اقتصادي – خاص:
كثفت إيران في الأشهر الأخيرة سعيها لمزيد من التشبيك في علاقاتها مع النظام السوري، بهدف تفعيل الاتفاقيات المبرمة سابقاً، والتي ما زالت معظمها اتفاقيات تفاهم مبدئية، في بادرة تشير إلى رغبة طهران الاستفادة من التطورات الدولية التي حولت اهتمام روسيا وأميركا ومن خلفهما العالم من سوريا إلى أوكرانيا.
ويأتي ذلك واضحاً من خلال زيارات المسؤولين من كلا الجانبين، حيث قام وزير الصناعة الإيراني، رضا فاطمي أمين، بزيارة العاصمة السورية، مطلع ديسمبر 2021، ليقوم وزير خارجية النظام فيصل المقداد بزيارة طهران في ذات الشهر، تلا ذلك زيارة وزير الطرق وبناء المدن الإيراني، رستم قاسمي لدمشق في يناير 2022، حيث ناقش حينها عدة ملفات مشتركة بين سوريا وإيران، على رأسها الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين الجانبين، وضرورة إعادة تفعيلها، فقام بنشر تغريدة له عبر “تويتر” قال فيها “الاتفاقيات التي تم التوصل إليها مع الأسد يمكن أن توفر فرص عملٍ لشبابنا، والكثير من القيمة المضافة للمستثمرين الإيرانيين”، مختتما التغريدة بعبارة: التأخير لم يعد مسموحا به”.
وفي فبراير 2022 أجرى مدير “مكتب الأمن الوطني” في النظام السوري علي مملوك زيارة إلى العاصمة الإيرانية طهران، في وقت وصل فيه كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، علي أصغر خاجي إلى العاصمة السورية دمشق.
ومما سبق نستنتج أن إيران تستعجل بإجراءات التقرب من سوريا لعدة اعتبارات، أولاً، رغبتها الاستفادة من انشغال روسيا بالحرب الأوكرانية، وحاجة النظام لوجود حلفاء، فإيران لها مصالح كبيرة في سوريا، مقارنة بروسيا التي لها مصالح في أوكرانيا، كما تريد طهران مقايضة روسيا، من خلال الدعم الذي ستقدمه لها فيما يخص كسر الحصار عنها وربطه بمفاوضات الملف النووي وحتى إقامة حلف مع روسيا “أوبك الغاز”، مقابل وصول إيران إلى البحر المتوسط، ومن جهة النظام، نرى أن النظام يرغب بتجيير هذا التقارب مع إيران لمصلحته من أجل التخلص من الهيمنة الروسية التي بدأت تقلقه، خاصة وأن روسيا لم تعد تقدم له المساعدات العسكرية واللوجستية التي يطمح لها ، وهذا ما استشعرته إيران وتحاول سد هذا الفراغ، مستبقة أي دولة أخرى قد تتقرب من النظام مثل تركيا أو قطر، اللتان بدأتا تغيران طريقة تعاملهما مع الملف السوري.
وتحاول إيران كذلك خلق تجارة بينية لتكون قدرتها أكبر على المناورة في ظل انهيار الاقتصاد في كلا الدولتين (إيران وسوريا)، فضلاً عن رغبتها بضمان حقوقها واسترداد أموالها، فتضغط على النظام السوري لتفعيل جميع الاتفاقيات من أجل تثبيت حقوق الإيرانيين، والاستفادة من الاتفاق النووي، لإدراج الاتفاقات التي تمت مع النظام باعتبارها حقوق دولية مثبتة لإيران بغض النظر من بقاء النظام أو رحيله.
ولناحية علاقاتها مع الخليج العربي، تسعى إيران للتقرب من الخليج وبعث رسائل توحي بأن سلوكها سيتغير إلى حد ما، بحيث تستبدل تواجدها العسكري بسورية بالاقتصادي، وهي تريد إنجاز كل ذلك بسرعة مستغلة انشغال واشنطن بالملف الأوكراني، في وقت تراجع فيه الاهتمام بالملف السوري، وبدأ ينظر إلى دور إيران الدولي بالمساهمة في التمويل النفطي للعالم.