الرئيسية » ما الأسباب التي دعت أردوغان للإعلان عن إمكانية دعوة الأسد إلى أنقرة؟

ما الأسباب التي دعت أردوغان للإعلان عن إمكانية دعوة الأسد إلى أنقرة؟

بواسطة يونس الكريم

فاجأت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من على متن الطائرة العائدة من كازاخستان، عن قضية التقارب مع حكومة النظام السوري المهتمين والمتابعين  للشأن السوري، حيث أعلن عن احتمالية دعوة رأس  النظام السوري بشار الأسد المتهم بجرائم حرب، وعليه عقوبات من قبل عدد من الدول الغربية إلى العاصمة التركية، وبذلك تعدت  التصريحات التركية حاجز السرية التي كانت تصبغ المفاوضات بين رجالات الاستخبارات برعاية ودعوة من حلفاء الأسد، والذين يملكون قدرة للضغط على تركيا مثل روسيا، أو مصالح سياسية واقتصادية  مثل العراق، بحيث تجاوزتها إلى دعوات للقاءات مباشرة بين الرئيس التركي ورأس النظام السوري  بشار الأسد.

ولمعرفة أسباب هذه الدعوة التي أثارت كثير التساؤلات حول اسباب التغير التي دفعت بالرئيس التركي لرفع سقف تصريحاته إلى دعوة الأسد!، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة خطاب الكراهية اتجاه اللاجئين السوريين والتي جاءتا متزامنتين!، مما قد يجعل من وُجود قواته بسورية في موضع خطر حقيقي!.

للإجابة عن السؤال لا بد من العودة إلى المبادرات التي طْرحت مؤخراً بشأن العلاقات التركية مع نظام الأسد من قبل روسيا،  وتجاوز ما طُرِح ح على الإعلام والبحث عن مصادر داخل حكومة النظام  السوري  كونها المستهدف بهذه المبادرات للوقوف على ما تضمنته بنودها، وعلى اعتبار أن الوصول إلى هذه المصادر يعتبر الأسهل مقارنة مع المصادر من الروس والأتراك.

وعليه  ذكر مصدر خاص ل “اقتصادي”   إلى أن ما يحدث الآن هو سياسة اتبعتها روسيا من خلال رعايتها للمفاوضات بين أنقرة-دمشق، لكنها سرعّت من وتيرتها مؤخراً بعد الخطوات التي  بدأت تتخذها عواصم أوروبية في محاكمة شخصيات مؤثرة بنظام الأسد وصولا إلى رأس النظام السوري نفسه.

حيث نقلت موسكو عبر ألكسندر لافرنتييف” Alexander Lavrentiev” المبعوث الخاص للرئيس الروسي والوفد المرافق له على رأسهم ألكسندر يفيموف ” Alexander Yvimov” السفير الروسي بدمشق رسالة إلى بشار الأسد، وذلك  خلال لقائه معه الأسبوع الأخير من شهر حزيران/يونيو الماضي ،والذي حضره مع الأسد كلاً من علي وبحضور نواب وزير خارجية السوري، خطة روسية لإدارة المفاوضات، والتي تقوم على إجراءات بناء ثقة بين الحكومة التركية وحكومة النظام لسوري وفق مبدأ خطوة بخطوة، وفي إطار وحدة واستقرار سورية وأمنها حيث شملت خارطة بناء الثقة عدة خطوات ستعمل روسيا بما تملك من نفوذ على تنفيذها وهي:

الجانب الامني

فرض قيود أمنية على المطلوبين لدمشق مع طلب مغادرة لقسم كبير منهم الأراضي التركية ممن يملك إقامات أجنبية أو جنسيات مزدوجة أو رعاية دولية .

أما الذين يعتبرون مجرد ناشطين سياسيين، فإن لجنة أمنية مشتركة (تركية -سورية) سوف تشرف على تسلم المطلوبين أمنياً مقابل تسلم عدد من المعتقلين من حزب “PKK” لدى الأجهزة الأمنية السورية للجانب التركي.

