خاص لاقتصادي –الشرق نيوز
بات معروفاً للجميع أن سوريا تحت حكم نظام الأسد تحولت إلى دولة منتجة ومصدرة للمخدرات وعلى رأسها الكبتاغون والكوكائين .
إذ اعتمد نظام الأسد على تصنيع الكبتاغون وباقي أنواع المخدرات بشكل أساسي من أجل تمويل بقاءه بالسلطة وتحقيق ثراء لنفسه و تمويل بعض مؤسسات الدولة لمنعها من الانهيار بشكل غير مباشر وسلاح لتفاوض لكسر العقوبات عليه.
ذكرت صحيفة اللوفيغارو الفرنسية أن عائدات تهريب الكبتاغون في الشرق الأوسط بلغت عام 2021 مايصل إلى أكثر من خمسة مليارات دولار أمريكي ونصف , بينما بلغت عام 2020 مايقرب من 3.5 مليار , وفي تقرير نشره معهد نيولاينز قال فيه : أن النظام السوري هو المنتج الرئيس للكبتاغون وأن السعودية هي السوق الرئيس والمستهدف في المنطقة .
فيما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تقرير لها أعده بن هوبارد وهويدا سعد ,أن عائلة رئيس النظام السوري ومقربين منه وقيادات في حزب الله اللبناني والمليشيات الايرانية متورطين في صناعة وتهريب الكبتاغون , وأن الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الاسد هي من تشرف على حماية عمليات الانتاج والتوزيع والتهريب , كما ذكر التقرير أن الكبتاغون تتم صناعته في المناطق التي تسيطر عليها سلطات نظام الأسد والمناطق التي يسيطر عليها حزب الله على الحدود اللبنانية السورية خاصة منطقة القصير وكذلك في مناطق بالقرب من مدينة اللاذقية .
من جانبها ذكرت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا روزي دياز في تغريدات لها في مارس 2023 ، أن شقيق رأس النظام السوري ماهر الأسد يشرف بنفسه على تجارة الكبتاغون , مضيفة أن 80% من المعروض العالمي مصدره سوريا وأن شحنات الكبتاغون التي تخرج من سوريا تصل لما يقارب ال 57 مليار دولار سنوياً .
الكبتاغون سلاح الأسد
لا يعتمد نظام الأسد على تهريب المخدرات إلى دول المحيط وخاصة الخليج العربي والأردن والعراق فقط من أجل عوائد المخدرات , وإنما كسلاح في وجه الدول العربية بالدرجة الأولى , وقد نجح جزئياً في جعل الكبتاغون خطراً يهدد هذه المجتمعات , مما جعل تجارته تتحول لورقة مساومة بيده يستخدمها في التفاوض معهم.
قانون الكبتاغون الامريكي
نتيجة ازدياد تجارة الكبتاغون وغيرها من المخدرات أصدرت الدول الغربية عقوبات بحق شخصيات وشركات متهمة بتصنيع والتجارة به، حيث أصدر الاتحاد الاوربي سلسلة من العقوبات طالت شخصيات مقربة من بشار الأسد.
موقف الولايات المتحدة الامريكية كان أكثر صرامة وذلك من خلال قانون خاص بتجارة الكبتاغون وتصنيعه في سوريا
ففي يناير 2023 وقع الرئيس الامريكي قانوناً لمحاربة الكبتاغون الذي يصنع في سوريا، ويهدف القانون لبناء استراتيجية لاستهداف وتعطيل وتحطيم البنية التحتية للمخدرات والشبكات القائمة عليها في سوريا.
