في ظل تصاعد التوترات في الجنوب السوري في السويداء ، وفشل الفرقة 84 من وزارة الدفاع في السيطرة على السويداء ، برز الحشد العشائري كفاعل جديد في معادلة الصراع، وخاصة مع تصاعد حشد العشائر حتى أصبحت قوة إضافية بالمشهد السوري ، مما بدأ الكلام حول نظرة دول إقليمية ودولية الى ان هذه القوى اذا ما تم تحكم بها قد تكون القوة البديلة لاحمد الشرع و الأجانب في القضاء على داعش و التدخلات الإيرانية وحزب الله بل بدأت مقارنتها مع الحشد الشعبي الشيعي في العراق، لكن الفوارق بينهما عميقة من حيث البنية، العقيدة، والامتداد الجغرافي.
الفوارق الجوهرية: الحشد العشائري السوري مقابل الحشد الشعبي العراقي
رغم التشابه الظاهري في الاسم والدور، إلا أن هناك تباينًا عميقًا بين الحشدين:
العنصر | الحشد الشعبي (العراق) | الحشد العشائري (سوريا) |
---|---|---|
التعداد | أكثر من 150,000 مقاتل | غير محدد بدقة، ويُقدّر بعدة آلاف في السويداء ومحيطها |
الهيكل التنظيمي | رسمي، يتبع هيئة حكومية مرتبطة برئاسة الوزراء | غير رسمي، قائم على الولاء العشائري والقيادات المحلية |
نوع التسليح | أسلحة ثقيلة، دبابات، طائرات مسيرة، دعم إيراني مباشر | أسلحة خفيفة ومتوسطة، وبعض الطائرات المسيرة، بدعم محدود |
التمويل | حكومي ومنظم، مدعوم إيرانياً | ذاتي، أو عبر التهريب، وأحياناً بدعم من جهات غير رسمية ، بعضهم لديه ادارنات بجرائم حرب و تجارة الكبتاغون. |
الانتشار الجغرافي | متواجد في معظم محافظات العراق | يتركز جنوب سوريا، خصوصًا السويداء وريف درعا، لكن العناصر تُجمع من مختلف المناطق السورية |
الداعمون | إيران، وفصائل شيعية إقليمية | بعض العشائر السنية، جهات أمنية سورية، وربما وسطاء على صلة بإيران مثل فرحان المرسومي |
الشرعية السياسية | معترف به رسمياً ضمن مؤسسات الدولة | غير معترف به، يُعتبر رد فعل محلي على غياب الدولة |
عسكرة المجتمع السوري: المأزق المتكرر
تحويل المجتمع السوري إلى “خزان بشري للمقاتلين” بالصراعات الاقليمة ليس مستجدًا، بل هو استمرار لنهج بدأ مع بداية الثورة السورية، حين عمد النظام الاسد الساقط إلى استقدام ميليشيات أجنبية وتجنيد شرائح اجتماعية معينة كوسيلة لقمع الاحتجاجات. لكن هذا النهج أثبت فشله:
-
في عهد بشار الأسد: رغم الدعم الإيراني والروسي، لم تؤد عسكرة المجتمع إلى القضاء على الثورة، بل زادت من حدة الانقسامات.
- في مرحلة أحمد الشرع: حاول إعادة إنتاج النموذج نفسه من خلال عسكرة الدولة وخصخصة مؤسساتها لاجبار المواطنيين بشكل غير مباشر على الاعتماد على القوة المسلحة كوسيلة للعيش، وتتميز هذه المرحلة بما يلي :
اولاً: تضخم عدد وزارة الدفاع والداخلية بلا مضمون :
-
ارتفع عدد عناصر “الجيش السوري الجديد” من 20 ألف إلى 24 ألف خلال سبعة أشهر فقط.
-
معظم المجندين من المراهقين، ما يكشف عن أزمة تجنيد وغياب الحاضنة الشعبية.
-
التوسع العددي لم يُقابله أي تطوير نوعي في العقيدة أو التنظيم، مما زاد من هشاشة المؤسسة العسكرية.
-
انعكس ذلك سلبًا على الاقتصاد والخدمات، وتسبّب في ارتفاع معدلات الجريمة الفردية، ما أثقل كاهل وزارة الداخلية.
ثانياً: فشل تجربة “فرقة الأجانب” :
محاولة فرض الاستقرار عبر فرقة مقاتلين أجانب (إيغور، شيشان، وغيرهم) باءت بالفشل:
-
استخدمت القوة المفرطة، ما أدى إلى رفض شعبي واسع، خصوصًا في إدلب والساحل السوري والان بالسويداء الذي اسر عدد من عناصرهم.
-
أضعف هذا الخيار فرص المصالحة الوطنية، ورسّخ منطق الهيمنة بدلاً من التفاهم.
العشائر كورقة بديلة: رهان لم يكتمل
سعى أحمد الشرع إلى استغلال الحشد العشائري كورقة لإعادة تعويم نفسه، لكن حتى الآن فشل في فرض سيطرته عليه. فغياب التنظيم المركزي والعقيدة الموحدة جعلا هذه القوة غير قابلة للضبط أو التوظيف ضمن مشروع سياسي واضح، وعرضه للنقد الدولية وبدات الاصوات الداخلية المعارضة تعلو وتتوحد، و ان ما يجعل الحشد العشائري السوري رهان لم يكتمل بسبب ،
-
سريع التشكّل والانحلال تبعًا للمزاج الشعبي.
-
يفتقر إلى قيادة موحدة أو مرجعية تنظيمية.
-
يتحرك بدافع العاطفة والغضب والخوف، وليس وفق رؤية استراتيجية.
-
عرضة للاستغلال من قبل أطراف متضادة، لكنه في الوقت ذاته يصعب ضبطه لاحقًا.
-
تكثر ضمن هذا النمط “الذئاب المنفردة”، أي العناصر غير المنضبطة التي قد تنفذ أعمالًا متطرفة باسم الحشد أو لتحقيق مصالح خاصة بما فيها كسب اعتراف العشائر او الانتقام او في اطار صراع المخدارت .
الموقف الإقليمي والدولي: قلق مشروع من هذه القوة الصاعدة
أثار تصاعد الحشد العشائري قلقًا واسعًا لدى عدة دول عربية، خصوصًا في الخليج ومصر والأردن وحتى إسرائيل، وذلك للأسباب التالية:
-
الخشية من تكرار تجربة الحشد الشعبي العراقي، بما تحمله من إمكانية تمدد النفوذ الإيراني فيها وخروجها عن سيطرة.
-
القلق من تحول الحشد العشائري إلى أداة طائفية أو ميليشياوية تخدم صراعات إقليمية.
-
عسكرة العشائر يُنظر إليها كتهديد مباشر لبنية الدولة الوطنية، وتقويض لفرص التسوية السياسية في سوريا والمنطقة.
الحشد العشائري السوري قوة نشأت من رحم الفراغ الأمني، لكنها تفتقر إلى مقومات الديمومة والاستقرار المؤسسي ، اضافة ان ارتكابها للمجازر التي توصف انها مجازر ضد الانسانية يجعل الاعتماد على هده القوة امر مرفوض
لتبقى ظاهرة العشائر هشة، قابلة للاشتعال والانطفاء سريعًا، فهل يستطيع احمد الشرع اعادة تعويم نفسه من جديد عبر هذه القوة ضمن ملاك سيطرته والمؤسسات التي تتبع له؟