كما أن الجانب التركي سوف يوقف نشاط إعلام المعارض للنظام السوري والمتواجد على الأراضي التركية، وإغلاق مكاتبهم، وتسليم القائمين عليها لإحالتهم للقضاء السوري بتهمة التحريض.

إضافة أن اللجنة التركية-الروسية-السورية سوف تعمل على تسليم إدارة المعابر إلى حكومة النظام السوري كخطوة لعودة (مؤسسات الدولة) إلى مناطق المعارضة.

الجانب السياسي

في حين شملت المبادرة على الصعيد السياسي، ووفق الرؤية الروسية،  تحقيق تسوية سياسية شاملة للحل السياسي بين حكومة النظام السوري والمعارضة السورية، لتحقيق المصالحة الوطنية من أجل إنهاء كل تداعيات الصراع والحفاظ على وحدة سورية وأمنها واستقرارها حسب  المصدر، وأهم ما جاء بخارطة بناء الثقة الروسية على الصعيد السياسي:

  • استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية من أجل صياغة دستور جديد لسورية والدفع بالعملية السياسية للتوصل إلى حل سياسي قابل للاستدامة على أن يُعْمَل على نقل نشاطها إلى دمشق.
  • الإفراج عن المعتقلين من سجون حكومة النظام السوري، بموجب مرسوم تشريعي يقضي بمنح عفو عام ، وقد أدى النظام تحفظ على العفو حيث استثنى من اتهم بالإرهاب او تلطخت يداه بالدماء حسب المصدر .
  • تقوم تركيا على دعم العودة الطوعية للاجئين إلى سورية والمتواجدين على الأراضي التركية ضمن آلية يتم من خلالها التنسيق مع الجانب السوري، وتكون أساساً لدفع الأمم المتحدة من أجل تبنيها.

الجانب العسكري

أما الجانب العسكري من خارطة بناء الثقة الروسية حسب المصدر، والتي تعتبر ورقة قبول تركية لهذه المبادرة وتشمل :

  • انسحاب القوات التركية من النقاط التابعة لها في منطقة خفض التصعيد في إدلب، الواقعة ضمن مناطق الاتفاق التركي الروسي، والإبقاء على عدة نقاط عسكرية تركية في شرق إدلب وريف حلب الغربي، يربطها خط أمني تشرف عليه الشرطة العسكرية الروسية، على أن يتم تبديل تلك النقاط بشكل تدريجي بقوات من جيش حكومة النظام في منتصف عام 2025 بإشراف روسي.
  • إيقاف الدعم العسكري التركي عن المقاتلين الأجانب ذوي القوميات التركية، تمهيداً لإخلاء مقراتهم العسكرية ونقاط تمركزهم للبدء بعمليات الانسحاب من مناطق إدلب وريفها، خلال فترة زمنية لا تتجاوز الشهريين من اطلاق المبادرة رسمياً.
  • القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق، يشنها جيش حكومة النظام السوري للسيطرة على إدلب وأجزاء من أرياف حلب الغربي، للقضاء على التنظيمات الإرهابية، والوصول إلى الحدود السورية-التركية وتسليم السيطرة على معبر باب الهوى للقوات النظام السوري.

وتتم السيطرة على ادلب وفق الرؤية المبادرة الروسية  عبر 3 حملات عسكرية ضمن 3 فترات زمنية متتالية تنتهي مع بداية عام 2025.

كما ان مبادرة الثقة الروسية تضمنت حسب المصدر ، تتم عبر  دخول قوات عسكرية مشتركة (روسية – تركية – سورية) إلى مناطق منبج وتل رفعت الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والسيطرة عليها بشكل كامل، وإعادة النازحين من أبناء المنطقة إلى مناطقهم تحت حكم حكومة النظام السوري، بعد إجراء تسويات ومصالحة بإشراف مباشر من المركز الروسي للمصالحة في سورية.

