شات جي بي تي
خلال اتصال بصديق لي محلل سياسي ، كان محور الاتصال حول الشأن السوري ومآلاته ، ونتيجة الاختلاف بيننا ، كأي سوريين اثنين بالوقت الحالي ، كان لابد من طرف ثالث حيادي ، لايملك تصور مسبق عن سوريا والصراعات حولها ، ولا حتى مشاعر ، وهذا الامر بالنسبة للبشر صعب جدا ويحتاج الى وقت ، الوقت هو الذي اشعل فكرة سؤال “جي بي تي” عن رأيه … واتفقنا ان و المحلل السياسي ان نبدأ السؤال من هو احمد الشرع .
أحمد الشرع
عند سؤاله من احمد الشرع ، اجاب :
يُعَدّ أحمد حسين الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، شخصيةً محورية في المشهد السوري المعارض المسلّح. قاد سابقًا جبهة النصرة (فرع القاعدة في سوريا) قبل أن يُعلِن الانفصال عن القاعدة وإعادة تشكيل حركته تحت مسمى هيئة تحرير الشام (HTS). يسيطر الجولاني اليوم على إدلب وأجزاء من شمال غرب سوريا بحكم الأمر الواقع، عبر ذراعٍ إداري يُسمّى حكومة الإنقاذ السورية.
هذا الواقع يطرح تساؤلات عن نمط حكم الجولاني الحالي والمحتمل: هل يسعى لترسيخ حكم دكتاتوري سلطوي أم يُبدي ميولًا نحو نهج أكثر انفتاحًا أو ديمقراطية؟ وكيف سينعكس مزيج أيديولوجيته الإسلامية الجهادية وطموحاته السياسية على أسلوب حكمه إذا وصل إلى السلطة في عموم سوريا؟
لذا اردنا من الحوار مع “جي بي تي” ان يكون اكثر تعمقاً حول ممارسات الجولاني في إدلب، وأن يكون الإطار النظري مستمد من علوم السياسة والفلسفة السياسية .
فاستحضر لنا ” جي بي تي” أفكار توماس هوبز حول الحاجة إلى سلطة عليا تحفظ النظام، ونصائح نيكولو ميكافيلي حول أساليب التحكم السياسي (كالخوف والحيلة)، ومفهوم كارل شميت للسيادة وحالة الاستثناء. كما سنحلّل تجارب حركات إسلامية مسلّحة أخرى في الحكم لمقارنة الأنماط.
طبعا الهدف من سؤالنا هو الفهم العميق لشخصية الرئيس احمد الشرع القيادية واحتمالات تحوله إلى دكتاتور ، بحيث يكون التحليل اكثر تعمق من المقارنة بنماذج أنظمة حكم تقليدية.
خلفيّة وأيديولوجيا الجولاني
أبو محمد الجولاني من مواليد 1982، ظهر على الساحة خلال الثورة السورية كقائد لجماعة جهادية. ارتبط اسمه أولًا بتنظيم القاعدة عبر قيادته لجبهة النصرة، لكنه أعلن في 2016 فك الارتباط عن القاعدة سعيًا لتلميع صورته كفصيل سوري محلي وليس مشروعًا جهاديًا عالميًا .
هذا التحول اعتُبر في البداية خطوة تجميلية تكتيكية لكسب قبول محلي ودولي ، لكنه كرّس واقعًا جديدًا تمثّل في تأسيس هيئة تحرير الشام عام 2017. وتزامن ذلك مع محاولة تبنّي خطاب وطني سوري أكثر منه عالمي، مما يشير إلى براغماتية سياسية لدى الجولاني؛ فهو مستعد لتغيير الولاءات والأسماء من أجل تعزيز نفوذه.
رغم هذا التحول الشكلي، بقي الجوهر الأيديولوجي إسلاميًا سلفيًا متشددًا. فالجولاني يطرح نفسه كقائد إسلامي يهدف إلى إقامة حكم بالشريعة الإسلامية في سوريا، ولكن بنمط “معتدل” مقارنة بتنظيمات أشد تطرفًا كداعش. في مقابلات إعلامية عدة، أبرزها حواره مع شبكة PBS عام 2021، أكّد أن الحكم في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام سيكون إسلاميًا “ولكن ليس وفق معايير داعش أو حتى السعودية” .
هذا التصريح يعكس رغبته في طمأنة الداخل والخارج بأنه لا يتبنى النهج المتطرف في تطبيق الشريعة، بل قد يسمح بهوامش من الحياة الاجتماعية الطبيعية.
وبالفعل، يُلاحظ أنه في إدلب سمحت سلطات الجولاني ببعض الحريات الاجتماعية النسبيّة التي تميزها عن نماذج حكم طالبان أو داعش – مثل عدم فرض الحجاب قسرًا على النساء والسماح بالتدخين .
