الرئيسية » التحول الرقمي لرواتب الموظفين عبر تطبيق “شام كاش”: رؤية اقتصادية أم استيلاء على الاقتصاد

التحول الرقمي لرواتب الموظفين عبر تطبيق “شام كاش”: رؤية اقتصادية أم استيلاء على الاقتصاد

بواسطة Younes

مع تعيين وزير مالية جديد يتمتع بخبرات دولية واسعة، ارتفعت آمال الشعب السوري بآفاق جديدة، إلا أن القرار المفاجئ بتحويل رواتب الموظفين والمتقاعدين المدنيين إلى تطبيق إلكتروني “شام كاش” أثار جدلاً واسعاً، خاصة في ظل انتقال معظم العاملين إلى الحسابات البنكية التقليدية. تبرز هذه المبادرة تساؤلات جوهرية حول الهدف الأساسي وراءها، ومدى توافقها مع الإطار القانوني السائد، فضلاً عن تأثيرها المحتمل على الهيكل المالي والاقتصاد الوطني في سياق سعي الحكومة لتجاوز العقوبات والانتقال من حالة الركود.

أهداف القرار: بين تخفيف الازدحام وإعادة هيكلة النظام المالي

تعكس المبادرة المعلنة رغبة في تخفيف الازدحام الناتج عن قيود السحب التي يفرضها مصرف سورية المركزي على المصارف التي تقوم بتوزيع الرواتب ، إلا أن الفجوة في البنية التحتية بين شركات الصرافة مثل “الهرم” و”الفؤاد” وبين المصارف العامة والخاصة تثير تساؤلاً مهماً. فحينما تُعتمد شركات صرافة ذات انتشار محدود للقيام بدور حيوي في عملية توزيع الرواتب، قد تكون النتيجة مضاعفة للضغوط بدلاً من تخفيفها، مما يستدعي إعادة النظر في الأهداف الموضوعة والآليات التنفيذية لضمان تحقيق الكفاءة المنشودة.

كما ان تحول الى شركات الصرافة بدل المصارف انما هي رسالة ان هناك كتلة رواتب تدفع لاناس مجهولين يتوقع انهم اجانب ، حيث ان الشركات الصرافة لايمكن تعقبها وخاصة ان الشركة عدد موظفيها محدود ، على عكس المصارف .

التوسع في دور شركات الصرافة: مخالفة للإطار القانوني والأنظمة المصرفية

يتجه القرار نحو توسيع دور شركات الصرافة بحيث تتحول إلى كيانات تقوم بمهام تقارب تلك التي تقوم بها المصارف التقليدية. وهذا التوجه يتعارض مع قانون إحداث شركات الصرافة رقم 24 لعام 2006، الذي ينص صراحةً في المادة 9 الفقرة “ج” على أن دور هذه الشركات يقتصر على تحويل الأموال بناءً على طلب الأفراد، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى فروع بنكية. مثل هذا التحول قد يُفقد القانون معناه الأصلي، مما يفتح الباب أمام تجاوزات تؤثر سلباً على تنظيم الجهاز المالي الوطني.

الفوائد المحتملة ومخاطر الإثراء غير المشروع

على الرغم من أن فرض عمولة السحب بنسبة 5 بالألف قد يبدو بسيطاً على المستوى الفردي، إلا أن تراكمها على ملايين المعاملات قد يؤدي إلى تحقيق أرباح غير متناسبة لفئات محدودة. تشير التقديرات إلى إمكانية تحقيق عوائد تزيد عن 3 ملايين دولار سنوياً لفئة صغيرة، مما يعيد إلى الأذهان آليات الإثراء غير المشروع. وفي حال توسيع نطاق هذا النظام ليشمل رواتب العسكريين بمعدلات أعلى، فإن هذا التراكم المالي قد يتضاعف، مما يزيد من خطورة توزيع الثروة على أساس مصالح ضيقة بدلاً من المصلحة العامة.

اضافة ان فترة بقاء الرواتب بنظام الشركة لمدة تتراوح بين 10 و 15 يوم قد يقضي لانشاء طبقة تجار مواليه للشركة شام كاش ، و انهاء طبقة اخرى نتيجة توفر السيولة لديهم والتي يعاني الاقتصاد من فقدانها.

أثار القرار على السيادة الاقتصادية والبيئة الاستثمارية

يتعارض مع الاعلان الدستوري الذي نص  ” على أن القوانين النافذة تبقى سارية ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها”، والسيادة المالية  جزء من سيادة الدولة الاحتكارية وحماية البيانات وتوفير الفرص المتساوية جظء من نصوص الدستور والقانون ، واعطاء  هذا الدول لشركة خاصة  مخاطرة كبيرة.

