56
مصطفى محمد
يفسّر اقتصاديون قرار وزارة النقل التابعة للنظام السوري بمنع تصدير مادة الفوسفات السورية من مرفأ اللاذقية، والاكتفاء بمرفأ طرطوس الخاضع للسيطرة الروسية، على أنه إحدى تبعات مقتل زعيم مجموعة “فاغنر” الروسية يفغيني بريغوجين، حيث تواصل روسيا إعادة هيكلة استثمارات المجموعة في سوريا.
وكانت تقارير إخبارية من مناطق النظام قد أكدت نقلاً عن رئيس نقابة عمال النقل البحري والجوي في اللاذقية سمير حيدر أن حكومة النظام قررت تحويل السفن الراغبة بتحميل مادة الفوسفات إلى مرفأ طرطوس، وهو القرار الذي أثار حالة من الاستياء بين عمال مرفأ اللاذقية.
خسارة إيرادات
وشكك حيدر بتبرير الحكومة للقرار قائلاً: “وزارة النقل قالت إن قرار منع تصدير الفوسفات من ميناء اللاذقية يهدف للحد من تلوث البيئة التي تسببها السفن ومادة الفوسفات، ونؤكد أن هذا الأمر غير صحيح إذ إن المادة يتم وضعها في أكياس مغلقة بشكل تام، ولا تؤثر في البيئة في مرفأ اللاذقية”.
ولم يشِر رئيس النقابة إلى وضع روسيا يدها على مرفأ طرطوس بشكل واضح قائلاً إن “تحويل البواخر التي ترغب بتحميل الفوسفات من مرفأ اللاذقية وهو قطاع عام إلى مرفأ طرطوس المستثمر من القطاع الخاص (شركة روسية) يعني أن تكون للخزينة العامة نسبة قليلة لا تتجاوز ال25 في المئة من الإيرادات، بدل أن تكون 100 في المئة من مرفأ اللاذقية”.
والفوسفات السوري يصدر أساساً من مرفأ طرطوس، بعد أن وضعت روسيا يدها عليها، باستثناء كميات محدودة يسلمها النظام السوري لإيران مقابل الديون، وهي الكمية التي يحصل عليها النظام من مناجم الفوسفات في تدمر بموجب العقد الذي وقعه مع “ستروي ترانس غاز” الروسية في العام 2018.
ونص العقد على تقاسم الإنتاج، بحيث تكون حصة النظام 30 في المئة من كمية الإنتاج، المقدرة سنوياً ب2.2 مليون طن.
روسيا تتحكم بالفوسفات
ويقول الباحث الاقتصادي يونس الكريم إن كميات من الفوسفات كانت تتسرب إلى مرفأ اللاذقية، عند حدوث الازدحام في مرفأ طرطوس، وبعد التغييرات الاقتصادية التي أعقبت تمرد “فاغنر” ومقتل زعيمها، يبدو أن روسيا تريد ضبط هذه الكميات.
ويضيف الكريم ل”المدن”، أن روسيا تركز على التحكم الكامل بتجارة الفوسفات السورية، ومن خلال حصر تصدير الفوسفات بمرفأ طرطوس الخاضع للسيطرة الروسية، تُراقب روسيا عن كثب حركة شحنات الفوسفات السورية كاملة، بما في ذلك حصة النظام السوري. ويوضح أن النظام السوري لا يمتلك أي قرار في مرفأ طرطوس، ما يعني من وجهة نظره أن “روسيا تريد أن تذكر النظام بأن الفوسفات السورية من حصتها”.
ويبدو أن روسيا تريد الاستئثار بالفوسفات السوري، وخاصة بعد الأنباء التي كشفتها تقارير صحافية أوروبية عن ضلوع رجال أعمال روس يبدو أنهم كانوا على صلة مع بريغوجين، بتجارة الفوسفات السورية بشكل غير معلن وبيعها إلى شركات أوروبية لإنتاج الأسمدة، رغم العقوبات الأوروبية التي تمنع عقد الصفقات مع النظام السوري.
وقد يُفسر حرص روسيا على التحكم بكل شحنات الفوسفات السورية إلى زيادة الطلب على هذه المادة في الأسواق الأوروبية نتيجة الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا، حيث كانت غالبية كميات الفوسفات السورية تذهب على شركات إنتاج الأسمدة في أوكرانيا.
وتُعد سوريا من بين أكبر الدول التي تمتلك حجم احتياطي الفوسفات بتقدير يصل لنحو 3 مليارات طن، تتوزع بشكل رئيس في المناجم الشرقية وخنيفيس شرقي تدمر وسط البلاد، لكن بسبب هيمنة الروس على الفوسفات وتفضيل النظام بيع الكميات التي يحصل عليها إلى إيران وغيرها، تعاني الأسواق السورية من ارتفاع أسعار الأسمدة، ما أثر بشكل سلبي على الإنتاج الزراعي المحلي.
المقالة منشورة على موقع المدن.