هذه المرونة الاجتماعية تخدم صورة الجولاني كقائد أكثر اعتدالًا مما يوحي به تاريخه الجهادي.
لكنها أيضًا قد تكون تكتيكًا سياسيًا يستند إلى نصيحة ميكافيلي الشهيرة بأن يُظهر الحاكم قدرًا من التسامح ما دام ذلك لا يهدد سلطته، لتجنّب كراهية الشعب طالما أمكن . فميكافيلي أشار إلى أنه من الأفضل للحاكم أن يكون مخشيًا (لتأمين الطاعة) دون أن يكون مكروهًا؛ إذ يستطيع السيطرة على الخوف أكثر من سيطرته على الحب .
ممارسات الجولاني في إدلب كنموذج حكم
إن إدلب ومناطق شمال غرب سوريا الخاضعة لهيئة تحرير الشام تُعدّ مختبرًا عمليًا يمكن من خلاله استشراف طبيعة حكم الجولاني. فبعد سنوات من سيطرة الفصائل المختلفة، تمكنت هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني من تصفية نفوذ المنافسين وتوحيد السلطة في تلك الرقعة الجغرافية. اعتمد الجولاني في ذلك على مزيج من الترغيب والترهيب والقوة العسكرية؛ إذ تشير الدراسات إلى أنه “من خلال مزيج من الحوافز والمفاوضات والإكراه، فككت هيئة تحرير الشام أو استوعبت منافسيها ضمن مناطق سيطرتها” .
هذا ما أطلقت عليه قيادة الهيئة عملية “توحيد أجهزة الحكم في المناطق المحررة”، والتي هي في جوهرها عملية تركيز السلطة في يد الجولاني وإقصاء بقية الفصائل المسلحة والمدنية التي لا تخضع له .
ضمن هيكلية الحكم الناشئة في إدلب، أنشأ الجولاني وحركته حكومة الإنقاذ السورية (SSG) كواجهة مدنية لإدارة شؤون المنطقة. هذه الحكومة تضم عددًا من الوزارات والمديريات، وتحاول إظهار قدر من العمل المؤسساتي. حتى أنها شكلت مجلس شورى يُفترض أنه منتخب لتمثيل المجتمعات المحلية والنازحين . وقد أصدرت حكومة الإنقاذ “قانون انتخابات” في حزيران/يونيو 2024 عبر مجلس الشورى هذا، في خطوة تُظهر تبني بعض الممارسات الديمقراطية الشكلية . مع ذلك، تجنّب الجولاني وحكومته استخدام مصطلح “الديمقراطية” علنًا، ولا تزال هناك شكوك كبيرة حول مدى نزاهة أو جدية هذه الآليات الانتخابية المحدودة نظرًا للقيود المفروضة على الترشح والترشيح . في الواقع، تُشير التقارير إلى أنه لم تُجرَ أي انتخابات حرّة فعلية في إدلب تحت حكم هيئة تحرير الشام؛ فالمناصب العليا تُعيَّن بموافقة مجلس شورى مُغلق يدور في فلك الجولاني . الوزراء وكبار المسؤولين يتم اختيارهم وموافقة عليهم عبر هذا المجلس الاستشاري الموالي، بدلًا من انتخابات شعبية حرة . كذلك تُطبَّق الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع في مناطقهم، وفق فهم الهيئة الخاص، مع غياب أي تمثيل نسائي في مواقع صنع القرار . كل ذلك يؤكد الطبيعة غير الديمقراطية لحكم الجولاني في الوقت الراهن.
علاوة على انفراد الجولاني وهيئته بالسلطة السياسية والإدارية، فإن قمع المعارضة وغياب التسامح مع النقد سمتان بارزتان في إدلب.
فعلى الرغم من جهود الهيئة في إظهار قدر من الاعتدال الديني كما أسلفنا، إلا أنها تبدي صرامة شديدة تجاه أي معارضة سياسية أو مدنية.
وثقت منظمات حقوقية حالات تعرّض معارضين سياسيين ومدنيين للتعذيب في سجون إدلب تحت حكم هيئة تحرير الشام .
وتشير تقارير بحثية حديثة إلى أن الهيئة ترد بقسوة وبشكل سريع على أي احتجاجات أو شكاوى مدنية، بما في ذلك اعتقال وتعذيب الصحفيين والناشطين الذين ينتقدونها . فعلى سبيل المثال، شهد عام 2024 احتجاجات واسعة في إدلب ضد ممارسات الهيئة، طالبت برحيل الجولاني ونددت بالفساد وضرائب الهيئة واعتقالاتها السياسية . جاءت ردود فعل الجولاني وأجهزته الأمنية حازمة لسحق هذه التحركات الاحتجاجية، مما يظهر حدود هامش التعبير المسموح به.
