الرئيسية » الشركات ذات المسؤولية المحدودة في سوريا: بين مرونة الهيكلية واطماع السياسات الاقتصادية

الشركات ذات المسؤولية المحدودة في سوريا: بين مرونة الهيكلية واطماع السياسات الاقتصادية

بواسطة Younes

في ظل التحولات الاقتصادية الجذرية التي تشهدها المنطقة  ، أصبحت الشركات ذات المسؤولية المحدودة ركيزة أساسية في سيناريوهات ريادة الأعمال الحديثة. فهي تجمع بين مزايا شركات الأموال ومرونة شركات الأشخاص، مما يجعلها حلقة وصل حيوية لرجال الأعمال في إبرام الصفقات وتنفيذ المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن مشاركتها في المناقصات الحكومية والخاصة. ومع ذلك، تواجه هذه الفئة من الكيانات تحديات كبيرة تؤثر على ديناميكية الاقتصاد، خاصة في سوريا.

السياسات الاقتصادية السورية وتأثيرها

أصدرت الحكومة السورية قرارًا جديدًا أحدث تغييرًا جذريًا في سياسة تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة، حيث تم رفع الحد الأدنى لرأس المال المطلوب من 10 ملايين ليرة إلى 50 مليون ليرة، بخمس مضاعفات تقريبًا. تُعد هذه الزيادة شرطًا صعبًا يعيق الكثير من رواد الأعمال، مما قد يؤدي إلى عدة نتائج سلبية:

  • ارتفاع معدلات إغلاق الشركات: خاصةً تلك التي تعتمد على مرونة هيكل هذا النوع من الكيانات في التعامل مع تقلبات السوق.
  • انخفاض فرص الاستثمار: إذ إن تشديد شروط التأسيس يُصبح عقبة أمام جذب المستثمرين المحليين والأجانب.
  • تقييد الأداء الاقتصادي: حيث تُفقد الشركات قدرتها على العمل كأدوات اقتصادية مرنة لتنفيذ الاتفاقيات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والمشاركة بفاعلية في المناقصات.
  • زيادة الأعباء الإدارية: إذ تُفرض قيود وإجراءات إضافية تعقد سير العمليات الإدارية وتزيد من العبء على رواد الأعمال.
  • تراجع ميزة التكلفة والسرعة: بالرغم من أن هذه الشركات تتميز بتكلفة تأسيس منخفضة وسرعة في الإنجاز، فإن رفع الحد الأدنى لرأس المال يقلل من جاذبيتها لتلك الفئة من المشاريع.

المقارنة مع دول الجوار

يتضح التباين في السياسات الاقتصادية والتشريعية بين سوريا وبعض الدول المجاورة، مما يبرز أهمية توفير بيئة استثمارية مرنة لتعزيز النمو الاقتصادي. فيما يلي مقارنة توضيحية:

الدولة الحد الأدنى لرأس المال المطلوب التعليقات
لبنان حوالي 5 ملايين ليرة لبنانية بيئة تشريعية مرنة وضريبة ثابتة تناسب المستثمرين
الأردن لا يوجد حد أدنى محدد بيئة قانونية مشجعة تسهل عملية تأسيس الشركات
تركيا 10,000 ليرة تركية (حوالي 500 دولار أمريكي) نظام ضريبي معقول وإجراءات تأسيس مبسطة
مصر لا يوجد حد أدنى لرأس المال حرية تأسيس الشركات دون عوائق مالية رئيسية

التأثير السلبي لإلغاء الشركات ذات المسؤولية المحدودة

بالإضافة إلى التحديات الناتجة عن زيادة رأس المال المطلوب، فإن إلغاء الشركات ذات المسؤولية المحدودة – التي تُعد أداة حيوية لإنجاز الصفقات التجارية وتنفيذ المشاريع – يؤدي إلى:

