لم تكن العقوبات الأميركية ضد فرقتي “العمشات” و ” الحمزات ” مفاجئة بالنظر إلى الانتهاكات الجسيمة ضد السكان المحليين منذ أن سيطرت القوات التركية والفصائل المعارضة المنضوية في صفوف الجيش الوطني على عفرين ومحيطها قبل 5 سنوات عبر عملية “غصن الزيتون”، لكن توقيتها يفتح الباب أمام الكثير من التساؤلات والتحليلات حول الهدف والرسائل منها.
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على فرقة “السلطان سليمان شاه”(العمشات) وقائدها محمد الجاسم (أبي عمشة) وفرقة “الحمزة”( الحمزات ) وقائدها سيف بولاد المقلب بسيف أبي بكر.
وبحسب بيان الوزارة الخزانة الامريكية الخميس 17 أب/أغسطس الجاري ، فإن العقوبات شملت شقيق أبي عمشة وليد الجاسم، وشركة السيارات “السفير أوتو” التابعة لفرقة “العمشات” ومقرها إسطنبول.
وأرجعت وزارة الخزانة سبب العقوبات إلى ارتكاب الفرقتين وزعيمهما بسبب ارتكابهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو تواطئهما فيها أو مشاركتهما بشكل مباشر أو غير مباشر، ضد المقيمين والفئات الضعيفة من السكان في منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي.
الرسائل من العقوبات
منذ تنفيذ عملية “غصن الزيتون” قبل 5 سنوات، مارس الفصيلان والأسماء الثلاثة على وجه التحديد انتهاكات إنسانية، لم تقتصر فقط على عفرين وإنما جميع المناطق التي تواجدوا بها. كما جرت محاولة لإقالة أبي عمشة من قيادة الفصيل في شباط/ فبراير 2022، لكنها باءت بالفشل، بسبب تلك الانتهاكات.
وخلال اجتماع علماء المسلمين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا 8 أب/أغسطس الجاري ، جرى نقاش عن كف يد هؤلاء الثلاثة والفصيلين عن شمال غرب الفرات.
ويحمل القرار الأميركي عددا من الرسائل بالنظر إلى توقيت فرض العقوبات عن تلك الانتهاكات المستمرة وهي:
1- رسالة إلى تركيا التي تعمل على منع انشاء المجلس العسكري (بقيادة مناف طلاس) المدعوم من قبل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة من العمل فيمناطق غرب الفرات ، وذلك بهدف توحيد مناطق شرق وغرب الفرات لمواجهة النظام والروس والمليشيات الإيرانية.
2- إظهار جدية الولايات المتحدة في إنشاء المجلس العسكري لتوحيد تلك المناطق، وإمكانية فرض عقوبات على المجلس العسكري التركماني الموالي لتركيا بالكامل.
3- رسالة إلى تركيا أن مقاربة واشنطن بشأن تجار ” الكبتاغون ” سوف تكون مباشرة. وكانت منصة “اقتصادي” قد نشرت في وقت سابق مقالا حول تورط أبي عمشة بإدارة تجارة وتهريب ” الكبتاغون ” من الأراضي السورية عبر تركيا، إلى أوروبا.
4- تحذير أنقرة التي تعمل على استحواذ والسيطرة على هيئة “تحرير الشام” عبر تقوية التيار التركماني فيها، ولهذا السبب جرت الاعتقالات التي طالت شخصيات رفيعة في الهيئة مؤخرا، ان المجلس العسكري بقيادة طلاس سوف يكون الخيار الوحيد للمنطقة.
5- رسالة أمريكية إلى إيران بأن نظرتها إلى الانتهاكات السورية بأنها انتهاكات واحدة، وخاصة بعد التقارب بين الإيرانيين والأمريكان.
هل للعقوبات أثر اقتصادي على شمال غرب الفرات
على الرغم أن كل الفصائل الموجودة بعفرين تم وضعها بلوائح من العقوبات، إلا أن هذه العقوبات بمجملها أمريكية، وهي عقوبات من نوع العقوبات الذكية وتشمل أشخاصا أو فصائل محددة دون غيرها، وإداريا وإنسانيا المعابر والمناطق درع الفرات خاضعة لنفوذ السلطة التركية والحكومة المؤقتة وبالتالي لا تعامل مباشر مع المعاقبين، كما أن العقوبات لها كثير من الثغرات يمكن تجاوزها كما هو الحال مع حكومة الإنقاذ ونظام الأسد، لذا لاتاثير مباشر للعقوبات. أما التأثير غير المباشر نعم له تأثير من خلال أخذها كثيرا من المنظمات ومن المانحين حجة للتوقف واستمرار مد المنطقة باحتياجاتها الإنسانية، كما أنها سوف تحمل المنظمات تكاليف وأعباء إضافية لتجاز العقوبات تؤثر على تمويل مشاريعها بالمنطقة التي تعمل بها الكيانات والشخصيات المعاقبة.
وبالتالي العقوبات شكلية على المستهدفين ، تحوي رسائل سياسية ، لذا جاء تعليق وزارة الدفاع المؤقتة باهت متماش ومكمل لمنشور أ بو عمشة على منصة إكس، في غياب أي تعليق تركي رسمي عليها، كما حدث سابقا عندما طالت العقوبات الخزانة الأمريكية في تموز من عام 2021 فصيل “أحرار الشرقية” وقائده “أبو حاتم شقرا” وشقيقه رائد الهايس الملقب “أبو جعفر شقرا”، المقرب لتركيا.
ليبقى السؤال عن خيارات التغير بمناطق غرب الفرات التي أعلنت عن انطلاقتها أمريكا، فما التغير الذي سوف تقوده تركيا ؟.