ألغت السلطات السورية ترخيص شركة الفاضل، الذراع المالي لحزب الله، وشركة المتحدة للصرافة، وهي القناة الخلفية لشركة الفاضل بعد خضوع الأخيرة لعقوبات أمريكية، في قرارات منفصلة شملت شركة ثالثة “رويال” وصدرت عن حاكم ، عبد القادر حصرية.
ولم يوضح قرارا إلغاء ترخيص كل من شركة “الفاضل” و”المتحدة للصرافة” اللذان حصل “إرم نيوز” على نسخة منهما، أسباب إلغاء تراخيص الشركتين، حيث أفاد مراقبون بأن الإجراء جاء في إطار “تسوية” دون توضيح الأسباب، ما يجعله أقرب إلى الاستحواذ منه إلى الإلغاء التقليدي، وفقًا لقولهم.
قرار بالشطب
أعلن البنك المركزي السوري، أنه قرر إلغاء التراخيص الممنوحة للشركتين من ممارسة أعمال الصرافة، بموجب القرار رقم (621/م.ن/ب4) الصادر بتاريخ 10 كانون الثاني/ يناير 2010، بالآثار القانونية المترتبة عليه كافة، وإنهاء العمل بأحكامه، وأضاف أنه سيتريث بتحرير مبلغ الاحتياط النقدي المجمّد باسم الشركتين، حتى تسوية المبالغ كافة المستحقة على الشركة، وتصفيتها وفق القوانين والأنظمة النافذة.
وقرّر المركزي السوري بموجب القرارات، شطب الشركتين من سجل شركات الصرافة لدى مفوضية الحكومة لدى المصارف، كما كلّف مديرية الشؤون القانونية لديه، باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على حقوقه، وذلك في حال وجود أي مطالبات تجاه الشركتين.
ولم يوضح المركزي السوري أسباب قراره، لكنه أشار في بداية القرارات، إلى أنه اتخذ هذه الإجراءات بناءً على “لائحة الجزاءات والإجراءات العلاجية التصحيحية” الصادرة في قرار عن رئاسة مجلس الوزراء السوري، في 26 نيسان/ أبريل 2010، إلى جانب عدد من القوانين الأخرى.
ماذا وراء الإلغاء؟
حول حيثيات هذه القرارات، يقول الخبير والمحلل الاقتصادي السوري يونس الكريم، إن قرار إلغاء ترخيص شركة “الفاضل” و”المتحدة”، جاء بشكل مفاجئ، ولم يسبق هذه القرارات أي تصريح من البنك المركزي حول المخالفات التي قامت بها الشركتان، على الرغم من أن شركة الفاضل مدرجة ضمن قانون العقوبات الأمريكية، في حين أن “المتحدة للصرافة” كانت القناة الخلفية لشركة الفاضل، وكلاهما تتعاملان مع حزب الله بشكل رئيس، ومتورطتان بتهريب أموال الحزب إلى الخارج حتى بعد سقوط نظام الأسد.
ويكشف الكريم في تصريحاته أن شركة الفاضل على سبيل المثال قامت بتهريب 27 مليون دولار في شهر فبراير الماضي، وأيضًا قامت قبيل سقوط النظام بتهريب أموال إلى روسيا، وهذه الأموال كانت جزءًا من التلاعب بسوق الصرف.
ويلفت الخبير الاقتصادي السوري إلى أن قرار الإلغاء جاء دون إيضاح من البنك المركزي، رغم أن “المركزي” أعلن في وقت سابق أن أسباب الإلغاء قد تكون أربعة: توقف الشركتين عن ممارسة نشاطاتهما، أو الاندماج غير المعلن، أو توقف الشركتين عن الوفاء بالتزاماتهما، أو إشهار الإفلاس.
المحلل الاقتصادي يشير إلى معلومات تفيد بأن “شركة الهرم سيطرت على الشركتين”، وبالتالي تم إلغاء ترخيصهما كنوع من عمليات الاستحواذ غير الرسمية، حيث يدور الحديث عن أن شركة “شام كاش” بذراعيها الجديدتين (الفؤاد والهرم) بدأت تستولي على الشركات الأخرى وعلى أعمالها، خاصة تلك الشركات التي لديها تاريخ مع نظام الأسد.
ويقول الكريم إن لهذا الاستيلاء عدة أهداف: الهدف الأول هو رسالة للخارج بأن السلطات الجديدة تحاول إزالة المعوقات كافة أمام رفع العقوبات، خاصة العقوبات التنفيذية بحق بعض أزلام نظام الأسد، ما يسهل عمليًا رفع قانون قيصر.
