قالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا روزي دياز إن تجارة ” الكبتاغون ” لنظام الأسد نمت لمستوى الإنتاج الصناعي.
وأوضحت دياز أن عائدات النظام من تجارة المخدرات تبلغ نحو 57 مليار دولار سنويا، أي ما يقارب أربعة أضعاف تجارة مخدرات جميع “الكارتالات” المكسيكية، مشيرة أنها تمثل 80 في المئة من إمدادات العالم من ” الكبتاغون “.
ويأتي تصريح دياز بالتزامن مع ما قاله نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل بأن “موقف واشنطن الرافض للتطبيع لم يتغير”، مؤكدا أن الولايات المتحدة “لن تطبع مع نظام الأسد، ولن نشجع الآخرين على فعل ذلك”.
وتزامن تصريح باتل مع حزمة عقوبات جديدة من قبل وزارة الخزانة الأميركية، طاولت بعض أركان تجارة ” الكبتاغون ” لدى نظام الأسد، حيث شملت 6 شخصيات سورية رئيسية تسهل إنتاج وتصدير مادة الكبتاغون الخطيرة لدعم النظام السوري ، حيث قال باتيل إن “عملية الإتجار بالمخدرات كانت تتم بواسطة النظام السوري وحزب الله اللبناني”.
وعلى الرغم من أن تصريح دياز يبعث الأمل في نفس المعارضة السورية في إيقاف عجلة تعويم نظام الاسد التي باتت تتسارع منذ وقوع الزلزال المدمر في شباط/ فبراير الماضي، إلا أنه إذا ما تم التدقيق بتصريحها فإنه لابد من أن يثير المخاوف لدى السوريين.
إذ إن الرقم المذكور في تصريحاته عن عوائد تجارة المخدرات، 57 مليار دولار، يعبر عن حجم الناتج المحلي الإجمالي للدولة السورية قبل عام 2010، وهذا ما قصدت به بالمستوى الناتج الصناعي، أي أن إنتاج سوريا بالكامل، بات بخدمة صناعة المخدرات، وهو أمر بالغ الخطورة، في حال تجاوز حقيقة أن الرقم مبالغ فيه، لأن الأمر يقود إلى مزيد من التدهور الاقتصادي بسورية وكذلك إلى مزيد من الفقر وانسداد أفق المعيشة لمن تبقى بسورية ويكافح للعيش.
كما أن التصريح يعتبر بمثابة قصف لأي عملية سياسة جارية أو مستقبلية لأن الاقتصاد تم تحيده!، عدا عن أن سيطرة الأسد الآن لا تشمل سوى 64 % من سوريا، فإذا ما توسعت سيطرته فما هو الرقم حينها الذي ستضعه دياز؟.
إضافة إلى ذلك، تعتبر عملية مكافحة الإرهاب من مهام قوات التحالف الدولي المتواجدة في سوريا، حيث تعتبر المخدرات حسب استراتيجية مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة للفترة 2021-2025، الشريان المغذية للإرهاب، وبالتالي هل يعتبر تصريحها إقرارا بفشل التحالف الدولي بتنفيذ واجباته؟ أم هي مقدمة لسحب قواتهم أو حتى إعادة هيكلتها؟ أوأن تصريحها مقدمة لتوسيع مهام وانتشار القوات التحالف؟.
كذلك، يشكل رقم 57 مليار دولار 18 في المئة من حجم السوق المخدرات العالمية البالغ 315 مليارا، حسب تقرير المخدرات العالمي لعام 2021 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة.
والسؤال هنا، هل الأسد قد استطاع الوصول إلى هذا المستوى الخطير بصناعة المخدرات؟
بذات السياق استطاعت منصة “اقتصادي” الحصول على معلومات تشير إلى تواجد عدد من مافيات العالمية لإنتاج المخدرات في سوريا.
لكن أن يتجاوز “كارتال” الأسد “الكارتالات” المكسيكية السبعة التي تعتبر أغنى وأقوى الجماعات الإجرامية المنظمة في العالم، فهذا يتطلب تدخلا عاجلا من مجلس الأمن الدولي لمكافحة الأسد على اعتبار أن هذا التطور يجعل منه تهديدا جديدا للأمن والسلام الدوليين.
