الرئيسية » Power International Holding: خيوط النفود القطري في سوريا

Power International Holding: خيوط النفود القطري في سوريا

المال والسياسة

بواسطة Younes

تُعد شركة Power International Holding (PIH)، التي يديرها الأشقاء معتز ورامّز الخياط، من أكبر التكتلات الاقتصادية في الخليج، تنشط في قطاعات مثل البناء، الطاقة، الزراعة، الضيافة، والاتصالات. تأسّست عام 2011، وتضم اليوم أكثر من 400 شركة في 19 دولة، ويعمل بها نحو 65,000 موظفًا.

لكن خلف هذا النمو الهائل، تكشف الروابط العائلية والسياسية عن شبكة نفوذ تمتد من الدوحة إلى دمشق، وتثير تساؤلات حول الشفافية، العلاقات الحكومية، والامتثال الحقوقي.

التأسيس والنشاطات (PIH) Power International Holding

تأسست PIH كمجموعة قابضة، رغم ان اصحابها بسوريا لا يمكوا الا شركة صغيرة كواجهة لشركات حمشو  ،  تضم تحت مظلتها عدة شركات ضخمة، لكل منها تخصص واضح وسوق مستهدف.

ويبدو أن هذه الهيكلية ارادت منها منح  المجموعة القدرة على الدخول في مشاريع متنوعة مما يدل ان العمل لم يبدأ من صفر وانما كان خلف اتفاقات كبيرة ، ،  حيث بعض الاعمال ارتبط بشكل مباشر بالبنية التحتية والتنمية التي تحتاج الى اموال كبيرة و خبرة ، والبعض الآخر يحمل أبعاداً سياسية واقتصادية متشابكة في مناطق النزاع.

الشركات التابعة للمجموعة

رغم أن المالكين المحليين لـ Power International Holding (PIH) في سوريا لا يمتلكون سوى شركة صغيرة ومحدودة القدرات، كانت تعتبر واجهة لشركات محمد حمشو، فإن الكيان الذي يحمل هذا الاسم على المستوى الدولي الذي انشأ في قطر بَدَى يُقدَّم كمجموعة استثمارية ضخمة متعددة الأنشطة، تضم شركات تعمل في قطاعات حيوية ذات رأس مال ضخم وخبرة متراكمة.

هذه المفارقة تطرح علامات استفهام حول مصدر التمويل الفعلي، خاصة وأن طبيعة أعمال المجموعة تشير إلى أنها لم تنشأ من الصفر، بل وُلدت في إطار اتفاقات اقتصادية وسياسية مسبقة، هذه الاتفاقات هي التي  سمحت لها بالدخول مباشرة إلى مشاريع كبرى في البنية التحتية والطاقة والعقارات، وهي مجالات تتطلب استثمارات هائلة وعلاقات مع دوائر صنع القرار.

كما أن جزءًا من نشاطها يمتد إلى مناطق النزاع، ما يجعلها فاعلًا اقتصاديًا يحمل أبعادًا سياسية، وأداة محتملة في ترتيبات النفوذ بين قوى محلية وإقليمية.

الجدول التالي يوضح تفاصيل الشركات التابعة للمجموعة، تاريخ تأسيسها، مجالات نشاطها، وروابطها الرسمية:

الشركة تاريخ التأسيس المجال رابط الموقع الرسمي عنوان المقر
UCC Holding 2011 المقاولات والبنية التحتية – مشاريع ضخمة في قطر، السعودية، وسوريا ucc.com.qa الدوحة، قطر
Baladna 2014 إنتاج الألبان – أكبر منتج في قطر، مدرجة في بورصة قطر baladna.com الخور، قطر
Estithmar Holding 2014 الرعاية الصحية والخدمات – مدرجة في البورصة estithmarholding.com الدوحة، قطر
Aura Group 2013 الضيافة والمطاعم auragroup.qa الدوحة، قطر
Assets Group 2012 التطوير العقاري assets.com.qa الدوحة، قطر
TMT Group 2016 الاتصالات والتكنولوجيا powerholding-intl.com الدوحة، قطر

الشركة غير مدرجة في البورصة، ما يمنحها مرونة في اتخاذ القرارات، لكنه يحد من الشفافية المالية ويصعب تقييم أدائها من قبل المستثمرين الخارجيين.

