سقط الأسد في 8 كانون الأول /ديسمبر وتنفس السوريين/ات الحرية على أمل أن تكون الحكومة القادمة حكومة وحدة وطنية تختلف الية اختيارها عن حكومة الأسد.
لا مشكلة لديهم ان تشارك في تركيب هذه الحكومة تيارات إسلامية راديكالية بالحكم، بل دعموا دخولهم الى المدن من خلال رفض المواجهة مع قواتهم ، غرفة عمليات ردع العدوان التي تترأسها هئية تحرير الشام ، لدرجة ان بعض المقاتلين عبر تسجيلات فيديو منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي يتكلموا بشكل منفصل امام حشود في مساجد بدمشق، انهم من ادلب حتى دمشق خلال 12 يوم لم يطلقوا رصاصة وحدة ، هذا الدخول السهل فسره محللين أخرين ان هناك استخبارات قوى دولية ساهمت بنجاح تغير الحكم في دمشق.
اليوم مضى أسبوعان من سيطرة الحكم من قبل غرفة عمليات ردع العدوان التي يتولى التحكم فيها احمد الشرع دون تغير يذكر، فلا بيان دستوري يبين اتجاه البلاد أو اعلان حكومة انتقالية بل تم الإعلان عن حكومة تسير أعمال، ولم يعلن عن تشكيل هيئه قضائية للمحاسبة بل تم الاستعانة بهياكل إدارية للنظام البائد للمساعدة بإدارة البلاد، وإعطاء عفو وتسوية لشخصيات عسكرية كبيرة ، مثل طلال مخلوف ، العسكري المسؤول في القصر الجمهوري ، دون إيضاح منهم.
سياسة تغير القبعة دون تغير الرأس
إذ توقع جمهور الثورة أن يكونوا/ن الدماء الجديدة لأجهزة الدولة لبناء سورية التي يطمح لها السوريين/ات، بحيث يديرون/ن دفة السياسات في البلاد وهو يتماشى مع مفهوم الحكومة الانتقالية، فيتم هيكلة المؤسسات باستبعاد قيادات حزب البعث الذي كان الداعم لجرائم الاسد بشكل واضح ومن ثم استبعاد الشخصيات التي حصلت على الواسطة والمحسوبية للوصول الى مناصبها ليكون المعيار الجديد في التوظيف الشهادات والخبرات وسنوات تضحيات خلال الثورة، لكن الذي حدث أن قيادات ردع العدوان قامت بتعين قيادات جديدة للوزارات من دائرتهم الضيقة للوظائف الهامة دون مشاورات مع باقي أجسام الثورة بشكل مشابه لتأسيس حزب واحد لإدارة الدولة بقيادة احمد الشرع ثم عمل على إشراك حلفائه من الفصائل العسكرية في بناء أجهزة الدولة عبر إعطائهم رابط يتم ترشيح أسماء من يودون توظيفهم ويختاروا الأماكن عبر ذلك الرابط لتوزيعهم فيها، ومن خلال اطلاعي على الرابط كان هناك جهاز امني واحد قيد الانشاء هو امن الدولة إضافة الى باقي وظائف الدولة الاعتيادية.
هذا الاستبدال بالكوادر بين الحزب البعث و الموالين للادارة الجديدة ـ اشعرت المراقبين/ات و المحللين/ات انهم أمام استبدال قبعة لا أكثر.
الإبقاء على سياسات إحلال التحالفات
ربما يكون من الصادم القول ان التصريحات التي صدرت عن حكومة محمد البشير واحمد الشرع هي ذات القرارات التي كانت تصدر عن حكومة الأسد ” محمد غازي الجلالي” هذا التشابه قاد بعد خمسة عشر يوم إلى اعتماد حكومة البشير على قرارات “الجلالي” في إدارة مؤسسات الدولة، وإن كان الفرق أن الأول “الجلالي” كان يحاول أن يؤطر بالدستور والقانون قراراته مع مراعاة امراء الحرب و رغبات القوى الدولية المتحالفة مع الأسد في حين “محمد البشير” فحكومته متحررة من أمراء الحرب ولا يوجد اطر دستورية يمكن المضي تحت سقفها او حتى إعلان دستوري كما ان هذه القرارات تحاول بناء تحالفات دولية جديدة لها ولحزبها الذي يُزرع الأن بمؤسسات الدولة.
