366
لم تكن الإشاعات التي تُدُووِلَت مؤخراً حول وضع رجل الأعمال المقرب من الحكومة النظام السوري حسام القاطرجي تحت الإقامة الجبرية وإغلاق الشركات تابعة له في حلب، نتيجة خلافه مع محمد حمشو، ثم تُدُووِل الخبر على أنه خلاف مع أسماء الأسد، هي بالشيء الجديد، بل يمكن اعتبارها أخبار مستمرة تُدُووِلَت على طول فترة صعود الأخوة-القاطرجي ضمن اقتصاد حكومة النظام السوري، حيث تراوحت الإشاعات بين اعتقال وإقامة جبرية مع تجريده من أملاكه …
لكن الحقيقة بعد كل خبر عنهم، يظهر الأخوة القاطرجي ليفاجئوا مطلقي الإشاعات أنهم ما زالوا مستمرين بتضخيم ثرواتهم، وأن هذه الإشاعات ليست أكثر من ضباب يخفي تحركاتهم.
ومن هذه التحركات ما سُرِّب من مصدر مسؤول لدى الأجهزة الأمنية بدمشق عن اجتماع لمحمد براء القاطرجي بمنصف حزيران/يونيو 2024 مع “علي أكبر” أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وعدد من المسؤولين الإيرانيين هناك، دون أن يشير المصدر عن دواع الزيارة، أو إن كانت حكومة النظام السوري تقف خلف هذه الزيارة، أو جاءت بدعوة من الإيرانيين أنفسهم لبناء تحالفات جديدة بالساحة السورية محاولين الاستفادة من نفوذ القاطرجي وقوته العسكرية بمناطق الإدارة الذاتية ومناطق غرب الفرات بما له علاقة مع فصائل من المعارضة من خلال شبكة تهريب البضاع والكبتاغون، خاصة إن الإخوة القاطرجي حصلوا على الجنسية الإيرانية عام 2022.
وقد تم خلال تلك الاجتماعات على الاتفاق بينهم على عدة مشاريع الاقتصادية والعسكرية.
ففي مجال الاقتصادي: عرضت إيران على القاطرجي أن تساعده بتقديم قنواتها لتهربه من العقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة عليهم “الأخوة-القاطرجي”، بما لديهم استثمارات في عدة دول عربية، إضافة لتقديم دعم مالي، على أن يكون القاطرجي هو شريك الإيراني للمشاركة بإعادة إعمار سورية.
كما اتفق الطرفان على اكتتاب القاطرجي بسهم بنك المدينة والمشاركة في افتتاح بنك آخر للتمويل الأصغر (قروض للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر)، إضافة إلى استخدام قنوات القاطرجي في الأنشطة الصيرفة بسورية.
إحداث شركات نفطية وغازية سورية خاصة جديدة، خارج مجموعات القاطرجي، لاستكشاف وتطوير الحقول النفطية والغازية بسورية ودخولها بتشاركية مع مؤسسة النفط السورية، إضافة إلى التشاركية الدولية مع شركات نفطية آسيوية مدعومة من إيران.
ثانياً: على الصعيد العسكري
لا ربما أخطر ما اُتُّفِق عليه في الجانب العسكري، هو إنشاء حشد شعبي سوري عبر استخدام مليشيا القاطرجي والعناصر التي تسربت من جيش حكومة النظام السوري عبر إنشاء مراكز تجنيد لهذه الغاية واستخدام الشركات الاقتصادية كممول لها، مستفيدين من مليشيا المهام الخاصة التابعة للقاطرجي، والتي تعمل تحت غطاء من الأمن العسكري للاستخبارات حكمة النظام السوري.
ليبقى السؤال الأهم مدى قدرة مبادرات التطبيع العربي مع حكومة النظام السوري على رصد تحركات إيران ضمن بنية حكومة النظام السوري وتحكمها فيه.
ومدى قدرة التطبيع العربي على تغير ولاء البنية العسكرية لحكومة النظام السوري من إيران إلى الدول العربية، وخاصة أن تجربة الحشد الشعبي العراقي أفقدت الدول العربية العراق، وجعلت خطر إيران يتمدد أكثر، وزادت قدرتها لتهديد أمن الدول العربية.