عائلة الخياط بين الاستقلال وتبعية الأعمال

يُعرَف معتز الخياط في الأوساط التجارية بصفته ابن أخت رجل الأعمال السوري البارز محمد حمشو ، ما يضعه في دائرة الضوء كجزء من شبكة اقتصادية مرتبطة بنظام الأسد. ورغم محاولاته تقديم نفسه كرجل أعمال قطري مستقل، إلا أن مسيرته المهنية وثيقة الصلة بعائلة حمشو وشبكاتها الاقتصادية والسياسية في سوريا وقطر. في عام 2019، وُجّهت إلى معتز ورامز الخياط تهمة تمويل الإرهاب أمام المحكمة العليا في بريطانيا، حيث اتُهموا بتحويل أموال عبر حسابات في بنك الدوحة لدعم تنظيم “جبهة النصرة” في سوريا.

لم تكن شركة الخياط سوى واجهة اقتصادية لعائلة حمشو، تهدف إلى السيطرة على مناقصات القطاع الحكومي السوري، في ظل تصاعد الانتقادات تجاه استيلاء حمشو على الاقتصاد المحلي.

ان محمد رسلان الخياط (أبو العز)، سائق شاحنة سابق وزوج سمية صابر حمشو، أخت رجل الأعمال محمد حمشو، الذي هو الاخر ينحدر من خلفية اجتماعية متواضعة قبل معرفته بماهر الأسد  صعوده الاقتصادي السياسي.

كانت سمية حمشو المحور الأساسي الذي ربط بين عائلة حمشو وأفراد من العائلة القطرية بعد عام 2012، حيث استُخدمت العلاقات القطرية كوسيلة دعم، لدرجة أن الحكومة القطرية مارست نفوذها “الناعم” لإزالة اسمها من قائمة عقوبات قانون “قيصر” الأمريكية، وذلك دون توضيح رسمي لكيفية إلغاء العقوبات من قبل الإدارة الأمريكية.

رغم اتهام نظام الأسد لعائلة الخياط بتمويل الإرهاب، في إشارة إلى دعمهم للحراك الشعبي، يُعتقد أن إصدار هذه الاتهامات جاء في سياق محاولة لخلق سيناريوهات لاختراق الثورة وتوجيهها، لا سيما أن آل الخياط محسوبون على مدينة داريا، التي كانت من معاقل الثورة الأولى.

ويؤكد مقربون من محمد حمشو أن العلاقة بين العائلتين لم تكن محصورة في الأواصر العائلية فقط، بل شملت مصالح اقتصادية مشتركة، لا سيما في قطاعات الطاقة والاتصالات داخل سوريا وخارجها. يُضاف إلى ذلك دوره الحاسم في تهريب الأموال إلى قطر عبر مطار دمشق، وهو ما يعكس عمق علاقات حمشو بعائلة الخياط، حيث يُعتقد أن محمد حمشو كان بمثابة “السفير فوق العادة” لإدارة اقتصاد العائلة القطرية في سوريا قبل الثورة.

توسع شبكة علاقات Power International Holding مع صناديق الثروة السيادية

على الرغم من أن شركة Power International Holding (PIH) تأسست حديثًا بعد عام 2012، إلا أنها استطاعت بسرعة أن تحظى بحضور واسع في أكثر من 19 دولة حول العالم، وتنشط في مجالات متنوعة تشمل البنية التحتية، الاستثمارات الزراعية، الضيافة الفاخرة، وقطاع الاتصالات. اللافت للنظر هو تمكن الشركة من بناء علاقات متقدمة واستراتيجيات تحالف قوية مع صناديق الثروة السيادية والمؤسسات المالية الكبرى، ما وفر لها دعمًا ماليًا واستثماريًا حاسمًا.

حسب مصادر خاصة، لعبت العلاقة مع صندوق الثروة السيادي القطري دورًا محوريًا في تمكين PIH من توسيع شبكة علاقاتها والحصول على دعم مباشر وغير مباشر من خلال شراكات مع جهات حكومية وهيئات رسمية في قطر .

وتُعد قطر السوق الأكبر والأكثر تنوعًا للشركة، حيث تعمل PIH هناك في قطاعات الإنشاءات، الزراعة، الضيافة، الطاقة، والاتصالات، بالتعاون مع الحكومة القطرية، هيئة الأشغال، ووزارة البلدية. لدرجة أن الشركة تُعتبر من الاستثمارات الخفية لصندوق الثروة السيادي القطري، مما يعكس عمق وخصوصية العلاقة بين الطرفين.