هذا الأسلوب في خنق المعارضة وإسكات الأصوات الناقدة يتماهى مع نمط الحكم السلطوي، حيث تُغلَّب أولوية بقاء النظام على أي اعتبارات للتعددية السياسية.
إلى جانب القمع المباشر، يستخدم الجولاني آليات أخرى لترسيخ حكمه في إدلب: منها بناء صورة القائد الضروري والمُخلِّص.
فهو يقدّم نفسه على أنه المسؤول عن توفير الأمن والخدمات للسكان في خضم الفوضى المحيطة. فقد سعت الهيئة منذ 2017 إلى إنشاء مؤسسات خدمية (كإدارة شؤون الخدمات العامة، ومديريات للإدارة المحلية، ومحاكم شرعية) وشركات مرتبطة بها لتوفير الوقود والاتصالات والمواصلات .
بعد سيطرتها على مناطق واسعة، سارعت إلى إعادة تفعيل توفير الكهرباء والماء وجمع النفايات في المدن الكبرى كحلب (عندما دخلتها لفترة وجيزة) . هذه الإجراءات تهدف لإظهار كفاءة الدولة تحت إمرته مقابل فشل النظام السابق، وبالتالي تبرير استمرار قبضته. إنها استراتيجية طالما اتبعتها حركات مسلحة تحولت إلى سلطة أمر واقع: تأمين الخدمات الأساسية لشراء الولاء أو القبول الشعبي.
كما أن البعد القبلي والمجتمعي حاضر في تكتيكات الجولاني؛ حيث تسعى حكومته لكسب ولاء زعماء العشائر والشخصيات المحلية عبر إشراكهم استشاريًا وإبقائهم ضمن دائرة الامتيازات . هذا خلق شبكة ولاءات شخصية ومصلحية، وهي سمة معروفة في الأنظمة السلطوية حيث يُكافأ الموالون بالمناصب أو النفوذ، لضمان استمرار دعمهم للزعيم.
أنماط القيادة السلطوية عند الجولاني
من خلال ما سبق، تتجلى الملامح السلطوية بوضوح في نهج الجولاني.
فهو المركز المحوري لصنع القرار في هيئة تحرير الشام؛ يحيط نفسه بدائرة ضيقة من المستشارين (مجلس الشورى) الذين يدينون له بالولاء .
هذا المجلس الشوري المؤلف من نحو 75 عضوًا يعمل بمثابة هيئة صورية للإقرار على قرارات الجولاني، أكثر من كونه سلطة رقابية مستقلة .
إن تمحور السلطة حول شخص الجولاني وحفنة من المقرّبين يعكس نمط الحكم الشخصاني (Personalist Rule) الذي يميز الدكتاتوريات، حيث تتركز السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية فعليًا في يد القائد وحاشيته.
يعزز الجولاني أيضًا صورته الشخصية كزعيم، عبر مزيج من هيبة القوة والكاريزما الدينية. فهو يظهر أحيانًا بزي عسكري بين مقاتليه لإبراز دوره العسكري، وفي أحيان أخرى بلباس مدني أثناء لقاء الوجهاء أو حضور مناسبات اجتماعية لإبراز جانب “القائد المدني الراعي” لشعبه.
انخرطت ماكينة الدعائية التابعة له في نشر صوره وهو يتناول الإفطار مع الأيتام أو يحضر حفلات تخرج طلابية ويلتقي بقيادات مجتمعية ، في مسعى لإظهاره كقائد مسؤول ومتواضع وقريب من الناس. هذا البناء الدعائي لشخصية القائد يتماهى مع ما يفعله القادة السلطويون عادة لكسب شرعية عاطفية وشعبية، بحيث تصبح شخصنة السلطة مقبولة لدى قطاعات من المجتمع. إنه استحضار معاصر لمفهوم “القائد الملهم” الذي يملك الحلول، مما يقلل المطالبة بالمأسسة الديمقراطية ويستبدلها بالثقة بشخص الزعيم.
ومن سمات نهج الجولاني السلطوي كذلك التخلص من المنافسين والخصوم الداخليين بلا هوادة.
فداخل حركته، قام على مدار السنوات بفصل أو تهميش أي قيادي عارض توجهاته “البراغماتية” أو أبدى ميولًا أكثر تشددًا لا تخدم إستراتيجيته .
على سبيل المثال، قاد حملة ضد الفصائل الجهادية الرافضة لسلطته كتنظيم “حراس الدين” الموالي للقاعدة، وقمع خلايا لتنظيم داعش في إدلب .
ظاهريًا، رُوِّجَ لهذا القمع على أنه محاربة للتطرف، لكن محللين رأوا أنه مسعى لتركيز الحكم في يد الجولاني أكثر منه تحوّل مبدئي في أيديولوجيا الهيئة .
