لسلام وللبدء بمحادثات حقيقية مع المعارضة و”قسد”، ما أشعل قلق وخوف داخل الأجهزة الأمنية من أن يظهر ذلك الشرخ إلى العلن، خاصة أنها تدرك مدى الفساد الذي يتخللها لصالح بعض أمراء الحرب.
فيبقى السؤال هل ستقرأ تيارات المعارضة المختلفة، إن كانت صادقة في سعيها لإيجاد حل نهائي للأزمة السورية التي قاربت على إتمام عامها الثاني عشر هذه الأحداث، وتبعث بخطاب للداخل السوري، لتوضيح رؤيتها للسلام في سوريا بشكل واضح مستفيدة لأول مرة من وجود تيارات فاعلة داخل النظام تريد التفاوض مع المعارضة؟