الرئيسية » “ترتيب الأوراق مع دمشق”.. ماذا وراء زيارة قائد سوريا الديمقراطية لكردستان العراق؟

“ترتيب الأوراق مع دمشق”.. ماذا وراء زيارة قائد سوريا الديمقراطية لكردستان العراق؟

بواسطة Younes

مصعب المجبل

توسع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، قنوات الوساطة لبحث مصير وجودها في شمال شرق سوريا مع مطالبة الإدارة السورية الجديدة بتسليم مناطق سيطرتها للحكومة المركزية في دمشق.

وتتعرض “الإدارة الذاتية الكردية” التي تتبعها قوات “قسد”، وتفرض الأخيرة سيطرتها على مناطق واسعة من المحافظات السورية الثلاث “دير الزور – الرقة – الحسكة” لضغوط من إدارة دمشق وكذلك تركيا.

وساطة أربيل

وأكد وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، أسعد الشيباني، خلال لقاء مع نظيره التركي هاكان فيدان، بالعاصمة أنقرة في 15 يناير/ كانون الثاني 2025، أن “وجود قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق البلاد لم يعد مبررا”، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024.

وأوضح الشيباني أن النظام السابق “كان سببا في زعزعة استقرار المنطقة”.

وشدد على “أهمية توحيد الصفوف ولملمة جراح الشعب السوري لتحقيق بناء وطن موحد”، مضيفا أن “الشعب السوري لن يقبل بتقسيم بلاده”.

وفي اليوم التالي من زيارة الشيباني للجارة تركيا، توجه القائد العام لقوات “قسد”، مظلوم عبدي، إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، حيث استقبله الرئيس السابق للإقليم مسعود بارزاني الذي يقود الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم.

وهذا اللقاء بين عبدي وبارزاني، هو الأول من نوعه منذ تأسيس “قسد” في أكتوبر/تشرين الأول 2015 شمال شرقي سوريا.

وأعلن مقر بارزاني في بيان، أن اللقاء بحث الأوضاع في سوريا وآخر التطورات الأمنية والسياسية، بالإضافة إلى التباحث حول الإطار العام لتعامل القوى الكردية مع الوضع الجديد وكيفية اتخاذ موقف مشترك للأحزاب الكردية في سوريا.

وفقا للبيان، أكد اللقاء على ضرورة أن “تُقرر الأحزاب الكردية في سوريا مصيرها دون تدخل أي طرف آخر وبالطرق السلمية وبما يضمن حقوقهم في الوحدة والتضامن المشترك مع حكام سوريا الجدد للوصول إلى التفاهم والاتفاق”.

بدوره، أعلن عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في كردستان العراق، هوشيار زيباري، أن  اللقاء بين عبدي  وبارزاني يعد “إنجازا كبيرا لتعزيز الوحدة الكردية”.

ولفت زيباري في منشور على حسابه في منصة “إكس” إلى أن الخطوة “ستمكن الحكام الجدد في دمشق من تحقيق انتقال سياسي سلس”.

وزيارة عبدي إلى أربيل أتت بعد 3 أيام من استقباله في سوريا، ممثل بارزاني ومسؤول الملف السوري في حكومة إقليم كردستان، حميد دربندي.

مخطط للتوطين

كما جاءت زيارة عبدي إلى أربيل بعد يومين من حديث النائب عن الجبهة التركمانية العراقية ورئيس الكتلة التركمانية في مجلس النواب، أرشد الصالحي، عن وجود ادعاءات منح الجنسية وجوازات سفر عراقية لأعضاء سوريين في تنظيم حزب العمال الكردستاني “بي كا كا”.

وذكر الصالحي لوكالة “الأناضول” التركية في 14 يناير 2025 أنه بعث رسالة إلى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بهذا الشأن.

وتفيد الادعاءات بمنح الجنسية وجوازات سفر عراقية لعدد من قيادات وأعضاء تنظيم  “ب ي د”، الفرع السوري من “بي كا كا” بينهم المدعو فرحات عبدي شاهين الملقب بـ”مظلوم عبدي”.