  • حرمان قطاع الأعمال من المرونة الأساسية: إذ سيتعين على رجال الأعمال اللجوء إلى أنواع أخرى من الشركات ذات الإجراءات الأكثر صرامة وضرورة تلبية متطلبات معقدة.
  • زيادة التكاليف التشغيلية: حيث تتطلب الشركات البديلة رأس مال أكبر وتفرض عليها ضرائب أعلى.
  • زيادة الزمن اللازم للإجراءات: يتوقع ان  يستغرق تأسيس هذه الأنواع إجراءات قانونية وإدارية أطول من السابق .
  • فرض شروط أكثر صرامة:  يصعب عملية الانخراط في السوق، خاصةً بالنسبة لأصحاب المشاريع الصغيرة.
  • زيادة القيود الداخلية والإدارية: بدلاً من تخفيف الطلبات للمساعدة في تسهيل العملية، يفرض النظام الداخلي مزيدًا من القيود، ما يزيد من تعقيد الإجراءات ويؤدي إلى ارتفاع التكاليف والوقت عدد الشركاء المطلوبين لتأسيس الشركات.

كان بإمكان الحكومة الحالية، بدلاً من فرض تغييرات هيكلية على تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة أفقدتها مرونتها في ظل التضخم المتصاعد في الاقتصاد، أن تحدد إطارًا لحجم الأعمال والصفقات بوضع حدود دنيا وعليا. هذا النهج كان سيسهم في مواجهة الارتفاع المستمر في الأسعار دون الحاجة للتحول إلى نموذج جديد من الشركات مع نظام ضريبي وتنظيمي مختلف.

التوصيات والحلول المقترحة

لمعالجة هذه التحديات وتحفيز الاقتصاد السوري، يمكن النظر في مجموعة من الحلول التي تعمل على إعادة الحيوية إلى السوق ودعم ريادة الأعمال:

  1. خفض الحد الأدنى لرأس المال المطلوب: إعادة النظر في القيمة بما تتماشى مع قدرات المستثمرين المحليين وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
  2. تقديم حوافز ضريبية:  من خلال الوضوح ببنظام الضريبي القيد الانشاء وان يشمل على إعفاءات ضريبية أو تخفيضات خلال السنوات الأولى من تأسيس الشركات الناشئة لتخفيف العبء على رواد الأعمال.
  3. تبسيط الإجراءات البيروقراطية: تقليص عدد المستندات والإجراءات المطلوبة لتأسيس وإدارة الشركات، مع مراجعة الأنظمة الداخلية التي تفرض قيودًا إضافية.
  4. إطلاق برامج دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة: توفير تمويل ميسر، دعم فني واستشاري، وتسهيل الشراكات مع المستثمرين المحليين والإقليميين.
  5. تعزيز الشفافية والاستقرار القانوني: اعتماد قوانين واضحة ومستقرة تعزز ثقة المستثمرين وتقلل من عبء الإجراءات.
  6. دراسة تجارب الدول المجاورة: الاستفادة من التجارب الناجحة في لبنان، الأردن، تركيا ومصر، وتبني أفضل الممارسات بما يتناسب مع الواقع السوري.

التطلعات المستقبلية

من الواضح أن إعادة النظر في السياسات الاقتصادية وتشريعات تأسيس الشركات في سوريا أصبحت ضرورة ملحة. تحقيق توازن بين ضبط الاقتصاد وتشجيع المبادرات الجديدة هو السبيل الأمثل لتعزيز بيئة استثمارية ديناميكية تدعم الابتكار وتفتح آفاقًا جديدة للتجارة والشراكات الإقليمية والدولية ل. يجب أن يكون صانعو القرار في سوريا واعين للتأثير السلبي للإجراءات المعقدة والقيود الإدارية الداخلية، والتي تبدد الجهود المبذولة لتخفيف المتطلبات على المستثمرين. إن تبني نماذج تشريعية مرنة تُقلل من التعقيدات البيروقراطية وتعوض عن القيود الداخلية المفرطة سيساهم في إعادة الثقة إلى المستثمرين وتحفيز النمو الاقتصادي ، خاصة ان هذا النوع من الشركات يتوقع ان تكون قائدة اعادة الاعمار المحلية .

مقالات ذات صلة