اقتصادي – خاص:
سارع النظام السوري إلى تدارك التدهور في علاقته مع الإمارات، عبر إرسال نائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية رئيس مكتب الأمن الوطني علي مملوك لاستعادة العلاقات مع أبو ظبي، حيث التقى مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، في الأسبوع الثاني من أغسطس الحالي.
فقد تسببت رعونة السياسة التي ينتهجها النظام بتوتر العلاقات مع الإمارات، منذ منتصف شهر يوليو الماضي، فبعد أن رفضت أبو ظبي منح النظام قرضاً بمبلغ مليار دولار، قام الأخير بالحجز على شركة “إعمار العقارية الإماراتية” التي تمتلك مشاريع تنمية اقتصادية واجتماعية من خلال توقيع عقد سابق لبناء عشرات آلاف الوحدات السكنية لذوي الدخل المحدود والمتوسط في مختلف مناطق السورية، إضافة لمشاريع بنى تحتية، ومشاريع تجارية فاخرة كـ”البوابة الثامنة” في يعفور بريف دمشق، والتي كانت تصل قيمتها إلى 500 مليون دولار، بينما من المتوقع أن تفوق كلفتها بالأسعار الحالية الـ4 مليارات دولار.
إلا أنه، ومع تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتسارع، مع ارتفاع الأسعار بنسبة 25% منذ بداية التوتر في العلاقات مع الإمارات أي منذ أقل من شهر، وجد النظام نفسه في مأزق كبير ومضطراً لمعاودة التفاوض مع أبو ظبي.
ووفقاً للخبير بالشؤون الأمنية في موقع “اقتصادي” علي علي، تعتبر مخرجات الاجتماع الذي تم بين مملوك وطحنون من أخطر النتائج كونها شكلت استراتيجية واضحة لإعادة تعويم النظام الأسد عربي ودولياً، وحل قضية لبنان، كما تشكل تجاوزاً لجهود السعودية لحل القضية السورية.
ومن أبرز بنود الاتفاق في الشأن الاقتصادي:
1- دعم زيادة الرواتب التي تمت مؤخراً في الـ 15 من آب الحالي.
2- دعم موازنة الحكومة للعام الحالي بمبلغ مليار دولار يتم وضعها كوديعة بنكية بـ”البنك المركزي” لمدة عام.
3- رفع الحجز عن “شركة إعمار العقارية”، وتعهد من علي مملوك والحكومة السورية بشكل رسمي بأن تتيح لها العمل بسهولة ودون عوائق تؤدي لتأخر انطلاق مشاريعها سواء استكمال “البوابة الثامنة” أو بناء وحدات سكنية متوسطة في ريف دمشق.
4- تفعيل الاتفاق الذي تم في أكتوبر 2021 لصالح شركة “أبو ظبي الوطنية للطاقة” حول إنشاء محطات لتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية في المدينة الصناعية بعدرا، باستطاعة 10 ميغاواط، إضافة لإنشاء محطتين في اللاذقية وأخرى حسيا في حمص.
فيما يخص قانون قيصر الذي يقف عائقاً أمام التطبيع مع النظام وإعادة تعويمه، لذا تم الاتفاق مع الإمارات على رفعه عبر عدة خطوات رسمية تعتمد على الجانب الإنساني والقانوني، على اعتبار أن تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي بات يهدد وضع المواطنين، ويتم العمل على رفع عقوبات قيصر عبر عدة إجراءات هي:
أ- التوسط الإماراتي لدى الإدارة الأمريكية والضغط عليها لإعادة النظر بقانون قيصر من بوابة الجانب الإنساني.
ب- استئناف عمل اللجنة الدستورية وفق القرار 2254 على أن يتم بدعم عربي، حيث يتم نقل اجتماعاتها إلى أحد الدول العربية.
ت- إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة، تضم بعض من أسماء المعارضة الداخلية، (كان هناك خلاف حول منصب رئاسة الحكومة التي تجد الإمارات أنه من الضروري إعطائه لأحد الشخصيات المعارضة) ببداية عام 2024.
ث- ترتيب لقاءات أمريكية مع الحكومة السورية برعاية إماراتية لتشكيل لجنة أمنية مشتركة، تقوم بتحديد المعتقلات وتفتيشها عبر زيارتها والبحث عن المعتقلين الغربيين وعلى رأسهم الصحفي الأمريكي أوستن تايس.
ج- تسليم حكومة النظام معتقلين من “داعش” للقيادة الامريكية، ومنح معلومات عن متطرفين دوليين بسوريا (مناطق دير الزور والرقة وغرب الفرات وهيئة تحرير الشام) والعراق.
ح- توقيع عقود استثمارات نفطية طويلة الأجل في شمال شرق سوريا، مع الأمريكان، مع السماح لهم بالاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين في حقل العمر والتنف، على أن تكون باقي حقول النفط تحت سيطرة حكومة دمشق إضافة لتنسيق القاعدتين العسكريتين الأمريكيتين مع حكومة دمشق والروس.
خ- إعادة تفعيل المساعدات الإنسانية لسوريا، وبذلك تكون شروط تعليق قانون قيصر قد اكتملت، وإن لم تكن تنفيذ خطوات التعليق سوى شكلية إلا أن العلاقة مع الإمارات سوف تعمل على قبول الإدارة الامريكية لهذه الصيغة لتعليق العقوبات وعدم تجديدها
أما فيما يخص الأردن ولبنان، كان الاتفاق ينص على:
• إيقاف التنسيق مع “حركة حماس” وإغلاق مكاتبها في سوريا وطرد أعضاء المكتب السياسي، وإيقاف الدعم الوجستي الأمني والعسكري بما فيها تطوير القدرة العسكرية (اغلاق المعسكرات في سوريا وعين الحلوة.(
• دعم مشاريع التعافي المبكر لعودة اللاجئين من لبنان والأردن إلى سوريا.
• إعادة تفعيل استثمار خط الغاز العربي، من خلال إحلال الإمارات مكان الحكومة السورية بالاتفاق واستحواذ الإمارات على المشروع، مقابل دعم مالي تحصل عليه الحكومة السورية من الإمارات “يقدر بحجم حصتها من الغاز” وذلك لدعم مشاريع التعافي المبكر لعودة اللاجئين من لبنان إلى سوريا تحت بند المساعدات الإنسانية .
• تشكيل لجنة أمنية ثلاثية بين الإمارات والأردن وسوريا مركزها معبر نصيب، لمكافحة التهريب عبر الحدود لإغلاق جميع معامل الكبتاغون بالجنوب، وتبادل المعلومات حول تجارة الكبتاغون.
ولفت الخبير علي، إنه ورغم أن الاجتماع لم يتطرق للتواجد الإيراني بشكل مباشر في سوريا أو مليشياته، وهي مقاربة جديدة للإمارات، إلا أنها أكدت أن النظام عليه المبادرة بتنفيذ الاتفاق، وهذا ما حمله خطاب رأس النظام بشار المستفز لحلفائه في “حماس”، وكلامه عن المعارضة وتجارة الكبتاغون.
فهل تنجو الإمارات بمسعاها الجديد القديم، خاصة تعليق قانون قيصر؟ وهل ستنفذ حكومة الأسد الاتفاق لزحزحة التدهور الاقتصادي وإيقاف عجلة الاحتجاجات، خاصة أن النظام يريد الاستفادة منها للتخلص من مناوئيه ومعها من الخروج عن السيطرة؟