الرئيسية » دمشق وريفها في مواجهة الجفاف.. حلول إسعافية لم توقف الأزمة

دمشق وريفها في مواجهة الجفاف.. حلول إسعافية لم توقف الأزمة

بواسطة Younes
محمد كساح

منذ قرابة 15 يومًا لم يتمكن أبو بسام، وهو من سكان الريف الدمشقي، من تعبئة خزانه المنزلي بمياه الشبكة الرئيسية، بسبب الأزمة غير المسبوقة التي تعاني منها المياه في العاصمة وريفها، والتي يرجعها خبراء إلى أسباب عديدة متراكمة يعود معظمها إلى مرحلة النظام البائد.

وقال أبو بسام  إنه يعتمد حاليًا على مياه الصهاريج التي تنقل الماء من الآبار الأرتوازية وتبيعه للمنازل بأسعار باهظة. وأضاف أن انقطاع الماء يتكرر كل فترة، لكنه في الشهرين الماضيين بات هو القاعدة. في المقابل، تشهد المياه المحملة بالصهاريج إقبالًا كبيرًا جدًا، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بحيث وصل سعر الصهريج سعة 25 برميلًا إلى 200 ألف ليرة سورية.

وتحصل العاصمة على المياه، وفقًا للباحث ومدير منصة “اقتصادي”، يونس الكريم، من ثلاثة مصادر أساسية، وهي:

عين الفيجة الذي انخفض مستواه المائي منذ العام 2014 نتيجة الجفاف والتعدي على حوض النبع، بالإضافة إلى الآبار الجوفية التي تتجاوز 200 بئر تقع معظمها في الغوطة، ومشاريع تكرير مياه الصرف الصحي، وإعادة تنقيتها من الشوائب؛ وهي مشاريع تم بحثها قبل الثورة السورية بسنوات، وتهدف بشكل مبدئي إلى استخدام المياه المكررة في سقاية المزروعات.

ويرجع الكريم أزمة المياه إلى أسباب عديدة متراكمة، أبرزها التغير المناخي وانخفاض نسبة الهطولات المطرية التي أثرت على تغذية الينابيع والسواقي والجداول والأنهار الصغيرة بمحيط العاصمة، سواء من ناحية النشابية أو الكسوة. ولفت إلى أن أزمة المياه بدأت بالتصاعد منذ العام 2007 نتيجة تصاعد وتيرة الجفاف وتنامي العشوائيات، واللجوء إلى اقتلاع الأشجار وزراعة الخضار عوضًا عنها، وزيادة عدد سكان المدن الكبيرة، وجميعها أسباب شكلت ضغطًا كبيرًا على مصادر المياه.

ويوضح الكريم أن انهيار البنى التحتية لمصادر وشبكات المياه وعدم ترميمها تسبب بخلط المياه العذبة بمياه الصرف الصحي، ما شكل عاملًا إضافيًا في تفاقم الأزمة، خاصة أنه توازى مع الجفاف وحبس الدول المجاورة للأنهار المشتركة، وانتشار ظاهرة التحطيب الجائر، ما قلص المساحات الخضراء وراتفاع درجات الحرارة. كما لعب الفساد دورًا هامًا بإيقاف الكثير من المنح التي كانت تقدم لسوريا من بنك الاستثمار الأوربي لإعادة بناء البنى التحتية وصيانتها.

ومن هذا المنطلق، يحمّل الكريم النظام البائد جزءًا كبيرًا من أزمة المياه، لكن في المقابل يتحمل العهد الجديد مسؤولية تصاعد الأزمة بسبب عدم مطالبته بحصص سوريا من مصادر المياه المشتركة مع الدول المجاورة، مرجحًا أن تلجأ الحكومة الحالية إلى خصخصة قطاع المياه، ما يشكل مصدر دخل كبير جدا. كما سيشكل هذا المشروع كارثة إنسانية لسوريا التي ستتحول إلى بلد بلا روح، لأن رخص المياه هو العامل الذي يدفع المزارعين إلى حراثة وزراعة الأرض، وفي حال ارتفعت الكلفة يمكن أن نشهد عزوفًا جماعيًا عن الزراعة.

وسبق أن أعلنت مؤسسة مياه دمشق وريفها حالة طوارئ تخص القطاع المتأزم، بالموازاة مع وضع خطة عاجلة بعد تراجع حاد في غزارة الينابيع، تشمل تشغيل 400 مصدر مائي إضافي، وتنظيم أدوار التوزيع، وحملات لترشيد الاستهلاك.

وبحسب الأرقام التي أوردتها المؤسسة في تصريحات لوسائل الإعلام، انخفض منسوب نبع الفيجة من 10 م³/ث العام الماضي إلى 2 م³/ث هذا العام، ما يغطي نصف حاجة العاصمة فقط، بينما يهدد الاعتماد القسري على آبار دمشق الأمن المائي بجفاف بعض المصادر.

وفي هذا الصدد، تحاول مؤسسة المياه تنفيذ إجراءات إسعافية لتأمين المياه لدمشق وريفها من خلال تجهيز آبار جديدة، وملاحقة مخالفات التعدي على الشبكة الرئيسية وإزالتها.

وعلى سبيل المثال، قامت المؤسسة بتجهيز 6 آبار في محطة ضخ العقدة الثامنة، بالتعاون مع منظمة “سراج” من أجل وضعها في الخدمة لتأمين 5500م3 إضافية من المياه يوميًا للمناطق المستفيدة من المحطة، وهي: صحنايا، أشرفية صحنايا، الكسوة، ضاحية 8 آذار، بناية الكويتي، خان دنون، وخيارة دنون.

كما تتابع المؤسسة عملها في حملة إزالة المخالفات حيث قام عناصر الضابطة المائية في المؤسسة العامة لمياه الشرب بمحافظة دمشق وريفها بعدة جولات ميدانية، تم خلالها فك ومصادرة عدد من مضخات المياه نوع “حرامي” في أحياء ساروجه والشعلان والتضامن، وذلك بالتعاون مع لجان الأحياء وعناصر الأمن العام.

وأعلنت المؤسسة أن الضابطة المائية ستتابع جولاتها في مختلف أحياء مدينة دمشق في إطار جهود المؤسسة لضبط التعديات على شبكة المياه العامة، بما يضمن عدالة وصول المياه إلى كافة المشتركين.

المصدر :الترا سوريا

مقالات ذات صلة