وأضاف الصالحي: “بحسب معلومات وصلتنا، حصل الإرهابيون على هويات مزورة من دائرة الأحوال المدنية بمحافظة كركوك ومن ثم تم منحهم جوازات سفر من دائرة الأحوال المدنية في السليمانية”.

وأكد أن القضية “تشكل خطرا على التركمان أيضا”، مشيرا إلى أن هناك مخططا لتوطين عناصر “ب ي د” في محيط كركوك عبر دائرة الأحوال المدنية في السليمانية.

وفي الوقت الراهن تخوض الإدارة السورية الجديدة مفاوضات مع “قسد” بشأن مصير المناطق التي تسيطر عليها وما تزال تشكل العقبة الكبرى أمام إعلان السيطرة بشكل كامل على الأراضي السورية.

ولهذا، فقد التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في 30 ديسمبر 2024 وفدا من قوات سوريا الديمقراطية، وفق ما أفاد مسؤول مطلع على الاجتماع لوكالة الصحافة الفرنسية والذي قال إن المحادثات كانت “إيجابية”.

وعقب ذلك، أكد عبدي الاتفاق مع الإدارة السورية الجديدة على رفض “أي مشاريع تقسيم” تهدد وحدة البلاد.

وفي تصريح مكتوب لوكالة فرانس برس، قال عبدي إن “لقاء إيجابيا” جمع قيادتي الطرفين نهاية ديسمبر 2024 في دمشق، مضيفا “نتفق أننا مع وحدة وسلامة الأراضي السورية، وعلى رفض أي مشاريع انقسام تهدد وحدة البلاد”.

وقد رفع الأكراد السوريون، بعد هزيمة الأسد، علم الثورة الذي تعتمده فصائل المعارضة، على مؤسساتهم، في بادرة حسن نية تجاه السلطة الجديدة، في خطوة رحبت بها واشنطن.

“البحث عن امتيازات”

من الواضح أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يحاول لعب دور الوساطة بين قسد من جهة وبين الإدارة السورية الجديدة التي تريد توحيد البلاد وتركيا من جهة ثانية التي تكافح تنظيم “بي كا كا” منذ عقود وفروعه كذلك في سوريا منذ سنوات.

ونشر الصحفي السوري مكسيم العيسى، ما قال إنها أبرز النقاط التي جرى الاتفاق عليها في زيارة قائد “قسد” والرئيس مسعود بارزاني، وهي “المصالحة الكردية بين الأحزاب، وتشكيل مرجعية كردية في سوريا تشمل أحزاب الوحدة الوطنية والمجلس الوطني الكردي والأحزاب خارج هذين الإطارين، بالإضافة للمجتمع المدني ودخول قوات البيشمركة الكردية السورية”.

وأضاف العيسى في حسابه على “فيسبوك” أن ضمن نقاط الاتفاق “تشكيل وفد كردي موحد للذهاب إلى دمشق ولقاء حكومة أحمد الشرع”.

وأردف: “إيقاف الهجمات التركية بوساطة من إقليم كردستان العراق والولايات المتحدة تشمل خروج مقاتلي حزب العمال الكردستاني (من ذوي الجنسية التركية) من سوريا ضمن إطار الحل الجاري حاليا في تركيا”.

ولوّح وزير الخارجية التركي فيدان في 7 يناير 2025 بشن عملية جديدة ما لم توافق القوات الكردية على شروط أنقرة لمرحلة انتقالية “غير دموية” بعد الأسد.

كما دعا وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو خلال زيارته دمشق في 3 يناير 2025 الإدارة السورية الجديدة إلى التوصل لـ”حل سياسي مع الإدارة الذاتية الكردية”.

