ضربة قاسية، وربما تكون قاسمة تلك التي تعرضت لها عائلة القاطرجي بمقتل عرّابها محمد براء القاطرجي، المحرك الرئيسي والمتحكم بتحديد خطواتها ونسج علاقاتها المتشعبة والكثيرة، حتى وصولها منذ سنوات، لتكون رقماً صعباً في معادلة الاقتصاد السوري.
قُتل براء القاطرجي الاثنين، بغارة جويّة قالت وكالة “رويترز” إنها من طائرة إسرائيلية، في منطقة الصبورة قرب الحدود اللبنانية- السورية، تاركاً وراءه إمبراطورية اقتصادية ضخمة لم تترك قطاعاً صناعياً أو تجارياً سورياً، إلا وتغلغلت داخله ووصلت إلى قمته بترخيص من القصر الجمهوري وعائلة الأسد التي تديره.
هل يتأثر الاقتصاد السوري والأسد؟
يصعب إحصاء العدد الدقيق لاستثمارات عائلة القاطرجي في الاقتصاد السوري، لكن المؤكد أن “مجموعة القاطرجي الدولية” التي كان براء يتولى منصب مديرها التنفيذي، تدير عشرات الشركات في القطاعات الصناعية والتجارية والسياحية أبرزها، “أرفادا البترولية”، “فولاذ للصناعات المعدنية”، “بي إس للخدمات النفطية،” آرمان للإدارة الفندقيّة والسياحية” و”قاطرجي للتجارة والنقل”.
يضاف الى ذلك ان براء القاطرجي يعتبر رجلاً إيرانيّ الولاء بشكل مُطلق، كما تتولى “مجموعة القاطرجي الدولية”، دفع أثمان نفط طهران إلى مناطق النظام بالدولار الأميركي.
التأثيرات السلبية على الاقتصاد السوري ستنسحب حكماً على اقتصاد النظام والأسد، ذلك أن براء القاطرجي مدرج على قوائم العقوبات الأميركية بسبب استفادة النظام من عائدات استثمارات العائلة المالية، لا سيما تجارة وتوريد النفط ومشتقاته.
ويؤكّد الخبير والباحث الاقتصادي يونس الكريم أن التأثير على الاقتصاد السوري سيكون كبيراً، إذ ستلجأ العائلة إلى تجميد أعمالها للانشغال بالبعد الأمني والحماية بعد مقتل براء، على حساب الأعمال الاقتصادية، والتي كان يعتمد عليها النظام السوري إلى حد كبير.
إضافة إلى ذلك، ستلجأ العائلة إلى تحويل أموالها من الليرة السورية إلى الدولار الأميركي بسبب فقدان الثقة بالأسد ومنظومته، بحسب الكريم الذي يرجح خروج بعض رجال الأعمال من العائلة وآخرين مقربين من إيران من سوريا، وبالتالي تجميد المزيد من المشاريع التي تعود بالفائدة والنفع على الأسد ومنظومته، والتي كانت تخطط لإنشاء تلك المشاريع وإدارتها بتمويل من العائلة.
ويتوقّع الكريم أن توقف إيران الكثير من العمليات المتعلقة بدعم النظام السوري لا سيما شحنات النفط التي تموّلها العائلة، ريثما يتم الكشف عن مصدر التسريبات التي حددت مكان براء وأدت الى مقتله، كما يرجّح أن يتحفظ الكثيرون من رجال الأعمال على العودة إلى سوريا، بسبب وصولهم إلى قناعة بأن الأسد ونظامه يتخلصون من أزلامهم ورجالاتهم مع انتهاء دورهم.
وعلى النسق ذاته، يتوقع المستشار الاقتصادي أسامة القاضي أن يأخذ تعويض براء في عمليات نقل النفط من مناطق “قسد” الى مناطق النظام السوري وقتاً طويلاً، لأنه كان صلة الوصل بينهما، كما رجّح بأن روسيا لن تسمح لأحد من عائلة القاطرجي بتسلم الملف مرة جديدة.
هل تنهار إمبراطورية القاطرجي؟
مقتل براء يُعد ضربة قاسية، وربما تكون قاسمة للعائلة، ذلك لأنه عرّاب وصولها لما وصلت إليه اليوم من نفوذين اقتصادي وسياسي في منظومة الأسد ونظامه المتحكمين بالاقتصاد السوري، كذلك عبر نسج العلاقات المعقدة بداية مع تنظيم “داعش” وتوريده النفط والقمح من مناطقه إلى مناطق النظام، والسير بعد سقوط دولة “الخلافة” على النهج نفسه مع الوحدات الكردية، فهل تنهار الإمبراطورية بمقتله؟
يرى الخبير والباحث الاقتصادي فراس شعبو أن مقتل براء هي عملية تصفية يقف خلفها النظام السوري بهدف تدمير هذه الإمبراطورية أو على الأقل إعادة هيكلتها لمصلحة الأسد وأزلام النظام الأساسيين، ودلّ على ذلك إنهاء امبراطورية رامي مخلوف سابقاً. كما لا يستبعد شعبو في الوقت عينه، انهيار إمبراطورية القاطرجي بشكل كامل، مشيراً إلى أن النظام لم يقدم على هذه الخطوة إلا لأنه جهّز البديل لها، لا سيما عمليات تنظيم ونقل النفط والقمح من مناطق “قسد” لمناطقه.
من جهته، لا يتوقع الكريم انهيار إمبراطورية القاطرجي الاقتصادية والمالية، إنما يرجّح أن تتعرض لخلخلة وتعقيدات نظراً لأهمية براء فيها، لكنه لفت أن مقتله سيترك فجوة كبيرة.
المقالة منشورة على موقع المدن.