كما ان خص شركتين فقط من شركات الصيرفة يشير الى باب فساد ، كل ذلك يؤدي تراجع ثقة المواطنين في المؤسسات المالية الحكومية ،  مما يُفضي إلى إنشاء نظام موازي يقلل من دور الدولة في تنظيم الاقتصاد. كذلك، فإن الرسالة الموجهة للمستثمرين تتعرض للتشويه، إذ تعيد هذه  الإجراءات ذكريات فترات سيطرة رامني مخلوف و مهند دباغ و فراس الاخرس على الاقتصاد، مما يضعف توقعات النمو الاقتصادي والاستدامة الاستثمارية.

إعادة إرساء العقوبات الاقتصادية وتأثيرها على استقرار النظام المالي

من الناحية الدولية، قد تواجه شركة “شام كاش” قيوداً بسبب مرجعيتها الى عقوبات بتمويل الارهاب  شأن شركة الهرم ، مما قد يؤثر على  الحصول على الدعم الخليجي والقطري والسعودي المخصص لدفع الرواتب.

كما ان ازاحة البنوك من المشهد الاقتصادي يجعل عملية اعادة العمار وجذب الاستثمارات امر اكثر تعقيد وصعوبة كون البنوك تعتبر من البنى التحلتية لاعادة العمار وجذب الاستثمارات و تلافي قوانين تمويل الارهاب .

و أن التعامل بالدولار الأميركي في التطبيق الرسمي يتيح المجال أمام شركات الصرافة لاستغلال الفجوة بين الأسعار الرسمية وتلك القائمة بأسواق السوداء، ما يزيد من احتمالية تلاعبات سعر الصرف ويضع ضغوطاً إضافية على الاقتصاد الوطني.

وتوصيات استراتيجية

يمثل التحول الرقمي لرواتب الموظفين عبر تطبيق “شام كاش” نقلة مهمة في سياسات الدولة المالية، إلا أن التحديات القانونية والاقتصادية والاجتماعية المصاحبة تستدعي حلولاً فورية. ولضمان الشفافية والعدالة، ينبغي على الحكومة:

  •  تراجع الثقة بالمؤسسات المالية: نبذ المصارف العامة في عملية توزيع الرواتب قد يُضعف ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية ويُعزز الاعتماد على القطاع الخاص، مما يخلق نظامًا موازيًا يُهمّش دور الدولة، لذا لابد من إعادة تقييم أهداف القرار وآلياته التنفيذية بحيث يكفل تيسير الإجراءات دون الإخلال بالبنية القانونية
  •  مخاطر السمعة الدولية: ارتباط شركات الصرافة بانتقادات دولية، قد يؤدي إلى تعميق عزلة الاقتصاد السوري وزيادة التحديات الرقابية، لذا فرض آليات رقابية صارمة لحماية سعر الصرف ومنع المضاربات التي قد تثقل كاهل الاقتصاد الوطني.
  • تأثير سلبي على المستثمرين: إجراءات كهذه قد تُعيد إلى الذاكرة مراحل سيطرة أفراد معينين على الموارد المالية، ، إضافة ان شركة شام كاش التي تعود الى عبد الرحمن سلامة ذراع الرئيس الشرع إضافة الى أخيه حازم الشرع وموسى العمر مما يعيد المستثمرين الى زمن اسماء الاسد ورامي مخلوف ، مما يُقلل فرص الاستثمار ويضعف آفاق النمو الاقتصادي المستدام ، لذلك لابد من التأكد من توافق الإجراءات مع متطلبات دعم الاستثمار وإعادة البناء الوطني وتعزيز الثقة بالمؤسسات المالية الحكومية من خلال دمج القطاع الخاص في نظام متوازن يضمن مصالح الجميع دون تقديم حوافز للإثراء غير المشروع.
  •  وزراء ديكور : سوف يرسل رسالة العالم ان الوزراء بقرارتهم لا تتناسب مع قراراتهم مما يشعر العالم ان هذه الحكومة هي ديكور وان اعودة الاضطرابات مسألة وقت ، اضافة ان هذه الحكومة تخبي شي وحسب مرجحعيتها يتعلق بالإرهاب

في النهاية، لا يُعد هذا القرار مجرد تحول تقني، بل هو اختبار للالتزام بالمسؤولية الاقتصادية والعدالة في توزيع الموارد، ما يتطلب عدداً من الإجراءات الاستراتيجية لتعزيز الاستقرار المالي وتحقيق النمو المستدام في ظل التحديات الدولية والمحلية.

مقالات ذات صلة