محمد كساح
جاء المرسوم رقم /150/ للعام 2025 المتعلق باستحداث وزارة الطاقة منسجمًا مع عشرات مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي وقعتها الحكومة الجديدة مؤخرًا، بينما يرى الخبراء أن دمج جميع مؤسسات الطاقة ضمن وزارة واحدة من شأنه وقف الهدر وتوفير الوقت وتسهيل الأداء الحكومي المتعلق بواحد من أهم القطاعات الحيوية، لكن نقطة الاستقلال الإداري والمالي للوزارة التي ينص عليها المرسوم تتسم بالغموض، ما يجعلها مفتوحة على احتمالات عدة.
وينص المرسوم رقم /150/ لعام 2025 الذي أصدره الرئيس، أحمد الشرع، على استحداث وزارة تسمى وزارة الطاقة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، مقرها دمشق، وذلك بهدف تحقيق التكامل في العمل وتحسين الأداء وتوفير الخدمات الأساسية بالشكل الأمثل.
وستحل وزارة الطاقة محل كل من وزارة النفط والثروة المعدنية ووزارة الكهرباء ووزارة الموارد المائية بجميع حقوقها وواجباتها، وتتولى الوزارة المهام والاختصاصات التي كانت تتولاها هذه الوزارات سابقًا.
ويتولى وزير الطاقة، محمد البشير، توزيع العاملين الدائمين في الوزارات المدمجة على وظائف الوزارة المستحدثة، ويحتفظ كل منهم بأجره وقدمه المؤهل للترفيع وحقوقه المكتسبة، ويستمر العاملون المؤقتون والموسميون والوكلاء والمتعاقدون في الوزارات المشار إليها بذات أوضاعهم وأجورهم في الوزارة المحدثة، بحسب وكالة “سانا”.
وتُعتبر قرارات وزير الطاقة الصادرة قبل صدور هذا المرسوم نافذة المفعول، على أن تُعدل وفقًا لأحكامه القانونية والتنظيمية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاده، ويستحدث في الموازنة العامة للدولة قسم وفرع باسم وزارة الطاقة توحد فيه ميزانيات الوزارات المدمجة.
آلية عمل جديدة
يقدم المرسوم آلية عمل جديدة للوزارات والمؤسسات المعنية بالطاقة سواء من خلال دمجها ضمن وزارة واحدة، أو تسهيل التنسيق بين مختلف هذه المؤسسات والتخلص من تراكمات سوء الإدارة التي كانت تطاول هذه المؤسسات، مع ما كان يتخللها من فساد ورشاوٍ، وفقًا للقراءة التي أدلى بها الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي، لموقع “الترا سوريا”.
ويضيف قضيماتي أن قطاع الطاقة في أي بلد يعد من القطاعات الحيوية جدًا، بحيث يعتبر من أكبر ركائز الاقتصاد، ويوازي تمامًا القطاع المصرفي، إذ بدون هاتين الركيزتين الطاقة والمصارف لا يمكن تصور اقتصاد حقيقي.
وحول إيجابيات دمج المؤسسات المختصة بالطاقة، يشير قضيماتي إلى أنها تتمثل بتسهيل التنسيق والتخلص من الضعف الإداري السابق، مبينًا أن ربط الوزارات ببعضها يمكن أن يخفف العبء المالي الناتج عن تداخلات الجهات المختلفة، إلى جانب توفير الوقت والجهد جراء عملية الدمج ضمن وزارة واحدة.
نقاط جوهرية
من جانبه، يوضح الباحث ومدير منصة “اقتصادي”، يونس الكريم، أن مسؤوليات قطاع الطاقة كانت موزعة بين وزارة النفط والثروة المعدنية السابقة، التي كانت مسؤولة عن قطاعي النفط والغاز من جهة، وبين وزارتي الكهرباء والموارد المائية من جهة أخرى.
وحول المرسوم الجديد، لفت الكريم إلى أنه يدمج جميع هذه المسؤوليات، كما يضيف إليها الطاقة المتجددة؛ بينما أشار في المقابل إلى أن “المرسوم أتى بنقاط جديدة جوهرية، لكنها لا تزال مبهمة من قبيل فكرة الاستقلال الإداري والمالي الذي يُعد مفهومًا غير محدد المعالم”.
ويضيف الكريم أن “المرسوم دمج مؤسسات الكهرباء والمياه تحت ميزانية الوزارة الجديدة، وبالتالي لم يعد هنالك أي تفرقة بين هذه المؤسسات مع توحيد الشكل الإداري”، محذّرًا من أن”عملية دمج هذه المؤسسات السيادية الهامة ليست أمرًا سهلًا”.
ويرى الكريم أن الهدف العام المعلن عنه من المرسوم يتمثل بتحقيق التكامل، وجودة العمل، ووحدة المؤسسات، وتقليل الهدر الإداري، بالإضافة إلى منح وزارة الطاقة صلاحيات القدرة على الاستثمار بشكل مباشر، لكنه نوّه بأن “جميع هذه الأهداف غير واقعية”.
ويعتبر الكريم أن “مخرجات المرسوم يمكن أن تؤدي إلى اعتبار الوزارة مؤسسة تابعة مباشرة للرئاسة على غرار بعض المؤسسات التي ألحقتها الرئاسة بها، مثل هيئة الطيران، ما يجنبها أي اصطفافات عند توسيع التشكيلة الحكومية في حال حدث ذلك”.
كيف يرتبط المرسوم بملف الاستثمار؟
من جهة أخرى، يربط الكريم بين المرسوم والاستثمارات التي تم توقيعها مؤخرًا، معتبرًا أن المرسوم يسعى إلى توحيد جميع خطوط وموارد الطاقة تحت مؤسسة واحدة مخولة بتوقيع الاستثمارات والإشراف على تنفيذ الاتفاقيات والتفاهمات.
من جانبه، يتوقع قضيماتي في نهاية حديثه لـ”الترا سوريا” أن يسهل المرسوم تدخل الدولة وإشرافها على ملف الاستثمارات، نظرًا لحاجة هذه الاستثمارات إلى موارد الطاقة بمختلف قطاعاتها، ما يذلل العقبات الكبيرة أمام الاستثمارات سواء المتعلقة بالتراخيص أو إعادة تأهيل البنى التحتية للشركات أو تخفيف عمليات الهدر المرافقة لهذه الاستثمارات.
المصدر: الترا سوريا.

