الرئيسية » إعادة ضبط البوصلة الاقتصادية في سوريا: قراءة في زيارة بعثة البنك الدولي

إعادة ضبط البوصلة الاقتصادية في سوريا: قراءة في زيارة بعثة البنك الدولي

بواسطة Younes

في خطوة تحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز إطار الزيارة البروتوكولية، شهدت دمشق مؤخرًا زيارة فريق متخصص من البنك الدولي استمرت خمسة أيام، هدفت إلى تقييم الإمكانيات الاقتصادية لسوريا في سياق الحصول على تسهيلات تمويلية تحت مظلة دعم الدول ذات الدخل المحدود. وتمثل هذه الزيارة، التي تأتي بعد انقطاع طويل للتعاون الدولي منذ عام 2009، نقطة تحوّل محتملة في العلاقات بين سوريا والمؤسسات المالية الدولية، خاصة بعد غياب شبه كامل لأي تفاعل رسمي منذ التدخلات المحدودة وغير المعلنة في عام 2013.

اقتصاد على حافة الانكماش

تتموضع الأزمة الاقتصادية السورية على مفترق طرق حرج، حيث تشير المؤشرات إلى انكماش اقتصادي حاد يتجلى في تراجع الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض القدرة الشرائية، ما يعكس حالة من الشلل في الأنشطة الاقتصادية الأساسية. ويُعد هذا الانكماش، في جوهره، تعبيرًا عن خلل بنيوي عميق في الاقتصاد، إذ يعكس تدهورًا في القدرة الإنتاجية وتآكلًا في الثقة بالبيئة الاستثمارية. وعلى هذا الأساس، يصبح من الصعب على الاقتصاد المحلي استقطاب أي تدفقات مالية خارجية، سواء على شكل استثمارات أو مساعدات، دون تدخل جذري يعيد التوازن الهيكلي ويعزز الكفاءة المؤسسية.

فجوة مؤسسية تقوّض فرص التعافي

لا يمكن الحديث عن انتعاش اقتصادي في سوريا دون التطرق إلى البنية المؤسسية التي تُعد ركيزة أي برنامج إصلاحي ناجح. فالنظام الاقتصادي الحالي يعاني من ضعف في آليات الحوكمة، وغياب واضح لقواعد تنظيمية شفافة تحكم العلاقة بين الدولة والفاعلين الاقتصاديين. كما أن استمرار التدهور في مؤشرات الاستقرار السياسي والأمني يزيد من تعقيد المشهد، ويحول دون اجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة يمكن أن تُشكل رافعة حقيقية للتنمية.

شروط التعافي: مؤسسات مستقرة وسياسات متوازنة

في ضوء ما سبق، فإن الانفتاح الدولي على سوريا لا يمكن أن يُترجم فعليًا إلى دعم مالي مباشر ما لم ترافقه إصلاحات جوهرية على المستوى المؤسسي والاقتصادي. فمن منظور استراتيجي، فإن إعادة بناء الاقتصاد السوري تتطلب مقاربة شاملة تتضمن:

  • إعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية بما يكفل استقلالية القرار الاقتصادي عن الاعتبارات السياسية والأمنية.

  • تطبيق سياسات مالية ونقدية منضبطة تركز على كبح التضخم، وتحفيز النشاط الإنتاجي، وتعزيز الكفاءة في إدارة الموارد.

  • تحسين الشفافية والمساءلة لضمان الاستخدام الرشيد للتمويلات المحتملة، سواء أكانت على شكل منح أو قروض.

  • إصلاح بيئة الاستثمار من خلال تبني تشريعات عصرية، وضمان حقوق الملكية، وتحقيق الاستقرار التشريعي.

فرصة مشروطة

إن زيارة البنك الدولي، وإن كانت ذات طابع استكشافي أولي، إلا أنها تحمل في طياتها رسالة واضحة: لا يمكن لسوريا أن تستفيد من المبادرات الدولية ما لم تبادر هي أولًا بإصلاح ذاتها من الداخل. وبذلك، فإن أي انخراط دولي حقيقي في دعم الاقتصاد السوري سيبقى رهينًا بمدى قدرة دمشق على تقديم نموذج جديد للحكم الاقتصادي يقوم على الكفاءة، والمحاسبة، والانفتاح على قواعد الاقتصاد العالمي.

في المحصلة، يقف الاقتصاد السوري اليوم أمام فرصة نادرة لإعادة ضبط بوصلته، شريطة أن تترافق هذه الفرصة مع إرادة سياسية حقيقية قادرة على التأسيس لمرحلة جديدة يكون فيها التعافي الاقتصادي جزءًا من مشروع وطني أشمل لإعادة بناء الدولة.

وبالتالي سوريا غير مؤهلة مبدئياً لاخذ اي قرض وانما يقتصر الامر على بعض المنح لمراقبة سلوكها ازاء تصرفها بهذه المنح ، بضمانة اعضاء  اخرين من البنك الدولي ذو حصص كبيرة مثل السعودية وقطر و تركيا و عدم تمنع من فرنسا وامريكا

مقالات ذات صلة