يرى البعض أن رجل الإعمال السوري وابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، رامي مخلوف الذي تولى إدارة الثروات السورية لصالح خزينة عائلة الأسد باحترافية عالية لعقدين من الزمن، لا يهذي من خلال منشوراته الأخيرة، وخصوصاً أنه بات يركز بشكل واضح على الجانب الديني للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد ومخلوف، وعلاقته مع شيوخ الطائفة.
سر مخلوف.. منذ 30 عاماً
وقال مخلوف على صفحته الرسمية في “فايسبوك” الثلاثاء، إنه سيكشف سراً للسوريين “خبأه لمدة 30 عاماً” هو أن الله “أكرمه بالالتزام بإقامة الشريعة، إلا أنه طالب بالمزيد”، ولذلك تم الطلب منه أن يقرن “أقواله بالأفعال، فبدأ العمل على نفسه وقياداتها إلى طريق الحق والصراط المستقيم”، مضيفاً أنه خلال هذه المرحلة، “خاض معارك صعبة مع نفسه الدنيوية الدنية على مدى سنوات”، حتى استطاع “كبح جماحها وفق ما سماه النبي محمد الجهاد الأكبر”.
لكن، بحسب قول مخلوف، إنه طالب بالمزيد، فأشاروا عليه بالعلم، حيث “بدأ بالمطالعة وكون رصيداً جيداً”، ثم طالب بالمزيد حتى الوصول إلى هدفه بالحصول على “علم الحقيقة من مدينة العلم الموجودة عن النبي محمد وآل بيته”، وهنا يقول مخلوف: ” قيل لي سنمنحك من علم آل البيت الكرام عن طريق أفضل تلاميذهم وأحبّهم وأكثرهم اجتهاداً وأدباً وأخلاقاً ومعرفةً (…) ألشيخ محي الدين ابن عربي الحاتمي الطائي”.
زلزالان سيضربان المنطقة
وعلى طريقة المنجمين، تنبأ مخلوف بزلزالين: الأول “طبيعي سيأتي بعد حين”، بينما الثاني “اصطناعي بعد عدة أيام”، لافتاً إلى أن الثاني “ستستهدف خلاله إحدى دول الجوار مواقع ثابتة ومتحركة” بشكل “قاسٍ وموجع” يستدعي الرد عليها بشكل قاسٍ موجعاً ومهيناً لدول الجوار”.
وحينئذ، “يعلو الضجيج وتكتم الأنفاس (…) فيبدأ العالم بالصراخ عندما تكون المنطقة قد اشتعلت من كثرة الفخاخ”. ولأن العالم “يخاف على بعض الأشخاص يعتبرونهم من المختارين الخلاص”، سيقول العالم “بصوت واحد، أوقفوا الضجيج، وارحموا الحجيج وهدئوا النفوس”.
ووقتئذ، بحسب مخلوف، “ستحدث المعجزة لحدث عظيم جلل، فيعم الصمت(…) فيبدأ العالم بالتحرك خوفاً من الفوضى والتخبط ويسعون لتهدئة النفوس بدفع الفلوس مع تعاون عربي لوقف التدهور الجهنمي فتظهر الحلول بعد حل العلة والمعلول”، و”يتفق الجميع على أن يكونوا حصناً منيع، فتوقع الاتفاقات وترفع كامل العقوبات وتفتح القنوات لإعطاء كمية هائلة من التسهيلات بعد إخراج الحلفاء والطفيليين وتتدفق الأموال لإعادة الإعمار مع عودة رجال الأعمال فيعود المهجرين وتعود معهم العلاقات مع الآخرين والسلام”.
الارتباط بالطائفة العلوية
ويرى المدير التنفيذي لمنصة “اقتصادي” يونس الكريّم أن حديث مخلوف المستمر عن الجانب الايماني هو رسالة على ارتباطه بالطائفة العلوية، وأنه زعيم لطائفة مؤمن بمبادئها وتعاليمها ويريد استعادة مكانتها الدينية وتماسكها، وذلك بتركيزه في كل ظهور على التحدث بنفس الطريقة التي يستخدمها رجال الدين في الطائفة.
وقال الكريم إن مخلوف أراد من تأكيد انتمائه للطائفة وذكر رحلة العلم منذ 30 عاماً، تذكير العلويين أن آل مخلوف هم أحد زعماء الطائفة منذ ذلك الحين ولايزالون، إضافة إلى الاستهزاء بمن يتهمه بأنه ادعى النبوة، حيث كان خلال تلك الفترة، شاب يعيش حياة فارهة إلى جانب انخراطه بأعمال أبيه.