فالجولاني ميكافيلي النهج في التعامل مع رفاق الأمس إذا أصبحوا عقبة اليوم؛ لا يتردد في الانقلاب على التحالفات أو التنكر لالتزامات سابقة إن كان في ذلك تعزيز لسلطته. هذه المرونة التكتيكية – أو الانتهازية – نهج موصوف في أدبيات علم السياسة عند تحليل سلوك القادة السلطويين: إذ يغلّبون مصلحتهم في البقاء على رأس السلطة على أي اعتبار مبدئي آخر.
من زاوية أخرى، يمكن القول إن الجولاني يوازن بين الترهيب والترغيب لضبط المجتمع تحت حكمه. فهو من جهة يبث الخوف عبر جهاز أمني صارم وسمعة أنه لا يتساهل مع المعارضين (الاعتقال والتعذيب لمن يعارض كما أسلفنا) ، وفي الوقت ذاته يسعى إلى كسب قدر من الرضا الشعبي من خلال تقديم خدمات أو السماح ببعض مظاهر الحياة الطبيعية.
هذا التوازن يذكّرنا بنصيحة ميكافيلي حول أهمية أن يخشى الناس الحاكم ولكن دون أن يصلوا إلى كراهيته الشديدة .
لقد نصح ميكافيلي أن يبني الأمير حكمه على ما يسيطر عليه (وهو الخوف في هذه الحالة)، مع تجنب الإفراط في القسوة التي تولّد الحقد ، الجولاني يطبق ذلك عمليًا: الشدة الأمنية لمن يعارض، مقابل التساهل النسبي في أمور الحياة اليومية لمن يطيع، فعلى سبيل المثال، هو لم يفرض قيودًا خانقة على الحياة الاجتماعية في إدلب تشبه قيود طالبان الأخيرة أو داعش سابقًا، مما جعل البعض يشعرون بأن العيش تحت سلطته “أهون الشرّين” مقارنة ببدائل أكثر تطرفًا ، بهذا الأسلوب، يستطيع الحفاظ على قبول مجتمعي نسبي أو على الأقل حياد سلبي من الأغلبية غير المنخرطة في السياسة، فيظل حكمه مستقراً.
التأطير النظري: السلطة بين هيوبز وميكافيلي وشميت
لفهم احتمالات تحول الجولاني إلى دكتاتور بشكل أعمق، يفيدنا ربط سلوكه وممارساته بمنظور نظريات السلطة السياسية الكلاسيكية. هذه النظريات توفر إطارًا لتحليل لماذا ينزع قائد ما إلى الحكم الشمولي، وكيف يبرر ذلك، وكيف يمارسه.
توماس هوبز (فيلسوف العقد الاجتماعي) يرى في كتابه اللوياثان (Leviathan) أن الحالة الطبيعية للمجتمع البشري حالة فوضى وصراع (حرب الكل ضد الكل) إن غابت سلطة عليا قوية تضبط الجميع. ولتفادي هذه الفوضى، يتنازل الأفراد طوعًا عن جزء من حرياتهم لصالح حاكم ذي سلطة مطلقة يحفظ الأمن والنظام .
بكلمات أخرى، “لا بد أن تكون السيادة مطلقة لمنع الطبيعة البشرية من تقويض السلام الدائم” .
إذا أسقطنا هذا المفهوم على الحالة السورية، نجد أن الجولاني قد يقدّم نفسه كذلك الـ”لوياثان” الضروري لسوريا ما بعد الحرب. فسنوات الحرب الأهلية كانت حالة هوبزية بكل معنى الكلمة: اقتتال وفوضى وغياب للأمان. في مثل هذا الوضع، قد يقبل قسم من الشعب – عن تعب ويأس – بأي يد قوية توفر الاستقرار،الجولاني نفسه يدرك ذلك، فيطرح سردية أنه الوحيد المستعد والمنظم لملئ الفراغ وضبط الأمن.
بالفعل، قُبيل سقوط نظام الأسد في سيناريو نهاية 2024، ظهر أن هيئة تحرير الشام كانت الأكثر جهوزية بخطة طوارئ لملئ الفراغ مقارنة بباقي المعارضين .
سارع الجولاني للتمدد نحو دمشق عارضًا نفسه قائداً للمرحلة الانتقالية، وجرى تنصيب رئيس حكومة الإنقاذ (الموالي له) كرئيس وزراء مؤقت .
هذه التحركات تُظهر بوضوح نية الجولاني تكريس نفسه كسيّد الموقف مستغلاً لحظة الفوضى، ومن المنظور الهوبزي، يمكن للجولاني أن يجادل (سواء علنًا أو ضمنًا) بأن الحريات السياسية ترف لا تحتمله سوريا الممزقة حاليًا، وبأن الحكم المركزي القوي هو الثمن الضروري لتحقيق الأمن ووحدة البلاد. مثل هذا الطرح قد يجد آذانًا صاغية لدى جمهور أنهكته الحرب ويريد نهاية للعنف بأي ثمن. لكن الوجه الآخر له هو ترسيخ حكم استبدادي مطلق الصلاحيات بحجة العقد الاجتماعي الجديد للأمن.