الدول العربية الأكثر تضرراً وهي الأردن بصورة خاصة ودول الخليج اتخذت مقاربة مختلفة بعيدة عن العقوبات الغربية وهي محاولة لاحتواء النظام من خلال إعادته للجامعة العربية حيث كان بند مكافحة تهريب البنتاغون على جدول أعمال قمة العاصمة الاردنية عمان والتي حضرها نظام الأسد مطلع أيار 2023 , وبحضور وزراء خارجية الدول المتضررة من تجارة الكبتاغون وهي الأردن والعراق والسعودية ومصر , والتي مهدت لعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية من خلال قمة جدة التي عقدت في جدة منتصف أيار 2023 والتي حضرها رأس النظام السوري , ونتج عنها لجنة متابعة أحد أبرز بنود عملها هو إيقاف تهريب الكبتاغون إلى تلك الدول , لم يلتزم نظام الأسد بأي من تعهداته التي قدمها للعرب في قمة عمان والقمة العربية , مما تسبب بفتور واضح في الاندفاعة العربية اتجاهه وبالتالي استمرار شحنات الكبتاغون بالدخول لتلك الدول وبوتيرة ربما أسرع من السابق وكأن النظام السوري يريد تنازلات أكبر من العرب , لعل أهمها الضغط على أوربا لتخفيف العقوبات وهو ماتمارسه السعودية والامارات بصورة خاصة.
بذات الوقت تمارس الدول العربية والغرب ضغوطاً على نظام الأسد الذي أصبح يدرك أن تهريبه المخدرات للدول العربية قد حقق المطلوب منه وهو الضغط عليها للتعامل معه.
هذه النتائج جعلته يفكر في استهداف أسواق أخرى لذات الأسباب خاصة محاولة اعادة تعويمه , من هنا جاءت عمليات استهدافه لأروبا والتي لم تتوقف خلال الفترة السابقة ولكنها لم تكن بالزخم المطلوب
أوربا الهدف القادم لكبتاغون الأسد
بعد نجاح عملية ابتزاز الدول العربية بتجارة الكبتاغون، يتجه النظام السوري لإغراق أسواق اوربا بالمخدرات وذلك في محاولة لابتزازها.
مصادر خاصة للشرق نيوز وموقع اقتصادي من داخل النظام السوري أكدت
أن هناك تعاوناً بين الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد ومليشيا حفتر في ليبيا من أجل استخدام مناطق سيطرته في ليبيا طريقاً للوصول إلى أوربا . عبر مصر
المصدر قال أن شحنة من الكوكائين و الكبتاغون المصنع على الحدود اللبنانية وبأشراف حزب الله اللبناني والفرقة الرابعة يتحضر للانتقال عبر ميناء اللاذقية وبمساعدة أطراف مصرية عبر شحنات مواد غذائية ( موجودة بالميناء خلال كتابة المقالة ) معدة للتصدير للوصول إلى ليبيا ليتجه إلى أوربا.
كما ذكر المصدر أن نظام الأسد بات يستفيد من التسهيلات ورفع العقوبات بسبب الزلزال الذي ضرب المنطقة وتساهل الدول في العقوبات المفروضة، سهل للنظام السوري تفعيل خط الكبتاغون والكوكائين إلى أوربا..
ايطاليا تستشعر الخطر
ايطاليا وهي الهدف الأول للنظام السوري عبر ليبيا يبدو أنها استشعرت الخطر مبكراً لذلك ففي تموز 2022 كشف محققون في ايطاليا عن تعاون بين رجل أعمال ايطالي ونظام الأسد تسبب بإدخال 84 مليون حبة كبتاغون على متن حاويات مشحونة إليها .
وفي تحول واضح في سياسات الحكومة الايطالية الجديدة برئاسة جورجيا ميلوني , والتي قد تعتبر خطوة استباقية زار المبعوث الايطالي إلى دمشق / ستيفانو رافانيان / دمشق مطلع الشهر الجاري والتقى مسؤولين في النظام السوري , لعل هذه الخطوة ضمن استراتيجية التحصين التي تريد ايطاليا استخدامها ضد شحنات الكبتاغون التي تستهدفها وعدم تحويلها إلى بلد عبور باتجاه أوربا .
وبالتالي فإن نظام الأسد بات يستهدف الدول المقاطعة له بسلاح المخدرات، ويعد هذا تهديداً واضحاً يضاهي تهديداته السابقة بإرسال جهاديين إلى أوربا .
فهل تنجح مساعي نظام الأسد بالضغط على أوربا ؟ أم أن هناك خطوات استباقية قد تظهر لتمنع هذا التمدد ؟