الرئيسية » روسيا تستورد خبراء البراميل المتفجرة من سوريا
رحلة خبراء لنقل صناعة البراميل المتفجرة من سوريا باتجاه روسيا

روسيا تستورد خبراء البراميل المتفجرة من سوريا

بواسطة Younes

منذ أيلول/سبتمبر 2015، لم يكن التدخّل الروسي في سوريا مجرد دعم عسكري لحليف سياسي، بل مختبراً مفتوحاً لتجريب الأسلحة والتكتيكات الجديدة ومنصة لتطوير خبرات قتالية وتصديرها لاحقاً إلى ساحات أخرى. فالحرب السورية تحوّلت — بالنسبة إلى موسكو — إلى مسرح عمليات حيّ لتجربة الطائرات الهجومية، والصواريخ المجنّحة، والمروحيات القتالية. لكن إحدى أبرز التجارب التي قلّما تكلم عنها الإعلام الروسي بصراحة هي تجربة الأسلحة الرخيصة ذات الأثر التدميري الواسع: أي البراميل المتفجرة.

ورغم أن روسيا تملك واحداً من أكبر مخزونات الأسلحة التقليدية في العالم، إلا أنها — تحديداً خلال السنوات 2023–2025 — واجهت تحدياً صادماً في أوكرانيا: ارتفاع كلفة الذخائر دقيقة التوجيه مقابل بطء التصنيع، في حين تحتاج العمليات العسكرية إلى استنزاف واسع وممتد. هنا تظهر أهمية «الخبرة السورية» التي بُنيت خلال أكثر من عشر سنوات من تصنيع واستخدام البراميل المتفجرة، والتي تتميز بثلاث نقاط:

1. سلاح رخيص وسهل التصنيع بكميات كبيرة: يمكن تصنيع البرميل المتفجّر خلال ساعات في ورش صغيرة، بتكلفة لا تتجاوز 200–400 دولار، مقارنةً بصاروخ موجه قد تتجاوز تكلفة الواحد منه 150 ألف دولار.

2. قدرة تدميرية عشوائية تغيّر الجغرافيا السكانية: هذا السلاح لا يُستخدم لأغراض تكتيكية دقيقة، بل لإحداث صدمة نفسية ودفع السكان إلى النزوح؛ وقد استُخدم بفعالية في سوريا لتحقيق مكاسب على الأرض دون استنزاف الذخائر الموجّهة.

3. قابلية التطوير لإضافة مواد سامة أو كيماوية أو حتى رؤوس موجهة بسيطة لقيادة البرميل إلى الهدف: فالبرميل لم يعد يقتصر على المتفجرات فحسب، بل صار منصة محتملة لإيصال غازات خانقة أو مواد سامة.

لذلك كانت حاجة روسيا إلى هذا السلاح لتتمكّن من استنزاف قوى المعارضة في أوكرانيا وإرسال رسالة بأن روسيا قادرة على خوض حرب طويلة بتكلفة منخفضة.

نقل فريق سوري مختص بصناعة «البراميل المتفجرة» إلى روسيا

بحسب المعلومات المتاحة، في 27 أيلول/سبتمبر 2025 أقلعت طائرة شحن عسكرية روسية من طراز Il-76MD من قاعدة حميميم الجوية متجهةً إلى قاعدة بوتورلينوفكا العسكرية في منطقة فورونيج بروسيا، رافقها طيران مروحي من طراز Ka-52. وعلى متنها سافر فريق سوري غير اعتيادي: ضباط متخصصون في الذخائر، مهندسون كيميائيون، وعاملون سابقون في مراكز البحوث العلمية (مصياف، جمرايا، الهامة)— جميعهم مختصون بصناعة البراميل المتفجرة وبتقنيات حقنها بمواد كيميائية وغازات سامة. يكون الفريق من نحو 12 شخصًا من الضباط والمهندسين، وقد جرى انتقاؤهم برعاية مسؤول روسي رفيع المستوى، الأدميرال فاديم كوليت، وبوساطة المهندس السوري ملهم ياسين، الذي يعمل بعقود مع شركة الصواريخ التكتيكية الروسية منذ مطلع 2023.