وضمن هذا السياق، يؤكد الباحث السوري، يونس الكريم أن “ذهاب مظلوم عبدي إلى كردستان العراق جاء نتيجة توسط مسعود برزاني بين تركيا وقسد لحل الخلاف بينهما قبيل تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة في 20 يناير، والاستفادة من هذه الفترة بهدف الوصول إلى نقطة تحقق مكاسب لكلا الطرفين اللذين لا يثقان في السياسية الأميركية”.

وأضاف الكريم أن “هناك محاولة من قسد وتركيا لدعم الإدارة السورية الجديدة عبر الحصول على امتيازات خاصة لكل منهما؛ ففي حال نجحت أنقرة بفرض شروط التفاوض على قسد فإن ذلك يعزز الأوراق الداخلية للحكومة التركية”.

وأردف: “في حال نجاح المفاوضات لصالح قسد فإن ذلك سيعزز من وجودها كقوة رسمية داخل الحكومة السورية، وهذا يجعلها تستمر لفترة طويلة ليس تحت مكون سوري سوري بل كمكون إدارة ذاتية داخل الحكومة السورية وهذا يعني أن الحكومة ستكون حكومة محاصصة”.

وأشار الباحث إلى أن “عبدي يحاول عبر برزاني الوصول إلى كلمة توحد المجالس الوطنية الكردية مع الإدارة الذاتية الكردية التي تحكم شمال شرق سوريا وبالتالي هذا يعزز موقف قسد التفاوضي سواء مع حكومة دمشق أو مع الأتراك”.

“حجة السلاح”

وذهب الكريم للقول بأن “قسد تشعر أنه قد يكون هناك صراع طويل وبالتالي لا بد من وجود خط دعم لوجيستي ودولي يساندها في حال تطورت العلاقات نحو الأسوأ مع دمشق أو أنقرة، ولا سيما أن أربيل لها علاقات مع كثير من الأطراف الدولية وهذا الأمر سيدعم قسد عبر العلاقات الدولية”.

وعقب سقوط الأسد، زعم قائد “قسد” عن أن مطالبه بـ”إدارة لا مركزية” للمناطق التي تقع تحت سيطرتهم في شمال شرق سوريا “لا يتعارض مع وحدة البلاد”، بل عدها “الخيار الأنسب” للواقع السوري، وفق تعبيره.

وخلال تصريح تلفزيوني في 15 يناير 2025 قال إنه قدم هذه المطالب للإدارة السورية الجديدة خلال مشاورات سابقة.

وأضاف عبدي أن “الإدارة اللامركزية هو مطلبنا الأساسي، لكن وجهة نظر الإدارة السورية مغايرة؛ إذ يرغبون في إدارة مركزية ولكن مطلبنا واضح”.

وترفض الإدارة السورية الجديدة وجود أي قوة عسكرية خارج المنظومة العسكرية للجيش بما فيها قوات “قسد”.

وضمن هذه الجزئية، أشار القيادي في “إدارة العمليات العسكرية” بدمشق، أحمد الدالاتي، إلى أن “الأكراد جزء من الشعب السوري ولا يمكن بقاء السلاح بيد قسد بحجة حماية حقوق الأكراد أو حتى قتال تنظيم الدولة لأن الدولة الجديدة هي المعنية بالأمن ومحاربة أي تهديد”.

وأضاف الدالاتي في تصريح تلفزيوني في 17 يناير 2025 قائلا: “المشكلة مع قسد هي طرحها مشروعا سياسيا مرتبطا بأجندة خارجية، لها علاقة بإنشاء كيان كردي يهدد الأمن القومي لسوريا وللدول المجاورة”.

وفي الوقت الراهن، يجري وزير الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية مرهف أبو قصرة  مشاورات مع كل فصائل المعارضة؛ لدمجها ضمن الجيش الجديد.

ولا سيما أن أغلب تلك الفصائل انخرطت ضمن “إدارة العمليات العسكرية” التي تشكلت من مجموعة فصائل معارضة وقادت عملية إسقاط نظام الأسد.

المقالة منشورة على موقع صحيفة الاستقلال.

مقالات ذات صلة