وهنا، يتوارد إلى ذهن القارئ حول آلية غسيل أموال مخدراته، كيف تتم؟، وما إذا كان الأسد يتبع أسلوب “الكارتلات” المكسيكية عبر ما يسمى برجال القش (men straw) عبر إنشاء واستخدم رجال وكيانات تشمل شركات العقارية ومحالات المجوهرات والخدمات الاستشارية وأسهم وسندات وتحف…، وأيضا موظفي المصارف المالية لغسيل أموال مخدراته.
فإذا كان الأمر كذلك، ما هي الاستراتيجية التي سوف تتبع في تعقبه ومحاسبته؟ حيث إن المصادر الخاصة لمنصة “اقتصادي” تشير إلى الإمارات وسلطنة عمان ولبنان على أنهم إحدى أهم قواعد الأسد بإدارة أمواله وأموال مخدراته، علما أن هذا الرقم 57 مليار، يناقض تقرير وزارة الخارجية الأمريكية في شهر أيار/ مايو 2022، والذي قدر صافي ثروته بين 1 و2 مليار دولار.
ويشير تصريح دياز بأن الأسد يشرف على 80 % من إنتاج المخدرات العالمي، هذا التصريح يحوي في مضمونها إلى عديد من النقاط الهامة:
هل استطاع الأسد انتزاع مكانة أفغانستان بإنتاج المخدرات من ” الافيونات ” التي تقدر بين 4.1 و6.6 مليارات دولار سنويا؟
وإذا اعتبرنا أن الحصة كلها انتقلت للأسد فإنه ما بقي من ال 57 مليار دولار، ما يقارب 51 مليار دولار هو “الأمفيتامين”( الكبتاغون )، وبما أن إنتاج الأسد منها هو غير نظامي بمجمله حيث يباع بسعر 1 إلى 3 دولارات حسب الطلب، فإننا نتكلم عن 51 مليار حبة، وهو ما يعني نصيب كل إنسان بالعالم 7.22 حبة من كبتاغون الأسد!.
أو ان روزي دياز ذكرت تصريحها دون مراجعة لما نشرته فاصابها خطأ مطبعي ، حيث أن التقديرات السابقة لمراكز أبحاث غربية ، حيث أن الصادرات السورية من الكبتاغون بلغت حوالي 5.7 مليارات دولار عام 2021، حيث تم استبدال 5.7 مليار دولار بالرقم 57 مليار دولار بتصريحها.
ولكن من جهة أخرى يثير تصريحها الكثير من الأسئلة منها : كيف استطاع تأمين المواد الأولية لصناعة هذا العدد؟ ومن أين له تأمين الطاقة الكهربائية لتشغيل الآلات؟، وكيف تم إدخال المواد الأولية للإنتاج؟
وعلى ضوء ذلك، هل يمكن اعتبار تصريحات دياز محاولة الرئاسة الأمريكية التي تعاني من أوضاع داخلية سيئة تمرير صرف مخصصات الموازنة العسكرية الأميركية لعام 2023 National Defense Authorization Act والبالغة 400 مليون دولار أميركي لمنع انهيار دول حليفة للولايات المتحدة بسبب تردي الوضع الاقتصادي فيها؟، إضافة إلى كسب ولائها على ضوء تغير الموقف السعودي المؤثر بهذه الدول من جهة، ومنع إعادة تعويم الأسد دون خطة واضحة مع القوى المؤثرة بالملف السوري؟ وهذه الدول التي سوف تشملها المساعدات هي الأردن ولبنان ومصر وتونس ، أو أن دياز تريد نفخ ملف ” الكبتاغون ” بحيث يسهل على الاسد التخلص منه عبر تكذيب ادعاءات الغربية واعتبارها كيدية؟ وبالتالي إفساح المجال له بالمناورة بالمحاكم الاوربية عبر هذا الادعاء ومحاولة تعويم نفسه، وخاصة أن بريطانيا لم تتحرك أمام جرائم الحرب التي تمارسها مواطنتها أسماء الأخرس بحق الشعب السوري.