أصدرت وزارة المالية السورية قراراً باعتماد تطبيق “شام كاش” كوسيلة رسمية لصرف رواتب العاملين في القطاع العام، اعتباراً من مطلع شهر أيار / مايو المقبل، بحيث تُودع جميع الرواتب عبر التطبيق حصرياً.
وأثار قرار اعتماد “شام كاش” لصرف الرواتب والذي كان معتمداً في محافظة إدلب منذ عدة أشهر العديد من التساؤلات خاصة مع استبعاد باقي تطبيقات الدفع الإلكتروني المعتمدة في سوريا في خطوة قد تعزز نفوذ شركات الصرافة على حساب المصارف، كما حذر تقنيون من ثغرات أمنية في التطبيق قد تهدد خصوصية المستخدمين.
تجربة جيدة ولكن
يحصل المدرس محمد برغش العامل في إحدى مدارس إدلب على راتبه عبر تطبيق “شام كاش”، ويجد في ذلك سهولة كبيرة تمكنه من استلام راتبه فور وصول إشعار التحويل، ومن خلال أي محل صرافة دون دفع أي عمولة.
ويقول محمد في العدد السابع من صحيفة “963+”، إن التطبيق وفر عناء انتظار معتمد المالية والقبض خلال الدوام الرسمي فقط، كما يمكنه من إجراء معاملات أساسية كدفع فواتير الكهرباء أو أقساط الجامعة وحتى الشراء من عشرات المتاجر التي باتت تعتمد على آلية تطبيق “شام كاش”.
وكغيره العشرات أبدى مستخدمو التطبيق في إدلب ارتياحا للتعامل معه إلا أن معظم الأشخاص لا يفضلون إبقاء أرصدتهم داخله لفترة طويلة ويبادرون لسحبها عبر محلات الصرافة خوفاً من عطل مفاجئ أو انقطاع الانترنت يجعلهم غير قادرين على التصرف بأموالهم.
ويقول مهاب محمد وهو موظف في وزارة الإعلام بدمشق، إن فترة تحديث التطبيق قبل عيد الفطر كانت كارثية وهزت ثقة الكثيرين به، لافتاً إلى أن “شام كاش” عاد للعمل دون أي أخطاء وكان محتفظاً بجميع الأرصدة.
وأوضح ، أن هناك الخوف في أثناء التعامل مع التطبيق لا سيما وأن معظم الموظفين غير مؤهلين لتعامل جيد مع التقنيات الحديثة، كما أنه غير متوفر لجميع الأجهزة، ومع ذلك فإن الموظفين يتعاملون مع جهة رسمية متمثلة بالحكومة وهي ستكون مسؤولة عن أي أخطاء.
إدلب ليست نموذجاً
على عكس الراضين من تطبيق “شام كاش” ممن تعاملوا معه سابقاً في إدلب فقد قُوبل قرار اعتماده من قبل وزارة المالية لجميع الموظفين في عموم المحافظات السورية بالرفض والاستهجان لا سيما مع ما اًثير حوله من عدم وجود تقنيات حماية وبأنه غير رسمي وغير موضوع على النظام المالي السوري.
والوضع في إدلب مختلف حيث كانت تشكل منطقة معزولة وصغيرة ووفر فيها على مدى سنوات نظام دفع إلكتروني متكامل يقلل الحاجة للسحب النقدي، كما تتوفر خدمة الإنترنت بشكل جيد ومنتشرة في جميع المناطق، على حين لا تتوفر بالمحافظات الأخرى هذه الخدمات.
وأكد أحمد عيد من سكان مدينة داريا وموظف بمشفى المواساة في دمشق في العدد السابع من صحيفة “963+”، إن هاتف “النوكيا” ذو الأزرار لا يدعم تقنية تحميل التطبيقات وبالتالي لن يستفيد من خدمة “شام كاش”، لافتاً أن عدداً من أصدقائه رغم قدرتهم على تحميل التطبيق فهم غير قادرين على استخدامه كلما احتاجوا له لعدم توفر خدمة انترنت جيدة.
العودة للاحتكار
يقول الخبير الاقتصادي يونس الكريم، إن اللجوء لتطبيق “شام كاش” قد يساهم في تخفيف الازدحام الناتج عن قيود السحب المفروضة من قبل مصرف سوريا المركزي على المصارف التي تقوم بتوزيع الرواتب، إلا أن الفجوة في البنية التحتية بين شركات الصرافة مثل “الهرم” و”الفؤاد” وبين المصارف العامة والخاصة تثير تساؤلاً مهماً.
وأضاف”، أنه عندما تُعتمد شركات صرافة ذات انتشار محدود للقيام بدور حيوي في عملية توزيع الرواتب، قد تكون النتيجة مضاعفة للضغوط بدلاً من تخفيفها، كما أن التحول إلى شركات الصرافة بدل المصارف تعتبر رسالة مفادها أن هناك كتلة رواتب تدفع لأناس مجهولين، حيث أن شركات الصرافة لا يمكن تعقبها وخاصة أن الشركة عدد موظفيها محدود، على عكس المصارف.
ويتعارض هذا الإجراء مع الإعلان الدستوري الذي نص ”على أن القوانين النافذة تبقى سارية ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها”، بحسب الكريم.
وحصل تطبيق “شام كاش” على 17 نقطة من أصل 22 في عملية تقييم المخاطر (22 هو الأكثر خطورة) بحسب دراسة كاملة نشرها موقع “سمكس”.
وأكدت الدراسة أن التطبيق يشوبه ثغرات وضبابيّة تثير مخاوف من انتهاكاتٍ واختراقات قد تهدّد سلامة المستخدمين وخصوصيّة بياناتهم، لأن المعاملات الماليّة حسّاسة وتتطلّب جمع قدر كبير من المعلومات الشخصية، وفي حالة “شام كاش”، لا يوجد سياسة واضحة تشرح كيفيّة حفظ البيانات، وهوية الجهة المسؤولة عن حفظها، وأماكن الاحتفاظ بها، واحتماليّة مشاركتها مع أطرافٍ ثالثة مثل الوكالات الحكومية أو المؤسسات المالية الخارجية أو شركات الإحصاءات.
كما لا تتوفّر معلوماتٌ واضحة عبر الإنترنت عن الشركة المسؤولة عن تطوير التطبيق، ما يؤشّر إلى نقصٍ واضح في الشفافيّة، وبحسب ما أظهرت دراسة “سمكس” فإن التطبيق تم تطويره من قبل شركة تركية تُدعى “نورث سوفت” (NorthSoft)، ومع ذلك، هناك غياب تام لأيّ معلومات حول الخدمات التي تقدّمها أطراف ثالثة.
المصدر :963+