هؤلاء الأفراد لا يمثلون مجرد مهارات تقنية فحسب، بل يشكلون «الذاكرة الصناعية» لمنظومة البرميل المتفجر: معرفتهم تشمل خلطات متفجرة وكيميائية، آليات دمج المواد السامة، وأنظمة تفجير بدائية لكنها فعّالة. عقب عملية الانتقاء، وُقّعت مع وزارة الدفاع الروسية عقود عمل لمدة سنتين تتضمن رواتب شهرية تتراوح بين 1,200 و1,500 دولار، ومنح الجنسية، وإمكانية نقل العوائل وتأمين السكن.ومزايا إدارية (بما في ذلك منح الجنسية وإمكانية نقل العوائل وتأمين السكن).

هؤلاء لا يمثلون مجرد خبرة تقنية، بل يمثلون الذاكرة الصناعية للبرميل المتفجر، بما فيه من خلطات كيميائية، آليات دمج المواد السامة، ونظم تفجير بدائية لكنها فعّال
قائمة الأسماء كما وردت:

  • المقدم دريد حسنة — ضابط اختصاص فني ذخيرة، إدارة التسليح (مصياف).
  • الرائد أيهم ديب — ضابط اختصاص فني ذخيرة، إدارة التسليح (جبلة).
  • قاسم برهوم — مهندس، مركز البحوث العلمية بجمرايا.
  • مجد جمعة ديب — مهندس، مركز البحوث العلمية بجمرايا.
  • معن عباس — مهندس، مركز البحوث العلمية بجمرايا.
  • إسماعيل العلي — مهندس، مركز مصياف.
  • قيس ديوب — مهندس، مركز الهامة.

رحلة الذاكرة: نقل خبرات صناعة «البراميل المتفجرة» من سوريا إلى موسكو

في أواخر سبتمبر 2025، أفادت معلومات متداولة بأن طائرة شحن روسية من طراز Il‑76MD هبطت في قاعدة خميميم يوم 26 أيلول حاملة شحنة أسلحة وصواريخ ومعدات أعتيادية، أُفرغت إلى مخازن القاعدة — لتُقلع في اليوم التالي (27 أيلول/سبتمبر 2025) متجهة إلى بوتورلينوفكا برفقة مروحية Ka‑52.

لكن الطائرة لم تكن فارغة: بحسب معلومات مبلّغ عنها، كانت على متنها مجموعة من الخبراء السوريين المتخصّصين في صناعة البراميل المتفجرة والمواد المحقونة.

هؤلاء الخبراء قد يُستخدمون لتدريب عناصر أو لتطوير تكتيكات جديدة داخل منشآت روسية العسكرية، ما يرفع من المخاطر الأمنية ويطرح تساؤلات قانونية ودولية؛ خاصة أن استقطابهم يبدو منظّمًا بعقود وحوافز مُصمَّمة لضمان ولائهم واستمراريّتهم.

حكومة السورية مجددًا في صلب الصراع الدولي خارج حدودها

إذا صحت المزاعم بشأن نقل خبرات تصنيع البراميل المتفجرة من سوريا إلى منشآت روسية لاستخدامها في الحرب الأوكرانية، فإن التداعيات لا تقتصر على الساحة الدولية، بل تمتد لتطال الداخل السوري وتهدد استقرار الأمن الاجتماعي فيه. فخروج مهندسين وخبراء محليين، بعضهم شارك في انتهاكات موثقة، من نطاق القضاء السوري، يعني فقدان القدرة على مساءلتهم قانونيًا، ويخلق بيئة خصبة لانعدام الثقة المجتمعية، لا سيما إذا ظهرت أسماؤهم لاحقًا في تقارير دولية.

كما تكشف هذه الظاهرة عن هشاشة البنية الأمنية للنظام، واحتمالية إعادة تشكيل الفصائل المسلحة أو تحالفها مع أطراف مناوئة، ما يخلق قوة موازية قابلة للاستغلال سياسيًا وعسكريًا. وفي الوقت ذاته، قد تُستخدم هذه الاتهامات لتكثيف الضغوط الدولية على دمشق، عبر إعادة توجيه سردية تربطها مباشرة بأعمال عسكرية خارج حدودها.

على الجانب الآخر، قد تتحول هذه المعلومات إلى ذريعة لشن حملات استخباراتية أو قانونية تستهدف الوجود الروسي في سوريا، وتُظهر ضعف سيطرة الدولة على مؤسساتها. كل ذلك يؤكد مرة أخرى أن تجاهل الأمن الاجتماعي لا يهدد المواطنين فحسب، بل قد يهدد استقرار النظام ذاته، ويعيد شبح العقوبات والعزلة الدولية، كما حدث مع دول مثل إيران والسودان التي واجهت تداعيات مشابهة نتيجة دعمها لانتهاكات أو أنشطة مسلحة.

مقالات ذات صلة