أما نيكولو ميكافيلي، المنظّر الواقعي لفنون الحكم، فتقدم كتاباته دليلًا لفهم تكتيكات الجولاني السياسية. ميكافيلي في الأمير شدّد على أن الغاية (وهي الحفاظ على الدولة/السلطة) تبرر الوسيلة، وعلى الحاكم أن يتقن استخدام كل من القوة والمكر، وأن يعرف متى يكون ثعلبًا مخادعًا ومتى يكون أسدًا مفترسًا. نصائحه تضمنت أن الخوف من الحاكم ضمانة لطاعة الناس، في حين أن الحب شعور متقلب ، لذا فالأكثر أمنًا للحاكم أن يجعل نفسه مخشيًا لا محبوبًا (إن تعذّر أن يجمع بين الحب والخوف) ، على ألا يصل خوف الناس منه إلى درجة اليأس الذي يولّد الكراهية العمياء .
بمقارنة ذلك مع نهج الجولاني، نجد الكثير من السلوك الميكافيلي: فقد استخدم القوة العسكرية والاغتيالات السياسية لإخضاع إدلب وإقصاء خصومه (أسلوب الأسد المفترس) ، وفي الوقت نفسه أعاد صياغة صورته وخطابه ليناسب جمهورًا أوسع ويخدع الخصوم (أسلوب الثعلب المراوغ).
فمثلاً، تظاهَرَ بالانفصال عن القاعدة لكسب قبول الدول، واستمال جماعات وفصائل محلية بتحالفات مؤقتة إلى أن يستغني عنها .
على الصعيد الشعبي، يمزج بين التخويف بالقوة وبين استرضاء الناس بخطابات وطنية أو وعود خدماتية وحتى شعارات عصرية مثل “التنوع قوة” كما قالها عند دخول حلب ، وهي عبارة غير معهودة من “أمير جهادي” لكنها تبرز دهاءه السياسي. كل هذه تكتيكات تتفق مع نصائح ميكافيلي لحاكم يريد التمكين والاستمرار مهما كانت الوسائل. وعليه، إذا وصل الجولاني إلى حكم سوريا، يُتوقع أن يستمر بهذا النهج: براغماتية صارمة تستخدم الديمقراطية أو الدين أو القومية كأدوات خطابية عند الحاجة، وتستعمل القوة العنيفة عندما يلزم الأمر لإخضاع المنافسين أو الشعب. ستكون “الديمقراطية” بالنسبة له مجرد ورقة توت أمام المجتمع الدولي عندما يحتاج الاعتراف، لكنها لن تتجاوز مرحلة المظهر.
من ناحية كارل شميت، الفيلسوف القانوني الذي درس مفهوم السيادة، نجد أيضًا إطارًا لقراءة مشروع الجولاني السلطوي. عرّف شميت السيادة بشكل شهير بأن “السيّد هو من يقرر الحالة الاستثنائية” .
أي أن الحاكم الحقيقي هو من يملك سلطة تعليق القانون والوضع الطبيعي وإعلان حالة الطوارئ متى رأى ذلك ضروريًا، ومن يستثني فئة أو مجموعة من الحماية القانونية باعتبارهم أعداء .
هذا المفهوم ينطبق بوضوح على نمط حكم عسكري أمني كالذي يقوده الجولاني. فوجوده أصلاً على رأس كيان غير معترف به دوليًا يجعله في حالة استثناء مستمرة يبررها بـ”الضرورة الثورية” و”ظروف الحرب”.
لقد اعتاد الجولاني العمل خارج إطار القانون الدولي أو القواعد المتعارف عليها، وينصّب نفسه (وهيئته) مصدرًا للشرعية في المناطق التي يسيطر عليها.
فإذا عمّم حكمه على سوريا، غالبًا ما سيلجأ إلى فرض أحكام عرفية وحالات طوارئ بحجة مكافحة فلول النظام السابق أو خلايا داعش أو المؤامرات الخارجية…إلخ. سيكون هو (أو نظامه) المخوّل بتعريف العدو الداخلي وتصنيفه وتجريده من الحقوق – تمامًا كما فعل في إدلب حين صنّف الكثير من الناشطين أو الفصائل الأخرى كخونة أو عملاء واستباح قمعهم.
هذا التقسيم بين صديق/عدو يمنح الجولاني مبررًا نظريًا لاستمرار القبضة الحديدية، فمن ليسوا في صفه يُعتبرون تهديدًا يُعالج خارج إطار التسامح أو القانون الاعتيادي، ومن جهة أخرى، سيزعم أنه من يقرر الاستثناء (أي الحالة الخاصة) هو الوحيد القادر على إعادة القاعدة (أي الحياة الطبيعية) لاحقًا.
