في ظل الحديث عن تقارب تركي مع نظام الأسد، وعن مبادرات عدة تدعم هذا التقارب، نقل موقع “ميدل إيست آي” عما اسماه مصادر مطلعة القول أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعارض فكرة استضافة العراق لإجتماع رفيع المستوى بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبشار الأسد”.
بداية الأمر فإن مثل هذا الرفض يثير التساؤل عن توقيت وسبب الرفض للمبادرة!.
خاصة أن هذا التقارب يتم بين حليف بوتين “بشار الاسد” وصديقه “اردوغان”، وان من يقوم بالوساطة هو حليف لروسيا والاسد ، كذلك فإن المبادرة تقف خلفها إيران التي تعتبر شريك وحليف روسيا في سوريا ومناطق أخرى من العالم .
ماهي أسباب الرفض ؟ ماهي بنود المبادرة ؟
مصدر مطلع من دمشق قال أن المبادرة هي إيرانية بغطاء عراقي لعدم صدام مع رفض خليجي لها.
وقد بدأت هذه المبادرة باتصال هاتفي من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لبشار الأسد بالأسبوع الأول من شهر حزيران/يونيو ٢٠٢٤ استمر لأكثر من ساعتين، بهدف إحياء العملية السياسية بين ( الحكومة السورية) وتركيا ضمن آلية تضمن “سيادة سورية واستقلالها ووحدتها أراضيها”.
و تضمنت بحسب ما ذكره المصدر المطلع لـ “اقتصادي/ الشرق نيوز”، على عدة إجراءات للتوافق بين الاسد و الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تبدأ المرحلة الأولى من التفاوض في بغداد من أجل إعادة الثقة ” يبدو الأسد معجب بالمصطلح على أساس أنها غير ملزمة له” ، ثم يليها إطلاق يد الحكومة النظام السورية في محافظة إدلب وأجزاء من أرياف حلب الغربي للسيطرة بشكل كامل عليها ، للوصول إلى الحدود السورية التركية والسيطرة على طريق (M4)، بعملية عسكرية تشنها قوات جيش النظام السوري وحلفاؤه (ايران_ حزب الله _روسيا) ـ ومن ثم تسيير دوريات مشتركة ( ايرانية _روسية _تركية).
بعد سيطرة الجيش حكومة النظام السوري على ادلب، سيتم تسليم إدارة معبر باب الهوى للجنة مشتركة سورية تركية(تتسلم إدارة المعابر الحدودية البرية المشتركة) ، وبإشراف مباشر من قبل روسيا، لضبط حركة المعابر خلال فترة وجود القوات التركية على الأراضي السورية، مع إعادة فتح معبر “كسب” بين الطرفين.
بالمقابل سوف يتم دخول قوات مشتركة (روسية – تركية – سورية_ايرانية ) إلى مناطق منبج وعين العرب الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وإنشاء 6 نقاط عسكرية مستقلة تتمركز بها القوات التركية لفترة عام كامل، ثم يتم الانسحاب منها .
ليبدأ دخول المرحلة الثانية من عملية إعادة العلاقات التركية السورية (تطبيع العلاقات) عبر تحديد جدول زمني لانسحاب القوات التركية من سورية بشكل كامل.
تطبيع العلاقات
تبدأ المرحلة الثانية بتفكيك فصائل المعارضة السورية المسلحة المدعومة من تركيا وتسليم أسلحتها ل( الحكومة السورية)، وضم ما تبقى من الفصائل إلى فيلق تابع للقوات الروسية بعد أن يتم تسليم أسلحتهم الثقيلة (الحكومة السورية) ، حيث تقوم بتوزيعها ضمن نقاط على الحدود السورية التركية بعد انسحاب القوات التركية.
واذا ما نظرنا الى هذه المبادرة نجد أنها أساس( المبادرة الروسية ) ، وأن الأخيرة قد شملت جوانب سياسية وأمنية واقتصادية في حين أن المبادرة العراقية اكتفت بالجانب العسكري، إضافة الى أشراك ايران بالسيطرة على الشمال وهو ما لا ترغب فيه كل من روسيا وتركيا على اعتبار أن الأمر يُفشل هذه المبادرة و يعيد الثورة لبدايتها نتيجة الرفض الشعبي لها ، وأن حلف الناتو لن يرضى ان تكون ايران روسيا على ابوابه .
ولم يوضح المصدر، ماذا تستفيد تركيا من هذه المبادرة؟
ولكن الأيام التي تلت المبادرة بدأ يتسرب للإعلام تنسيق ودعم إيراني ل pkk بسوريا وشمال العراق ، حيث بات حزب pkk ” اعادة طرح أسم PKK بدل اسم قوات سورية الديمقراطية “، الورقة التي تضغط على تركيا لقبول أي تسوية تخص سوريا ، مستفيدين من فشل اردوغان بالضغط على الامريكان لرفع الدعم عن قوات سورية الديمقراطية وفتح المجال لشن عملية ولو خاطفة تنقذه من الفوضى التي بدأت تنتشر في اركان سيطرته على الدولة التركية .
بوادر فشل المبادرة العراقية
الصراع الروسي الإيراني للضغط على تركيا لتنفيذ مبادرة كل منهما ، قد تدفع بالرئيس اردوغان بالعدول عن المضي بتنفيذ المبادرتين، او أنه قد يوقع مع روسيا فقط على اعتبار أن المبادرة روسيا هي توسعة للمبادرة العراقية، أضف أن المبادرة الروسية “مبادرة الثقة” مدعومة من الامارات ، على أن تكون مشروطة بسيطرة جيش حكومة النظام السورية على مدن الشمال السوري وتسليم معلومات عن قادات pkk/قسد لتخلص منهم،اضافة الى توقيع اتفاق جديد يسمح لجنوده بالتدخل ضمن الحدود السورية العراقية لعمق ٣٠ _ ٥٠ كم كلما اقتضت الحاجة لها، وهو ما يعني فشل المبادرة العراقية/الايرانية .
لكن من جهة اخرى ، فأن ردود حكومة النظام السوري على تلك المبادرات غير مشجع رغم الضغوط حلفائه عليه، فهو لازال يناور للتخلص مع هذه المبادرات التي قد تعيق التطبيع العربي الذي يبحث من خلاله على طوق النجاه الاقتصادي والتخلص من العقوبات، وذلك عبر استخدام ” الأذلال السياسي” ضد الرئيس أردوغان ، مما يدفع بالرئيس اردوغان الى رفع سقف مطالبه ارضاءاً للشارع التركي، فتزاد معها خصوم ارادوغان سواء المحليين او الدوليين.