الدولة حجم العمليات التقريبي نوع النشاط الرئيسي الشركاء المحليون / الجهات المتعاونة
قطر الأكبر والأكثر تنوعًا الإنشاءات، الزراعة، الضيافة، الطاقة، الاتصالات الحكومة القطرية، هيئة الأشغال، وزارة البلدية
السعودية توسع سريع منذ 2020 مشاريع ترفيهية، تطوير عقاري، بنية تحتية Seven، Diriyah Company، Qiddiya
سوريا مشاريع معلقة أو متعثرة الطاقة، الاتصالات، البنية التحتية وزارة الكهرباء السورية، جهات غير معلنة
ليبيا مشروع واحد كبير محطة كهرباء بقدرة 1044 ميغاواط في زليتن حكومة الوحدة الوطنية، وزارة الكهرباء الليبية
كازاخستان استحواذ استراتيجي الاتصالات والطاقة Samruk Energy، Mobile Telecom-Service LLP
جزر المالديف ضيافة فاخرة تشغيل فندق والدورف أستوريا Hilton Group، حكومة المالديف
سلطنة عمان مشاريع عقارية وسياحية تطوير عقاري، ضيافة وزارة السياحة العمانية، مطورون محليون
الكويت عمليات محدودة خدمات هندسية ومقاولات شركات مقاولات محلية، بلدية الكويت
الإمارات استثمارات عقارية وضيافة تطوير عقاري، مطاعم Aura Hospitality، مطورون محليون
تركيا استثمارات غير معلنة ضيافة، مطاعم شركاء تجاريون في إسطنبول وأنطاليا
المملكة المتحدة استثمارات نوعية عقارات، ضيافة، شركات قابضة شركات إدارة أصول، بنوك استثمارية
إندونيسيا توسع زراعي إنتاج الألبان والزراعة شراكة مع شركات زراعية محلية
الهند دعم تقني وهندسي خدمات IT، دعم المشاريع TMT Group، شركات هندية متخصصة
أستراليا استثمارات في الزراعة إنتاج الأعلاف والألبان Baladna Australia، مزارع محلية
ألمانيا استشارات هندسية تصميم معماري، تقنيات البناء شركات استشارية ألمانية

المشاريع المتعثرة وشبهات السمسرة

رغم الصورة الإيجابية التي تحاول مجموعة Power International Holding تسويقها، تكشف الوقائع عن تأخيرات واضحة وتعثر في تنفيذ عدد من مشاريعها الحيوية منها :

  • مشاريع في ليبيا: من أبرزها محطة زليتن التي تعرضت لتحديات لوجستية وأمنية كبيرة، أدت إلى تأخر في التشغيل الفعلي، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى الدور السياسي المعقد الذي تلعبه قطر في المشهد الليبي، حيث تؤثر مصالحها المتغيرة على سير العمل في المشاريع هناك.
  • مشروع الطاقة في سوريا: تم توقيع مذكرة تفاهم بقيمة 7 مليارات دولار، إلا أن تفاصيل تنفيذ المشروع والتمويل لا تزال غامضة، خاصة في ظل العقوبات الدولية التي تفرض قيودًا على التمويل، مما يشير إلى احتمالية تعثر التنفيذ أو توقفه، إلى جانب العقوبات الدولية وموقف قطر الحذر والمتريث تجاه التطورات السياسية السورية، يضعف فرص تنفيذ المشروع ويُرجح احتمال تعثره أو توقفه.
  • مشروع Qiddiya في السعودية: يشهد المشروع تأخيرًا في التنفيذ رغم الإعلان عن مشاركة شركة UCC، لكن الشركة لم تصدر أي بيانات رسمية تشرح أسباب التأخير أو تحدد جدولًا زمنيًا للتنفيذ، ما يخلق حالة من عدم اليقين.

إلى جانب ذلك، تبرز شبهات حول وجود عمليات سمسرة غير رسمية في عقود تحصل عليها المجموعة، مستغلة نفوذ قطر السياسي، الأمر الذي يضر بالشفافية والحوكمة ويؤثر سلبًا على مصالح الأطراف الأخرى، لا سيما في سوريا، حيث تتداخل المصالح السياسية مع الأعمال التجارية بشكل معقد. هذه العوامل مجتمعة توضح أن تعثر مشاريع المجموعة لا يعود فقط إلى تحديات تشغيلية، بل أيضًا إلى سياقات سياسية وأمنية معقدة تتطلب استراتيجيات مرنة وحوكمة أكثر صرامة لضمان نجاح التنفيذ.

