في السادس عشر من يوليو 2025، قدّم النائب الجمهوري مايك لولر مشروع قانون جديد إلى الكونغرس الأميركي تحت اسم “قانون محاسبة العقوبات على سوريا لعام 2025” (H.R. 4427)، في خطوة تهدف إلى إعادة النظر في السياسات العقابية المفروضة على سوريا، ومراجعة آلياتها بما يتوافق مع المتغيرات الإقليمية والداخلية.
أبرز ملامح المشروع:
- مراجعة الإعفاءات المالية الممنوحة للبنك التجاري السوري، مع التركيز على تأثيراتها الأمنية. ويُعتقد أن هذه الإعفاءات ستُمنح حصريًا للتواصل مع المؤسسات الحكومية في إطار الحفاظ على بنية الدولة والمراعاة الجانب الإنسانية.
- تشديد تدابير مكافحة غسل الأموال، بما يقلص من قدرة النظام على التحايل المالي. ويجعل هذا من الاتفاقيات الرضائية التي أبرمتها الحكومة الانتقالية مع المستثمرين عرضة لانهيار قانوني محتمل.
- تعديلات جوهرية على قانون قيصر، تربط رفع العقوبات بشروط ملموسة، أبرزها:
- وقف استهداف المدنيين بالكامل، مما يحد من قدرة النظام على شن حملات عسكرية ضد قوات “قسد” أو جماعات متطرفة، ويعيد الاعتقالات إلى نطاق محدود.
- إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، مع شمول السجون الواقعة في مناطق مثل إدلب وحارم.
- ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون قيود، ما يُمهّد لعودة المنظمات المدنية للعمل بحرية، ويُضعف أدوات النظام في ابتزازها كما حدث مع “الأمانة السورية للتنمية”.
- التصدي لتجارة الكبتاغون عبر الحدود، وهو بند يحمل دلالة واضحة على رصد عودة نشاط هذه التجارة.
التأثير المتوقع في حال التطبيق
في حال تمرير القانون وتطبيقه، فإن سوريا ستواجه خارطة جديدة من التحديات والتغيرات:
- اقتصاديًا: ستتفاقم العزلة المالية على المؤسسات التابعة الحكومة السوريا الانتقالية ، مما يُضعف قدرتها على البقاء ضمن شبكة التمويل الدولية.
- سياسيًا: ستضطر الحكومة الانتقالية إلى تقديم مؤشرات واضحة على التغيير والإصلاح إذا ما أراد تخفيف الضغط العقابي المفروض عليه، وهو نوع من الرقابة الدولية وحتى التدخل .
- إنسانيًا: ورغم اشتراط المشروع لتحسين الوضع الإنساني، فإن هناك خشية من أن تؤدي العقوبات المستمرة، دون آليات رقابة مستقلة، إلى تفاقم معاناة المدنيين وخاصة ان الان بات المسيطر هي مليشيات المسلحة ذات مرجعية دينية و اثنية.
قراءة تحليلية
يقف H.R. 4427 على مفترق طرق حاد بين الرغبة في محاسبة النظام السوري وبين المسؤولية الأخلاقية تجاه الشعب السوري، في مشهد يُذكّر بسياسات المرحلة 2004-2005. وإذا تم تطبيق القانون دون توفير ممرات إنسانية شفافة، فسيضاعف من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على السوريين. أما إن تم استخدامه كورقة ضغط تربط العقوبات بإصلاحات حقيقية، فقد يصبح بوابة نحو العدالة والمساءلة.
الوضع القانوني الراهن:
في الوقت الراهن، يُتداول مشروع القانون الأميركي H.R. 4427 في الأوساط السياسية والحقوقية باعتباره أداة ضغط محتملة على حكومة “الشرع”، وسط تفسيرات تشير إلى أن فرض هذا القانون قد يُعد إقرارًا ضمنيًا بانسحاب الدعم الأميركي من الحكومة الانتقالية التي تشكلت كبديل سياسي للنظام السوري.
ورغم هذه القراءة، فإن مشروع القانون لم يُقر بعد، ولا يزال في طور المناقشة داخل لجان الخدمات المالية والشؤون الخارجية والقضاء في الكونغرس الأميركي، دون تصويت رسمي حتى الآن.
ومع استمرار الجدل، يبقى السؤال مفتوحًا:
هل سيكون H.R. 4427 مجرد تعديل بيروقراطي ضمن سلسلة العقوبات المعتمدة سابقًا؟ أم أنه يمثل تحولًا جذريًا في التعاطي الأميركي مع الملف السوري، يقلب موازين الدعم ويعيد صياغة الموقف تجاه الحل السياسي في البلاد؟