إنها عقلية “دعوني أستبد الآن لأمنع الفوضى، وبعدها يعود كل شيء لطبيعته” – غير أن التاريخ يعلمنا أن حالة الاستثناء قد تصبح هي القاعدة الدائمة في ظل الدكتاتوريات.
تأثير الأيديولوجيا الإسلامية المسلحة على نهج الحكم
لا يمكن إغفال أن خلفية الجولاني الإسلامية الجهادية ستضفي صبغة خاصة على دكتاتوريته المحتملة، فرغم كل البراغماتية التي أبداها، يظل ملتزمًا بإقامة حكم إسلامي وفق رؤيته.
هذا يعني أن أي نظام سيقيمه سيكون ثيوقراطي التوجه – أي يستند إلى تبريرات دينية لمنح الشرعية لسلطته.
من المحتمل أن يُقدَّم حكمه كـ “إمارة إسلامية” على غرار تجارب معاصرة (طالبان مثلًا تسمي نفسها إمارة أفغانستان الإسلامية).
وفي هذه السياقات، مفهوم الديمقراطية الليبرالية (حكم الشعب عبر انتخابات حرة وتعددية حزبية وقوانين وضعية) عادةً ما يُرفَض باعتباره بدعة غربية تتعارض مع مبدأ الحاكمية لله في الفكر الإسلامي الحركي. بدلاً من ذلك، يُطرح مفهوم الشورى الإسلامية كبديل – وهي في جوهرها استشارة أهل الحل والعقد دون التزامٍ بقرار الأغلبية الشعبية العامة.
تجربة إدلب الحالية تعكس ذلك: فمجلس الشورى القائم يتم تقديمه كآلية شورى وتمثيل، لكنه لا يرقى لبرلمان منتخب ديمقراطيًا، بل هو أقرب لمجلس ولاء عشائري/محلي يضمن هيمنة الهيئة .
وبالتالي، لو حكم الجولاني سوريا، غالبًا سيُبقي على هياكل شورى صورية لإعطاء انطباع بالمشورة، بينما القرار الحقيقي بيده وبيد دائرة ضيقة من رجال الدين والقادة الموالين.
لن يكون هناك تعددية حزبية حقيقية؛ فالأحزاب العلمانية أو المعارضة ستُمنع تحت ذرائع دينية (تكفيرية أحيانًا) أو أمنية. كذلك سيستمر إقصاء المرأة من المناصب العليا كما هو الحال الآن ، تماشيًا مع الفهم المحافظ للشريعة.
إن تجارب الحركات الإسلامية المسلحة التي وصلت إلى الحكم تدعم هذا التوقع. فحركة طالبان في أفغانستان – وإن اختلفت سياقاتها – قدّمت وعودًا في البداية بحكم أكثر انفتاحًا من فترتها الأولى في التسعينيات، لكنها سريعًا ما عادت إلى نمطها المتشدد السلطوي؛ حيث اشتدّت سلطويتها وقمعها لأي معارضة مع مرور الوقت بعد سيطرتها عام 2021 .
أعادت طالبان فرض الكثير من القيود الدينية والاجتماعية وأقصت المخالفين، ما جعل نظامها أقرب إلى دكتاتورية ثيوقراطية منه إلى أي شكل تعددي ، وبالمثل تنظيم داعش حين أقام “دولة الخلافة” مارس واحدًا من أقسى نماذج الحكم الشمولي الدموي باسم الدين، ولم يكن هناك أي مجال لرأي آخر أو مشاركة شعبية. صحيح أن الجولاني يسعى للتمايز عن داعش وطالبان بإظهار مرونة أكبر، لكن السياق الفكري واحد: فالمشروعية مستمدة من تطبيق تفسير محدد للشريعة، وليس من صناديق الاقتراع. وهذا يضع قيودًا صارمة على أي تحول ديمقراطي. فحتى لو أجريت انتخابات محلية أو عامة بإدارة الجولاني، ستكون محكومة بإطار “ما لا يتعارض مع الشريعة وأوامر الأمير”. أي أن الديمقراطية، إن وُجدت، ستكون مقيدة ومفرغة من جوهرها.
