قدمت وزارة الاقتصاد السورية أرقاماً حسابية غير حقيقية عن الواردات والصادرات خلال العام 2023. لكن على الرغم من المبالغة بالأرقام، فهي بقيت ضعيفة، ولا تعبّر عن تحسن اقتصادي ملموس، كما أنها خلقت تناقضاً بين الاحتفاء بانخفاض الاستيراد وارتفاع التصدير، وبين الترويج الحكومي المستمر للأزمة الاقتصادية.
انخفاض الاستيراد
وقالت الوزارة في بيان الخميس، إن نتائج متابعة أعمال قطاع التجارة الخارجية مع نهاية 2023، أظهرت انخفاضاً في قيمة وارادات القطاعين العام والخاص بنسبة بلغت 27% عن قيمة واردات القطاعين في 2022.
وأرجعت الوزارة سبب انخفاض الواردات إلى 3.2 مليار يورو، إلى “سياسة الترشيد المتبعة” و”تركيز عملية الاستيراد وتوجيهها” إلى مستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي والحاجات الغذائية والدوائية المهمة، وتخفيض الطلب على القطع الأجنبي.
واعتبر الخبير الاقتصادي ومدير منصّة “اقتصادي” يونس الكريم ، أن أرقام الوزارة حسابية وليست حقيقية، ذلك أنه منذ سيطرة النظام السوري على نحو ثلثي الأراضي السورية قبل سنوات، لم تتغير نلك النسبة المقدرة بنحو 20% صعوداً وهبوطاً، وبالتالي فإن الرقم “حسابي وليس حقيقياً”، ويخفي وراءه كوارث عن واقع الاستيراد والصناعة والتجارة في سوريا.
ويتفق الباحث الاقتصادي فراس شعبو مع الكريم، ويقول ل”المدن”، إن “الأرقام الواردة مشكوك فيها بالمطلق”، ويرى أن انخفاض الواردات هو أمر طبيعي يرجع إلى الشروط الصارمة في قائمة الوزارة، عدا عن رفع الدعم عن كثير من المواد، وبالتالي أصبحت غير مُلزمة بالاستيراد لكثير من المواد المدعومة بما في ذلك المحروقات والقمح.
زيادة الصادرات
في المقابل، قالت الوزارة إن التصدير شهد تحسناً في 2023 قياساً مع 2022 بنسبة تصل إلى 60%، وبقيمة إجمالية لصادرات القطاعين العام والخاص تزيد عن 900 مليون يورو. ولفتت إلى ارتفاع الكميات المُصدّرة والقيمة التصديرية لمادة الفوسفات والألبسة وتوابعها والأحذية والأدوية والمنتجات العطرية وبعض المنتجات الزراعية كمادة اللوز.
ويوضح الكريم أن وضع الأرقام باليورو له دلالة سياسية هي أن معظم الصادرات تذهب إلى الاتحاد الأوروبي، وأن هناك رفعاً خفياً للعقوبات. لكن بالتسليم بالأرقام فذلك يعني أن هناك أكثر من 500 مليون دولار ذهبت على الأقل إلى خزينة المركزي السوري ما يعني رفده بقطع أجنبي جيد إلى حد ما، عدا عن تلك الأموال الكبيرة التي تروج وزارة السياحة بأنها حصلت عليها من القطاع السياحي في 2023، وذلك بدوره ينافي ما تروجه حكومة النظام عن الواقع الاقتصادي السيء.
إضافة إلى ذلك، يشير الكريم إلى أنه رغم تحسن الصادرات وانخفاض الواردات، فإن الفجوة في الميزان التجاري مازالت كبيرة تصل إلى 70%، وعليه، فإن الرقم لا يشير إلى تحسن اقتصادي بالمطلق في المستقبل.
وبالنسبة لشعبو، فإن المشكلة أن الوزارة لم تشِر إلى الأساس السنوي الثابت التي حدّدت وفقها الأرقام، إضافة إلى نوعية الصادرات التي ارتفعت، وما إذا كانت مواداً منتجة محلية ذات قيمة أم مواداً أولية وزراعية ومواد خام، قائلاً: هنا تكمن المشكلة الحقيقية”.
المقالة منشورة على موقع المدن.