إضافة الى دخول قوات عسكرية مشتركة (روسية – تركية – سورية) إلى منطقة عين العرب، وإحداث نقاط عسكرية تابعة للقوات التركية بعمق 15 كم عن الحدود السورية ممتدة من منطقة عين العرب وصولاً إلى منطقة جرابلس، من أجل ضبط الحدود، والحفاظ على الأمن القومي التركي والذي يعتبر تطوير لاتفاقية اضنة.

دخول قوات عسكرية مشتركة (روسية – تركية – سورية) إلى منطقة الحسكة، وإحداث نقاط مراقبة مشتركة (تركية – روسية) داخل الأراضي السورية بعمق 5 كم داخل الأراضي السورية على الحدود السورية – التركية، بالإضافة تسيير دوريات عسكرية مشتركة (تركية – روسية) على طول الحدود وهنا حسب المصدر تم المحافظة على اتفاقية اضنة (تغير الاتفاقية حسب الجغرافية).

كما تضمنت المبادرة على تسير دوريات مشتركة (روسية – تركية) على الحدود السورية – التركية الممتدة من منطقة عين العرب وصولاً إلى منطقة جرابلس حتى إعادة سيطرة قوات النظام السوري على المنطقة خلال النصف الثاني من عام 2025 ، مع الإبقاء على القواعد العسكرية التركية في مناطق غصن الزيتون ونبع الفرات  لفترة زمنية تصل لعامين، يتم انسحاب تلك القوات خلال الانسحاب الكامل للقوات التركية من الأراضي السورية.

وانشاء فيلق تابع للقوات الروسية بإشراف روسي بحيث يتم تسليم قيادتها وعددها من قوات المعارضة السورية” الجيش الوطني” لأسلحته ، ويتم تخيير قوات المعارضة اما الانضمام لها او مغادرة سورية خلال ستة أشهر، ويكون عمل الفيلق الجديد على النقاط الحدودية التي تفصل الحدود السورية – التركية، وذلك بعد الانسحاب الكامل للقوات التركية من الأراضي السورية.

وحسب خارطة بناء الثقة الروسية فإنه يتم بدء بالعمل بها بعد لقاءات ثلاثية تجمع المسؤولين الأمنيين (سورية – تركيا _روسيا) برعاية روسية في موسكو، وتطوير هذه اللقاءات إلى اجتماعات تجمع وزراء دفاع سورية وتركيا وروسيا، ثم تأخذ تلك الاجتماعات طابع دبلوماسي لتتطور وتبدأ على مستوى وزراء الخارجية لحل جميع الملفات والمسائل العالقة.

المفاجأة

لكن الذي حدث هو انخراط الرئيس التركي بشكل مفاجئ بخارطة الطريق وبشكل متزامن مع توتر الداخل التركي بسبب مسألة اللاجئين ، مما يشير إلى أن تركيا ولتخرج من حالة الفوضى الداخلية التي بدأت تعصف بها عبر اشعال فتيل قضية اللاجئين،  فإنها بحاجة إما الى الذهاب لانتخابات مبكرة وهو ما لا يرغب به الرئيس ـأردوغان، أو  تدخل اوربي لدعم الرئيس أردوغان وهو غير وارد حالياً في ظل ظروف الانتخابات الأمريكية و الوضع الأوربي الغير مستقر، أو افتعال حرب محدودة وهو ما يجعل احتمال قبول أردوغان بهذه المبادرة أكبر ، فهل تصريحات الرئيس أروغان تعتبر قبول مبدأي بهذه المبادرة ؟

أم انها  مناورة سياسية له لدفع الأوربيين لمد يد الانقاذ له؟ وهل ستنفذ ببنود مبادرة الثقة ام ان حضور الأسد لأنقرة قد يغير بعض معطيات المبادرة ؟ هل المعارضة قادرة على تلافي هذه المبادرة التي بدأت بوادرها تلوح بالأفق؟.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة