الرئيسية » الفرقة 84: تحالف أجنبي تحت مظلة وزارة الدفاع – دراسة قانونية وعسكرية في إخفاقات البنية ومآلاتها الدولي

الفرقة 84: تحالف أجنبي تحت مظلة وزارة الدفاع – دراسة قانونية وعسكرية في إخفاقات البنية ومآلاتها الدولي

الحرب الاهلية في السويداء

بواسطة Younes

في مطلع يونيو 2025، شهدت دمشق تطورًا محوريًا في العقيدة العسكرية والأمنية للنظام السوري، تمثل في الإعلان شبه الرسمي عن تشكيل “الفرقة 84 – قوات خاصة”، خلال اجتماع ترأسه اللواء نور الدين نعسان، رئيس هيئة الأركان، بحضور قادة لفصائل أجنبية متعددة الجنسيات (الإيغور، الأتراك، الألبان، الطاجيك، الأوزبك، القوقاز).

في يونيو 2025: “الفرقة 84” تجسيد لتحول عقائدي عسكري في سوريا

يمثل هذا التشكيل نقلة نوعية في خارطة القوة داخل سوريا، حيث يُنظر إلى الفرقة 84 كبديل ميداني للفرقة الرابعة التي أنهكتها العقوبات الدولية والتفكك الداخلي. غير أن تأسيس هذه الفرقة رافقته شبهات قانونية وأمنية، وانعكاسات دولية لا يمكن تجاهلها.

 الهيكل العسكري – تحالف ما فوق وطني بقيادة سورية

التأسيس والقيادة:

تبلورت فكرة إنشاء وحدة قتالية نخبوية تحت مسمى “الفرقة 84 قوات خاصة”، تضم فصائل مسلحة أجنبية كانت سابقًا ضمن القوة الضاربة لـ”هيئة تحرير الشام” المنحلة.

وقد جاء التشكيل بعد توافق إقليمي وموافقة أمريكية ضمنية، بحجة أن دمج هذه الفصائل ضمن وزارة الدفاع السورية قد يسهم في ضبط نشاطها ومراقبتها.

أبرز الفصائل المندرجة في الفرقة:

  • الحزب الإسلامي التركستاني (الإيغور – الصين)

  • كتيبة المجاهدين الغرباء (متعددة الجنسيات)

  • الكتائب الألبانية

  • أجناد القوقاز

  • عصائب الحمراء

وقد تم تعيين العميد “أبو محمد التركستاني” قائدًا عامًا للفرقة، وهو شخصية ذات خلفية عقائدية جهادية، مما عزز المخاوف الدولية من عودة النزعة الراديكالية المنظمة تحت مظلة الدولة السورية.

البنية التنظيمية والانتشار:

تتألف الفرقة من ستة ألوية قتالية متخصصة:

  • لواء مدرعات

  • لواء مدفعية

  • لواء مداهمة

  • لواء حرب شوارع

  • لواءي قتال جبلي

 إخفاقات ميدانية – اللاذقية وكمين حماة

رغم التسليح المتقدم وتنوع الجنسيات،والخبرة القتالية الكبيرة ،  تعرضت الفرقة لانتكاسات ميدانية مبكرة:

  • صيف 2025: خسائر بشرية كبيرة في صفوف المقاتلين الأجانب خلال محاولة تقدم فاشلة داخل أحياء اللاذقية، نتيجة تكتيكات المعارضة المحلية.

  • كمين ريف السويداء: تمكنت ميليشيا التابعة لشيخ حكمت الهجري من أسر مجموعة من عناصر الفرقة، ما كشف عن ضعف في التنسيق الأمني بين وزارة الدفاع والفاعلين المحليين، رغم صدور توجيهات عليا.

شكل هذا الكمين ضربة قاصمة للفرقة، إذ لم تنجح في تنفيذ تدخل سريع، بل أظهرت عجزًا تكتيكيًا وفوضى في القيادة، ما أعاد الشبهات حول شرعية وجودها، خاصة  انها حملت تورط بعض عناصرها في مجازر بحق المدنيين من السويداء .

فشلها اثار خوف بقدرة هذه الفرقة أيضًا في التصدي الفعّال للتيارات الإسلامية الراديكالية مستقبلاً ، كداعش وأنصار السنة، وحتى قدرتها للتصدي لقوات القسد وتشكيل كورقة رابحة للحكومة دمشق ، بل قوضت انتهاكات هذه الفرقة  شرعنتها وأظهرت تبعيتها العقائدية لأحمد الشرع دون ولاء فعلي للدولة السورية، كما اثارت الشك بقدرة احمد الشرع على الايفاء بالتزاماته تجاه بسط السيطرة على سوريا والقضاء  على خطر داعش بشكل خاص.

 التجنيس العسكري – تهديد صارخ للقانون الدولي

أحد أكثر بنود اجتماع يونيو إثارة للجدل كان قرار منح الجنسية السورية للمقاتلين الأجانب وأسرهم، مع السماح لهم بالاستقرار في مناطق الساحل السوري.

الإشكاليات القانونية:

  • يُعد القرار خرقًا مباشرًا للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقيات جنيف واتفاقية لاهاي 1907، نظرًا لغياب أي تحقيقات قضائية مسبقة للتأكد من عدم تورط هؤلاء في جرائم حرب أو تطهير عرقي.

  • تجنيس مقاتلين مصنفين على لوائح الإرهاب، أو ينتمون سابقًا لتنظيمات مثل داعش، قد يؤدي إلى فرض عقوبات ثانوية على وزارة الدفاع، وتهديد أصول قادتها في الخارج رغم التطمينات الامريكية وخاصة مع تزايد المطالبة بالتحقيق بالمجازر في الساحل و السويداء الان.

مما سيجعل  مشروع التجنيس الان  محل تساؤل محلي ودولي حل وضع القانوني لحكومة الشرع واسباب رفعهم من قوائم العقوبات عن امريكا.

 تجنيد القاصرين – جريمة موثقة دوليًا

رُصدت بالفيديو حالات لأطفال تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا يتلقون تدريبات ضمن “اللواء الثاني للجبال”، وهو ما يشكل انتهاكًا واضحًا:

  • لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (المادة 8، فقرة 2/ب/26)

  • للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل (2000

وقد قُتل العديد من هؤلاء القاصرين في معارك السويداء، مما كشف عن عملية غسل أدمغة ممنهجة تهدف إلى خلق جيش جديد بولاء كامل لأحمد الشرع، على حساب الدولة السورية. هذا التحول في المزاج المجتمعي تجلّى في تبني شعارات راديكالية موجهة نحو “الجهاد العابر للحدود”، بعيدًا عن أي مرجعية وطنية.

 عسكرة الخطاب الديني – تحوّل جذري في عقيدة الجيش

تتسم العقيدة القتالية للفرقة 84 بخطاب ديني تعبوي متطرف، يتبنى مفردات “الجهاد العالمي” و”الغزو المقدس”، في تناقض صارخ مع الطابع القومي-البعثي الذي ميّز المؤسسة العسكرية السورية لعقود.

هذا التحول الأيديولوجي يعزز مخاوف المجتمع الدولي من أن تتحول سوريا إلى حاضنة رسمية للإرهاب المؤسسي، ويهدد بإدانات قانونية قد تشمل توصيف النظام كراعٍ وممأسس للجماعات المتشددة.

سيناريوهات دولية متوقعة

الجهة الدولية التحرك المتوقع
الاتحاد الأوروبي إدراج قادة الفرقة ضمن قوائم الإرهاب – تجميد الحسابات والقنوات المالية ذات الصلة
الولايات المتحدة توسيع نطاق “قانون قيصر” ليشمل المجنسين الأجانب والفرقة بكاملها
روسيا موقف متحفظ – دعم ميداني محدود مقابل ضغوط سياسية لكبح الانتهاكات
الأمم المتحدة فتح ملفات جرائم حرب تتعلق بتجنيد القاصرين والتجنيس غير القانوني
  1. تجميد تجنيس المقاتلين الأجانب إلى حين التحقيق في خلفياتهم عبر لجنة محلية–دولية مشتركة.

  2. إيقاف فوري لتجنيد الأطفال، وتحويلهم إلى برامج مدنية لإعادة التأهيل والاندماج.

  3. مراجعة العقيدة القتالية بما ينسجم مع القانون الدولي الإنساني، وتجريم الخطاب الديني المتشدد.

  4. إخضاع الفرقة لإشراف قضائي–عسكري مشترك يضم وزارة الدفاع وممثلين من هيئات رقابية دولية.

لا تُعد “الفرقة 84” مجرد وحدة قتالية جديدة، بل تُجسد أزمة هيكلية عميقة في الدولة السورية: أزمة في إدارة التعددية داخل المؤسسة العسكرية، وفي الالتزام بالمعايير القانونية الدولية. استمرار الاعتماد على فصائل عبر وطنية، وتورطها في جرائم تجنيس غير قانوني وتجنيد أطفال، يهدد بزيادة عزلة النظام دوليًا، ويجعل أي إعادة اندماج إقليمي أو دولي أمرًا بالغ الصعوبة.

إن طريق الإصلاح يبدأ بإعادة بناء العقيدة العسكرية على أسس قانونية وإنسانية، والتخلي عن أدوات “الشرعية المؤقتة” التي توفرها الفصائل المتشددة، مقابل استقرار هش وثمن قانوني وأخلاقي باهظ.

 

مقالات ذات صلة