بيئة العمل والتوظيف بشركة Power International Holding

تضم مجموعة Power International Holding أكثر من 41,000 موظف، وتوفر فرص عمل في مجالات متنوعة تمتد من الهندسة إلى الخدمات والإدارة. غير أن تقييمات الموظفين على منصات مثل Glassdoor وIndeed تكشف عن تحديات كبيرة تواجه بيئة العمل داخل المجموعة. فقد أشار العديد من الموظفين إلى ارتفاع معدل دوران العمالة، الذي يصل إلى نحو 42%، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار الوظيفي ويؤثر سلبًا على استمرارية المشاريع وجودة الأداء.

إلى جانب ذلك، تتكرر الشكاوى حول بيئة عمل غير آمنة نفسيًا، مع تسجيل حالات تمييز عرقي خاصة في أقسام تكنولوجيا المعلومات، حيث يشكو بعض العاملين من معاملة غير عادلة. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ وردت تقارير عن فصل موظفين فجائيًا دون إشعار مسبق، مما يزيد من حالة القلق وعدم الرضا داخل صفوف العاملين.

هذه المشاكل المتراكمة أدت إلى خلق بيئة عمل تتسم بالمزاجية وبناء الولاءات الشخصية، وهو أمر غير ملائم للحالة السورية التي تفتقر إلى استقرار قانوني واضح. وهذا ما يعيد إلى الأذهان أساليب مماثلة اعتمدها محمد حمشو في شركاته، وخاصة المشاكل  العرقية .

ونتيجة لذلك، قد تتعرض الأهداف الاجتماعية التي بُنيت عليها الاتفاقيات مع سوريا للضرر، كما مرجح ان  تزداد الضغوط على مؤسسات الحكومة التي سوف تستقبل شكاوى بسبب هذه الممارسات. علاوة على ذلك، سوف يضعف من استدامة وفعالية المشاريع في المنطقة على المدى الطويل.

إلى جانب هذه القضايا التشغيلية، رصدت منظمات حقوقية مثل Business & Human Rights Resource Centre انتقادات جدية تتعلق بالممارسات المالية للمجموعة. حيث أشارت إلى فرض رسوم توظيف مرتفعة على العمالة المهاجرة، وغياب الرد الرسمي من الشركة على طلبات التوضيح بشأن هذه الممارسات. كما أثارت التسريبات من وثائق Paradise Papers وOffshore Leaks ظهور كيانات مرتبطة بالشركة، مما أثار تساؤلات حول مستوى الشفافية الضريبية والمالية للمجموعة، وفتح باب التكهنات حول احتمالات التهرب الضريبي وغسل الأموال ، وبالتلاي مع هذه الشركة تحتاج الحكومة السورية الى كثير من المراقبة وضوابط القانونية لكي تنفذ الجانب الاجتماعي من الاتفاقيات.

تُظهر شركة Power International Holding نموذجًا معقدًا من التداخل بين المال، النفوذ، والعلاقات السياسية. ورغم نجاحها التجاري، فإن خلف الكواليس توجد شبكة عائلية–سياسية تربطها بالنظام السوري، وتثير تساؤلات حول الشفافية، حقوق العمال، والامتثال الدولي. من الضروري أن تخضع المجموعة لتدقيق مستقل لضمان المساءلة والحوكمة الرشيدة، خاصة في ظل مشاريعها الضخمة الممتدة على مستويات دولية متعددة.

لضمان نجاح تنفيذ الاتفاقيات التي تربط الشركة بالدولة السورية، لا بد من تبني آليات شفافة تضمن حقوق جميع الأطراف، وتوفير بيئة عمل مستقرة تحترم حقوق العمال وتدعم التنمية الاجتماعية. كما ينبغي تعزيز دور مؤسسات الرقابة الحكومية والمجتمع المدني لمتابعة الالتزام بالمعايير الاقتصادية والاجتماعية، ما يعزز فرص استدامة المشاريع.

اقتصاديًا، قد تواجه الشركة تحديات كبيرة بسبب الظروف السياسية والاقتصادية في سوريا، فضلاً عن العقوبات الدولية والتعقيدات الإدارية، ما قد يعيق تحقيق نتائج ملموسة في المدى القصير. أما اجتماعيًا، فغياب الاستقرار القانوني وبيئة العمل غير المستقرة قد يفاقم من أزمات العمال والمجتمعات المحلية، مما يهدد الأهداف التنموية ويجعل من الصعب تحقيق تأثير إيجابي واسع ومستدام.

لذا، النجاح الحقيقي يتطلب ليس فقط استثمارات مالية، بل إصلاحات مؤسسية واجتماعية عميقة، والتزامًا جادًا بالحوكمة الرشيدة والشفافية، وإلا ستظل هذه الاتفاقيات مجرد وعد يصعب تحقيقه على أرض الواقع.

مقالات ذات صلة