اقتصادي – خاص:
شهد سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية تحركاً في اتجاهين متعاكسين، حيث انخفض سعره في السوق السوداء، بينما قام مركزي النظام برفع سعره في مختلف نشراته الرسمية، ليبدو وكأنه نجح في تحقيق ما تعهد به قبل يومين، بإعادة “التوازن إلى الليرة السورية”.
ومع هبوط سعر صرف الدولار الكتروني في ثالث أيام السنة الجديدة، إلى حوالي 6150 ليرة، قام المركزي برفع سعر الدولار في نشرته الرسمية إلى 3030 ليرة بعد أن كان عند حدود 2525 ليرة، كما رفع سعره في نشرة المصارف والصرافة من 3015 ليرة إلى 4522 ليرة، فيما حدد سعر الدولار لكل من البدلات والحوالات الشخصية بـ4500 ليرة.
وفي الحقيقة، لا يختلف بيان “البنك المركزي” الأخير عن بياناته السابقة، فهو كعادته لا يحمل أي إشارة لسياساته التي سيتبعها بهدف إعادة الدولار إلى مادون عتبة الـ7 آلاف ليرة، في حين من المتوقع أن يعاود تكرار سياساته الكلاسيكية المعتمدة على بضعة إجراءات لا مهنية، أبرزها الاستعانة بالمكتب المالي للقصر بإدارة يسار ابراهيم لتشديد القبضة الأمنية، وتخفيض سعر الدولار عبر المواقع الإلكترونية التي يديرها المكتب المذكور، وهذا الدولار يمكن تسميته بالدولار الإلكتروني وهو دولار غير متوفر بالسوق عند الطلب ولكن مؤشراته تشير إلى انخفاض بقيمته باستمرار.
لقد بدأت القبضة الأمنية تتوسع خلال شهر ديسمبر الماضي، بحيث لم تعد تشمل ملاحقة الدولار فقط، وإنما اتجه للتدقيق على الحوالات المالية الكبيرة التي تتجاوز ٢ مليون ليرة سوري ( في بعض المناطق بسوريا كمدينة حماة، حيث يبدأ السؤال الأمني عن مصدر الحوالة من مليون ليرة)، على اعتبار أنها تخفي بداخلها كميات من حوالات الدولار.
كما بدأت حكومة النظام بملاحقة تهريب المحروقات، من خلال المكتب السري للجمارك الذي يقوده ماجد عمران من مكتب الاقتصاد بالقصر، مع (أحمد ديب) من أمن الدولة، على اعتبار أنها تخلق توتراً في سوق المحروقات وتزيد الأعباء على سوق الأعمال والقطاع التجاري وتؤدي إلى خلخلة في البينة الاقتصادية للمجتمع، إضافة لملاحقة من يقوم بتخزين السلع والبضائع الأمر الذي يزيد من الأسعار والتضخم.
وتتمحور النقطة الثانية التي يلجأ إليها النظام وبنكه المركزي، بطباعة حوالي 6 تريليون ليرة سورية أي مايقارب ٣٧% من قيمة الموازنة العامة ونصف قيمة النفقات الجارية، وذلك بعد أن تزايد الطلب على الليرة نتيجة ارتفاع الأسعار والتضخم، فيقوم بضخ العملة لتأمين السيولة ولتنشيط العملية التجارية وتغطية احتياجات مؤسسات الدولة، ما يؤدي لمنح شعور زائف بأن المركزي لا زال يملك القوة والسيطرة على سوق العملة، وبالتالي تشجيع التجار على فرد بضائع لتغطية السوق.
أما النقطة الثالثة، فهي الضغط على أمراء الحرب، لتقديم تنازلات مقابل تبييض أموالهم، وقيامهم بضخ الدولار في السوق، مثلما حصل مع قاطرجي وسيحصل مع غيره، كذلك تجفيف السيولة بمناطق “قسد” فباتت تحتاج لليرة السورية بشكل كبير لأنها لازالت تتعامل بالليرة السورية بكل عملياتها دون أن يصدر قرار منها بتحجيم التعامل، وتكون عملية ضخ الليرة فيها بشكل غير مباشر.
ويعوّل النظام أيضاً، على تدفق السلع والمواد خلال الشهر الأول من العام مع بدء توريد المساعدات عبر المعابر الإنسانية، الأمر الذي من شأنه تخفيف الضغط على الدولار.
ومع هذه الأدوات التي يملكها المركزي حالياً بخصوص ضبط سوق القطع الأجنبي، ليس من المتوقع أن يفلح في مهمته بتحسين قيمة الليرة السورية وكبح الدولار، فتلك الأدوات تندرج ضمن الممارسات اللامهنية التي قد تساعده على المناورة وتثبيت السعر لفترة قصيرة فقط.
بالمقابل، هناك إجراءات حقيقية يمكن القيام بها لتصحيح مسار الليرة، مثل تقييد المرسوم رقم 3 الذي يمنع تداول الدولار، والسماح للحوالات بالدخول، مع إلغاء قانون البيوع العقارية رقم 15، الذي سيقوم على سحب سيولة كبيرة من السوق، كذلك السماح لجميع التجار بالاستيراد وتوسيع لوائح الاستيراد، دون التقيد طالما الدولار مصدره السوق السوداء، مما يّمكن السوق من ضخ قطع أجنبي به ويخفف الضغط على السلع.
ويبقى مصير الليرة السورية وإلى أين تتجه مربوطاً بتغيرات الخريطة الدولية، من قانون سيزر، قانون مكافحة الكبتاغون، الى الدعوة للمصالحة التركية أو العربية، إضافة لوجود دولار مضروب قد يتم ضخه في السوق، لكن بالمجمل وفي الربع الأول من هذا العام سيتراوح سعر الدولار بين 6500 ليرة و8 آلاف ليرة.