اقتصادي:
أعلن نائب رئيس الحكومة اللبنانية سعادة الشامي، يوم الاثنين، عن إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي في دولة لبنان، على أن يتم توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، الأمر الذي سينعكس سلباً على الوضع في سوريا.
وفي حديث له لقناة “الجديد”، قال الشامي “سيجري توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، ولا توجد نسبة مئوية محددة، للأسف الدولة مفلسة وكذلك مصرف لبنان، ونريد أن نخرج بنتيجة، والخسارة وقعت بسبب سياسات لعقود، ولو لم نفعل شيئا ستكون الخسارة أكبر بكثير”.
هل تفلس الدول!
وبالمعنى الاقتصادي، الدول لا تفلس، بل هو تعبير مجازي عن عدم قدرتها على سداد الديون والتزاماتها المالية، فقد بلغت ديون لبنان حوالي 99 مليار دولار، وبازدياد سنوي مضطرد بنسبة 33% وهذا قريب من الفائدة على الدين.
وساهمت المواقف السياسية لميشل عون وتياره حول اللاجئين السوريين الذي افقد لبنان مليارات الدولارات وإضافة تدخل “حزب الله” وإيران بالشأن اللبناني السياسي دون مرعاة الموازنة مع القوى الاخرى وفق اتفاق طائف وتدخله بدول العربية أدى في كشف الغطاء الخليجي ماأدى الى تفاقم الوضع الاقتصادي فيه.
ومن المتوقع أن يسعى البنك الدولي لإعادة تنظيم الاقتصاد اللبناني لدفعه إلى سداد التزاماته، فرغم كل المحاذير الاقتصادية عن عجز لبنان، لكن البنك الدولي يصر على التدخل لإنقاذ ديونه وديون الدائنين الكبار الذين يشكلون المنظومة المالية العالمية.
سيقود هذا لمزيد من التقشف والضرائب والتدخل بلبنان ومراقبة ما تبقى من اقتصاده، وقد يكون هذا الأمر، رغم سلبياته في حالات كثيرة، هو المخرج من عنق الزجاجة ومن تغول الطبقة السياسية وفسادها على حساب لبنان، وبالتالي ذلك سيجعل لبنان أقل فسادا وهدرا للأموال، إفلاس لبنان مجازيا سيكون له إيجابية واحدة هي محاربة الفساد في البلاد والانقسام .
إن إعلان الإفلاس في لبنان، عبارة عن تهديد لباقي الفرقاء السياسيين ممن يحاولون منع تنفيذ وصفة البنك الدولي لإدارة الملف الاقتصادي، ويقود لمزيد من التدخل من الفريق الاقوى، خاصة أن لبنان لم يعد لديه أموال للإنفاق العام على الرواتب أو دعم السلع وغيرها من أمور التي تنطلبها مؤسساته، كما أن ذلك سينعكس على توقف القطاع الخاص حكماً عن العمل ايضاً.
وفي النهاية ستتدخل الدول الدائنة سواء بالترغيب بإعادة هيكلة الاقتصاد اللبناني أو بالترهيب بالمراقبة ومنع دخول وخروج السلع إلا بإطار بسيط، كما ستتم عملية إنقاذ المواطنين عبر المنظمات الإنسانية
تزامناً مع صعود مؤشرات أخرى من انهيار العملة وانتشار الفقر والمجاعة وتراجع لبنان على المؤشرات الإنسانية، إضافة إلى ازدياد قسوة وحدة الحملات المناهضة للاجئين السوريين.
ومن المؤكد أن ذلك ينعكس على سوريا، فلبنان كان رئة سوريا للتهرب من العقوبات والتهرب من قانون قيصر وفرصة لرجال الأعمال وحركة المطار والحياة السياسية والاقتصادية بعيداً عن الرقابة الدولية، فالأزمة اللبنانية ستقف في طريق الطبقات الموالية للنظام السوري، وتضغط لفصل لبنان عن سوريا ومنع النظام من التدخل بلبنان عبر حلفائه ، وبالتالي يفقد النظام ورقة إقليمية لتخفيف الضغط والعقوبات الدولية عليه، كما يصبح “حزب الله” في المرمى نتيجة سياساته المعطة لتدخل البنك الدولي، ووقوفه مع النظام وإيران التي دفعت الخليج ليدير ظهره للبنان.
يشار إلى أن الاقتصاد اللبناني يتكبد العديد من الخسائر الجسيمة، خاصة بعد أزمة جائحة كورونا، وانفجار مرفأ بيروت، ما أدى إلى انخفاض الاقتصاد بنسبة 9.5% عام 2021، مقارنة بالعام الذي يسبقه.
يذكر أن قرابة نصف دول القارة الأوروبية، و40% من دول إفريقيا، و30% من دول آسيا أعلنت خلال القرنين السابقين إفلاسها، وكانت الولايات المتحدة وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة والصين أبرز الدول التي أعلنت إفلاسها وعجزها عن سداد ديونها الداخلية أو الخارجية خلال القرنين الماضيين، وأعلنت ألمانيا إفلاسها ثماني مرات خلال 200 عام.