ويلفت إلى “نقطة مهمة”، تتعلق بقرار إلغاء الترخيص، حيث لم تسبقه عملية محاسبة لشركة الفاضل، وهذه “طعنة في ظهر السلم الأهلي وملاحقة المجرمين” كما يقول، “لأننا لم نعلم من هم أزلام النظام الذين غسلت الشركة أموالهم، أو ما هي قنوات النظام وحزب الله، خاصة أن معظم تلك الأموال هي أموال مخدرات وآثار وتهريب كبتاغون”.
ويأسف المحلل الاقتصادي، أن تتم عملية الإلغاء بشكل يُظهر أن البنك المركزي غير احترافي، موضحًا أن هنالك شبهة حول من يديره فعليًا، وبالتالي هي رسالة بالغة السوء للمستثمرين الأجانب، بأن البنك المركزي ليس هو صاحب القرار بإدارة السياسات النقدية، وإنما “هناك سلطة خلفه تقوم بحل مجالس إدارات البنوك وإلغاء تراخيص الشركات دون محاسبة، لصالح جهات خفية وغير معروفة”، وفقًا للخبير يونس الكريم.
ما هي قصة “الفاضل”؟
تأسست شركة “الفاضل”، عام 2010، وتحولت، عام 2015، إلى شركة مساهمة مغفلة خاصة مرخصة، يقع مقر الشركة الرئيس في دمشق، ومع حلول عام 2018، أطلقت الشركة فروعًا جديدة لها في حلب واللاذقية وحماة، كما افتتحت فرعًا لها في منطقة السيدة زينب بريف دمشق، حيث يتمركز قادة ومستشارون إيرانيون ومن “حزب الله”.
تعود ملكية الشركة لثلاثة أشقاء من عائلة “بلوي” المنحدرة من بلدة نبّل الشيعية في ريف حلب، وهم فاضل ومطيع ومحمد بلوي، وهم الوحيدون المخولون بالعمل نيابة عن “حزب الله”، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية.
وتواجه الشركة اتهامات بغسيل وتهريب الأموال لصالح ميليشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني ونظام الأسد، حيث كانت إحدى أكبر شركات الحوالات في سوريا، وتميزت طيلة فترة عملها في سوريا، في عهد نظام الأسد، إضافة إلى شركة المتحدة للصرافة، بكسرها للقوانين التي تُجرّم التعامل بالنقد الأجنبي، إذ كانت تسلّم المبالغ المالية بالعملات الأجنبية علنًا في فروعها، بعد تحويلها من قبل المستفيدين من خارج سوريا.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، أدرجت، في 30 من أيار 2023، الشركة والأشقاء الثلاثة، على لائحة العقوبات الأمريكية، لتقديمها المساعدة المالية لـ”حزب الله”، و”فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، وأيضًا لاتهامات بخرقها للعقوبات على سوريا.
وذكرت الوزارة أن شركة “الفاضل” سهلت عمليات تحويل بملايين الدولارات، منذ عام 2021. واستخدم “حزب الله” المدرج على لائحة العقوبات الأمريكية، شركة “الفاضل” لتحويل أموال من دول أخرى في المنطقة إلى سوريا.
وسهلت “الفاضل” أيضًا، حتى منتصف عام 2021، الدفعات القادمة إلى محمد قاسم البزال، وهو المسؤول المالي في “حزب الله” المدرج على لائحة العقوبات الأمريكية، وذلك مقابل شحنات من النفط الإيراني.
تحت العين الإسرائيلية
وخلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله، تعرضت الشركة لتهديدات إسرائيلية باستهدافها، باعتبارها ذراعًا ماليًا للحزب، ما اضطر الشركة لإغلاق فرعها الرئيس في دمشق.
واستهدفت إسرائيل في فبراير/ شباط 2023 بناء في حي كفرسوسة بمدينة دمشق، وقالت مصادر حينها، إن البناء تعود ملكيته لفاضل بلوي أحد المُلاك الأساسيين لشركة الفاضل للحوالات.
ويستخدم البناء المستهدف، وفقًا لبعض المصادر، كمركز للدعم اللوجستي، ومقر للاجتماعات الخاصة بأفراد وحدة التمويل ونقل الأموال في “حزب الله”.
وتفيد المصادر السورية بأن مالكي الشركة يتمتعون بنفوذ كبير لعلاقتهم القوية بالحرس الثوري الإيراني، وحزب الله. ولفتت إلى أن الأشقاء الثلاثة كانوا يدخلون إلى لبنان عبر مواكب حزب الله، وتتم معاملتهم على الحدود بطريقة أفضل من المسؤولين السوريين واللبنانيين.
كما لعبت شركة الفاضل دورًا لصالح الحرس الثوري الإيراني، إذ كانت إحدى الشبكات التي تستخدمها قوات الحرس الثوري ولجنة الخميني للإغاثة ومؤسسة الشهيد، لتحويل الأموال.
المصدر :موقع ارم نيوز