جانب آخر من التأثير الأيديولوجي هو مفهوم الجهاد والقوة كوسيلة حكم. فالجولاني بحكم نشأته في تنظيمات جهادية، يؤمن باستخدام القوة لفرض المشروع السياسي – وهذا مكوّن أساسي في فكره. حتى بعد تحول خطابه إلى الثورة السورية المحلية، بقي يعتبر سلاحه والقوة العسكرية عنصرًا أساسيًا لحفظ سلطته. هذا يعني أن حضوره في الحكم سيعتمد بقوة على المؤسسة العسكرية والأمنية كعماد للنظام. ستتمتع تشكيلات هيئة تحرير الشام العسكرية والأمنية (وربما يتم دمجها في جيش وشرطة جديدين) بنفوذ كبير وربما امتيازات خاصة، لضمان ولائها لشخصه. وهذا نمط مألوف في الأنظمة السلطوية ذات الخلفية الثورية: حيث يتحول جهاز الثورة (الميليشيا) إلى حرس للنظام الجديد يتمتع بصلاحيات فوق القانون. وفي ظل غياب الضوابط الديمقراطية، غالبًا ما تتورط هذه الأجهزة في انتهاكات لحقوق الإنسان لضبط الأمن وقمع المخالفين، تحت غطاء الدفاع عن الثورة أو الدين.
كيف سيحكم الجولاني سوريا إذا وصل إلى السلطة؟
بناءً على ما تقدم، يمكن رسم ملامح سيناريو حكم الجولاني لسوريا فيما لو قدّر له الوصول إلى السلطة على نطاق وطني.
الأغلب أننا سنشهد نظامًا هجينًا يجمع بين سمات الدكتاتورية العسكرية والثيوقراطية الدينية وشيء من الشكل الديمقراطي الزائف لزوم التجميل الخارجي.
سيكون الجولاني نفسه في قمة هرم السلطة، ربما بمنصب رئيس أو “أمير” أو أي لقب يجمع بين السياسي والديني (على غرار “ولي الأمر”).
سيحرص على تركيز كل السلطات المحورية في يده: قيادة القوات المسلحة وأجهزة الأمن، والتحكم بالتشريع عبر مجلس شورى موالٍ، وتأثير كبير على القضاء من خلال المحاكم الشرعية.
ومن المرجح أن رجال HTS المخلصين سيملؤون المناصب الحساسة في الدولة الانتقالية وما بعدها ، كما أشارت تقارير إلى أن الحكومة الانتقالية التي شكّلها الجولاني في المناطق المحررة كانت مكتظة بولاءات من الهيئة . هذا يشبه ما يفعله أي قائد فصيل ينتصر عسكريًا ثم يجني ثمار النصر بتوزيع الدولة غنيمةً على من ساهموا معه.
على المستوى السياسي، لن يكون هناك تنافس حقيقي على السلطة. سيُسمح ربما بوجود مجالس محلية أو برلمان شكلي، وحتى انتخابات بلدية أو نيابية محدودة، لكن كلها ستتم تحت إشراف الأجهزة التابعة للجولاني لضمان نتائج “مقبولة”.
أي معارضة جدية قد يتم دمج أفراد منها إن قبلوا بالتعاون (مثل إسلاميين آخرين أو بعض شخصيات المعارضة السابقة)، لكن المعارضة العلمانية أو غير الإسلامية ستُواجه بالتهميش أو الإقصاء وربما القمع العنيف لو حاولت تحدي سلطة الجولاني.
ولعل الجولاني سيستفيد من إرث الخوف من عودة نظام الأسد أو خطر الفوضى ليسوّغ استمرار قبضته ، فكثير من الدكتاتوريات تقوم على ابتزاز المجتمع بخيارين “أنا أو الفوضى/عودة الاستبداد السابق”.
هنا قد يقول الجولاني ضمنيًا: إما حكمي الإسلامي القوي أو تعم الفوضى، أو يعود شبح النظام البعثي أو يتغلغل داعش. هذا الخطاب التخويفي سيخلق حالة اصطفاف قسري حوله من قبل جزء من الشعب الباحث عن الاستقرار.
اقتصاديًا وإدارياً، سيواجه الجولاني تحديات كبيرة في حكم سوريا ككل، نظرًا للدمار الهائل والعقوبات المحتملة وصعوبة نيل الاعتراف الدولي.
قد يضطر لإبداء براغماتية أكبر على الصعيد الاقتصادي والتنموي، وربما يستعين بالتكنوقراط (حتى من خارج تياره) لإدارة الوزارات الخدمية بغية إعادة الإعمار وكسب رضا الناس.
فعل ذلك جزئيًا في إدلب حين استعان بشخصيات مستقلة نسبيًا في قطاعات كالتعليم بالتعاون مع منظمات دولية . ولكن تبقى القرارات السيادية – كالعلاقات الخارجية والأمن الداخلي والخارجي والتشريعات الأساسية – حكرًا عليه وعلى دائرته العقائدية. ومن المستبعد أن يقبل الجولاني الخضوع لمساءلة شعبية حقيقية عبر برلمان منتخب أو قضاء مستقل، فهذا يتعارض مع نمط حكمه المتمرس على تجنب أية قيود فوق سلطة الأمير.