فالدعوة الى اقتصاد حر هي خطوات قديمة من قبل الأسد كان قد وصل لها بعد انهاء مرحلة التشاركية ، حتى سياسات التحاور والتقاسم مع قسد كانت قد قطع مملوك أشواط بها لتستكمل الان من حيث انتهت ، تحرير التجارة التي كانت تعاق سابقاً بسبب العقوبات و المصالح الشخصية لنظام الأسد ، لتطلق العنان لها الان دون معرفة ماهي الضوابط اللاحقة لهذا الانطلاق ، عروض استثمار مؤسسات الدولة و خصخصتها لم تكن لصالح الاقتصاد والمواطن السوري، فخسر الاقتصاد الكثير من المؤسساته التي تعتبر دعائم نهوضه كالفوسفات والمرافئ و النفط وغيرها وهي ذات المشاريع التي تقدم وفود الدول الأجنبية خلال لقائها مع حكومة محمد البشير لمناقشتها بدل التي كانت بعهد حكومة الأسد بسياسة إحلال تحالفات ، فحكومة البشير مستعجلة لبناء تحالفات تدعم وجودها مستقبلا .
رغم ان وجوها تم اقراره من قبل جميع السوريين على اختلاف توجهاتهم ، لمن استمرار حكومة احمد البشير بصم أذانها عن نصائح الثوار أهل الاختصاص ، مثل القضايا الساخنة الحالياً حول سعر الدولار والليرة والأسعار لارتباطها باستقرار أمن الناس و منع الاحتقان او حتى منع الانفجار.
لكن الذي قامت به حكومة محمد البشير في إدارة البنك المركزي الاعتماد على رجل أسماء الأسد عصام هزيمة بادرة ملف السياسات النقدية ، رغم انه الأخير كان مسؤول عن تدهور العملة السورية و وصلها 15 الف ليرة بعد أن كان سعرها يقارب 2500 ليرة
هذا الحاكم لم يستطيع تقديم استشارة بهذا الملف غير الاعتماد على سياسية التي كانت مطبقة قبل سقوط حكومة الأسد البائدة بتقيد السحب بحيث حدده ب 500 ألف ليرة من الصرافات الآلية و 5 مليون ليرة في الأسبوع من المصارف مما يقود إلى اختناق السيولة وتعطل الأعمال وخسائر بالسوق، وخاصة إن المصارف تعاني أصلاً من فقدان السيولة من الليرة السورية و الدولار، مما يعني أن هذه الأموال مكتنزة بمكان ما بسورية او دول الجوار المولية للأسد سابقا، والبنك المركزي لديه معرفة وكشوفات حول ذلك.
الحل خارج صندوق سياسات الأسد
لابد من أشعار شارع الثورة والسوريين ان هناك تغير بسياسات إدارة الدولة ليكون الفرح بسقوط الأسد مبني على أمل وال يكون مؤقت وممزج بالخوف من المستقبل مما يكبد الاندفاع لبناء سورية هذا التغير يبدأ من الاقتصاد.
فالحل هو خارج صندوق السياسات السابقة، تنطلق من خُطَّة تطبق حالياً لمنع استمرار التدهور الليرة ومن ثم البحث عن حول طويل الأمد.
الحلول الحالية تتمركز حول :
1- الحجز على الأموال المنقولة والغير منقولة لشركات الصرافة و الأفراد المعاقبين وفق قانون سيزر و العقوبات الدولية وحبس أصحاب هذه الشركات لمعرفة أين ذهبت الأموال.
2- طلب من الاتخاذ الأوربي الأفراج عن الأموال السورية المطبوعة سابقا كمساعدات إنسانية.
3- طلب من الدول الجوار والمملكة العربية السعودي وتركيا بإرسال ما لديها من أموال سورية الى سورية كنوع من المساعدات الإنسانية لتوفير السيولة مع مراقبة الحدود بشكل كبير.
4- تثبيت سعر الليرة بشكل بسعر ثابت بشكل أسبوعي أو شهري واستخدامه بتسعير الاحتياجات الأساسية كالخبز والخضروات والمحروقات للسيارات الفردية والنقل الجماعي، لدعم القوة الشرائية للأفراد والموظفين ودعمهم عودتهم للعمل وإيقاف المضاربة.
5- أطلاق الدولار بالتعامل عبر قرار رسمي من البنك المركزي والسماح للمصارف فتح حسابات الدولار وتسليم الدولار على الأقل للحسابات الجديدة، وإلغاء أي قرار يمنع تداول الدولار صراحة.
6- إطلاق حملة تبرع بالليرة السوري والدولار دولية لدعم الاقتصاد وأجهزة الدولة عبر المصارف الحكومية فقط ريثما يتم الإعلان عن حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات
ولنجاح هذه التحركات على الحكومة التوقف عن التصريحات الغير مسؤولة على التلفاز ، والعمل على خلق قنوات مع كوادر الثورة والسوريين بالداخل والخارج لحل المشاكل، و البَدْء بجرد حقيقي وشفاف للواقع والابتعاد عن الخطابات العاطفية والأرقام السابقة، فهم الان بالسلطة ويملكون النفاذ إلى المعلومات، والسوريين يرغبون بمعرفة الحقيقة حتى تكون مساهمتهم واضحة لبناء سورية وليس بناء أحزاب تتحكم بمستقبلهم من جديد.