أما عما يُشاع عن فقدانه السيطرة على عقله بعد صراعه مع زوجة الأسد، أسماء الاخرس وغيابه على إثره عن المشهد السوري، يوضح الكريّم، أن مخلوف لايزال بعيداً عن الانتقام من الأسد، ولاتزال أمواله بالخارج بعيداً عن متناول الأسد، مشيراً أن ثمة أنباء بأن الخلاف بينهما قائماً، عدا عن أن متابعة السوريين لأمواله وتحركاته اختفت، ما أعطاه حرية الحركة.
وحول ذكر محي الدين بن عرابي، أحد شيوخ الإسلام الصوفي، يقول الكريم أن مخلوف أراد التأكيد بأن الطائفة العلوية لا ترتبط بنظيرتها الشيعية، فضلاً عن فصل نفسه عن التشيّع الإيراني من خلال ذكر آل بيت بشكل مستقل.
ويضيف أن التأكيد، يأتي على ضوء الاخبار الواردة من الساحل السوري عن مقاومة انتشار مشروع التشيع الإيراني، والتأكيد على الهوية العلوية المستقلة، وهو بذلك يعيد مطالب الشارع العلوي إعادة احياء الطائفة وتحويلها من ولاء الضباط والشخصيات الى ولاء للطائفة نفسها، عبر التركيز على المبادئ العامة للطائفة، وهو ما عمل عليه مخلوف منذ بداية الحرب في سوريا.
رسائل سياسية
وعن الشق السياسي، يوضح الكريم أن مخلوف وجّه عدداً من الرسائل في هذا السياق، لكن كأمير طائفة وليس كرجل أعمال أو لاعب سياسي في الشأن السوري، على غرار ما فعله مسعود البرزاني في إقليم كردستان العراق، عندما انسحب من المشهد العراقي، لصالح المشهد الكردي، ما أعطاها مركزاً طويل في حكم إقليمه الكردي.
ويرى الكريم، أن مخلوف ذكر الزلزال الاصطناعي تماشياً مع الموقف المصري القائل إن ما يحدث في تركيا، هو نتيجة تخزين كميات ضخمة من المياه خلف السدود تصل إلى 700 مليار متراً مكعباً، في محاولة لتقريب نفسه من الشعبوية المصرية عبر هذه الرسائل، وتوجيه رسالة الى تركيا، لإعادة فتح السدود وإنقاذ الزراعة السورية، وإلا فإن الاضراب والمجاعة ستكون الزلزال الثاني.
كما أن ذكره للضجيج، هو للتلميح بإمكان نشوب حرب نتيجة اغتيال تتبعها الفوضى بالتزامن تصريحات دولية عن الملف السوري، تؤكد وصوله إلى نقطة مسدودة تستوجب تنازل أحد اللاعبين عن سوريا، لكن الكريّم يوضح أن الملف مرتبط بملفات أخرى، ما يجعل التنازل أمراً مكلفاً كثيرا بسبب تبعاته.
خروج حلفاء النظام
ويضيف: ” من خلال معرفة نطاق عمل مخلوف وشراسته، يمكن القول إنه يشير إلى الإيرانيين والخليجيين باستخدام مصطلح أشباه الاصهباء، وذلك بالتزامن مع فشل مفاوضات الجولة السادسة بين السعودية وإيران، وبالتالي الإشارة إلى أن دور النظام بالتفاوض لا قيمة له”.
ويقول الكريم إن مخلوف ذكر عدداً من النقاط الهامة، هي تأكيده على ضرورة رفع العقوبات وإرجاع العالم العربي إلى سوريا، من خلال التسهيلات، إضافة إلى إخراج حلفاء النظام والطفيليات (أمراء الحرب) تماشياً مع الموقفين الخليجي والأميركي بإخراج إيران ومحاسبة أمراء الحرب، قبل قبلوهم بإعادة الإعمار.
ويشير مخلوف أيضاً، إلى أن الحوار مع تركيا لن يكون سلسلاً ولن تكون هناك عودة للعلاقات، إنما ستشهد توتراً يستدعي رداً من قبل النظام على مواقع المعارضة تنطلق على إثرها عملية سياسية، في إشارة منه على أن النظام لن يترك الحدود هادئة ولن يغير موقفه الا من خلال التدخل العسكري المباشر، بحسب الكريم.
ويقول الكريم إن ” مخلوف يبشر بمصالحة قريبة مع زوجة الأسد، يعود على إثرها النشاط الاقتصادي بالتزامن مع خروج حلفاء النظام من سوريا”، مشيراً إلى أن مخلوف استفاد من معركته الأخيرة مع أسماء الأخرس، حيث خرج على الأقل، من دائرة المتابعة الإعلامية لنشاطاته الاقتصادية وتحركاته.