على الصعيد الإقليمي والدولي، سيحاول الجولاني فيما لو حكم دمشق أن يغيّر صورته من زعيم ميليشيا إلى رجل دولة.
ربما يكف عن استخدام الالقاب الجهادية لحكومته وتياره وخاصة في المحافل الرسمية و في بعض الإعلام ، كما أنه سوف يسعى لبناء تحالفات خارجية براغماتية؛ فمثلاً يمكن أن يتقارب مع تركيا وقطر وروسيا والصين مقدمًا نفسه كحصن ضد التنظيمات الإرهابية حقيقةً (داعش) ، وربما يحاول طمأنة الغرب بأنه لن يحوّل سوريا إلى بؤرة تصدير للإرهاب الخارجي. غير أن سِجلّه السابق كقيادي إرهابي سيصعب من مهمة نيل الاعتراف الدولي الكامل أو الدعم الاقتصادي، مما قد يعزله ويجعل حكمه أكثر قمعًا داخليًا مع تدهور الاقتصاد. وفي الداخل، سيوظّف هذا العزل الخارجي لتعزيز سردية “المؤامرة” على مشروعه الإسلامي، مبررًا بذلك أي تشدد إضافي يفرضه.
كيف تقيم نسبة تحول الرئيس احمد الشرع الى دكتاتوري
تُشير الدلائل إلى أن احتمالية تحول الرئيس احمد الشرع إلى دكتاتور هي احتمال مرتفع للغاية إذا بقي في الحكم في سوريا.
فشخصيته ومسيرته وممارساته الحالية تتوافق مع سمات القائد السلطوي الفردي الذي يحتكر السلطة ولا يؤمن بالتداول الديمقراطي. لقد أظهر في إدلب أنه لا يتبنى الديمقراطية إلا شكليًا وبحدود ما يخدم بقاءه ، بينما يلجأ عمليًا لأدوات القمع والترهيب ضد خصومه ، جنبًا إلى جنب مع مناورة الخطاب والتظاهر بالاعتدال لتجنب العزلة . نظريًا، يمكن تأطير نهجه ضمن فلسفات تبرر السلطة المطلقة للحفاظ على الأمن (هوبز) واستخدام الوسائل الميكافيلية للظفر بالملك (ميكافيلي) وممارسة سيادة استثنائية فوق القانون (شميت)، وكلها تنبئ بنمط حكم أوتوقراطي.
صحيح أن لكل قائد ظروفه وخصائصه الفردية، وربما يفاجئ الشرع البعض بانفتاح غير متوقع إن شعر أن ذلك ضرورة لبقائه (فالبراغماتية جزء من تكوينه). لكن التجارب التاريخية مع قادة خرجوا من عباءة التنظيمات المسلحة ذات الأيديولوجيا الصارمة تشير إلى أنهم نادرًا ما يتحولون إلى ديمقراطيين حقيقيين بين ليلة وضحاها. فالجولاني الذي خبر قوة السلاح والسرية والولاء المطلق في مسيرته لن يجد سهولة أو رغبة في استبدال ذلك كله بصناديق اقتراع حرة وصحافة ناقدة ومعارضة سياسية شرعية. والأرجح أنه سيسعى إلى إنشاء نظام يُشبه في كثير من جوانبه نظام الأسد الذي ثار عليه السوريون، لكن برداء إسلامي هذه المرة. أي سلطوية جديدة بمرجعية دينية، قد تكون أقل دموية من داعش وأقل علمانية من البعث، لكنها في نهاية المطاف تُعيد إنتاج معضلة غياب الحرية التي عانى منها السوريون لعقود.
لم يكن في وسعنا انا و صديق ان نشكر “جي بي تي” على تحليله ، لان ما افضى به ، يجعل السوريين يعيدوا التفكير بمقولة 🙁 هل ثورتنا انتصرت ؟).
المصادر:
• زيلين، آرون. كيف يخطط جهاديّو سوريا “أصدقاء التعددية” لبناء دولة؟ معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 3 كانون الأول/ديسمبر 2024 .
• معهد الشرق الأوسط (2024). الحكم في اليوم التالي في سوريا – خبرة إدلب كنموذج (ميشيل ضرّيب). .
• POLITICO (ديسمبر 2024). انتهاء الأسد وبداية معركة جديدة من أجل الديمقراطية في سوريا. .
• مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية CSIS (أغسطس 2023). فحص التطرف: هيئة تحرير الشام .
• براون، فاندا فيلباب. أفغانستان 2023: تزايد سلطوية طالبان والصراعات الداخلية. معهد بروكنجز، 3 فبراير 2023 .
• نيكولو ميكافيلي. الأمير – الفصل السابع عشر (1513) .
• توماس هوبز. اللوياثان (1651) – فكرة العقد الاجتماعي والسيادة المطلقة .
• كارل شميت. علم اللاهوت السياسي (1922) – تعريف السيادة .