الرئيسية » عبد السلام هيكل: من صناعة المحتوى إلى صياغة النخبة

عبد السلام هيكل: من صناعة المحتوى إلى صياغة النخبة

بواسطة Younes

في المشهد السوري المعقّد، تبرز أسماء لعبت أدوارًا متعددة عبر مراحل مختلفة من التحوّل الاقتصادي والسياسي. من بين هذه الأسماء، يلمع اسم عبد السلام هيكل، الذي تنقّل بين عوالم الإعلام، وريادة الأعمال، ومؤخرًا العمل الحكومي، في ظل تغيرات داخلية وإقليمية كبرى.

ويكتسب دوره أهمية خاصة في مرحلتين مفصليتين: مرحلة ما قبل الحرب (2006–2010)، ومرحلة ما بعد الحرب (2025 فصاعدًا).

أولاً: دور عبد السلام هيكل في مرحلة ما قبل الحرب: فرز النخبة الاقتصادية

في عام 2008، كانت سوريا تشهد تحولاً ملحوظًا نحو ما عُرف بـ اقتصاد السوق الاجتماعي ، خلال هذه المرحلة، ظهر عبد السلام هيكل كلاعب ناشئ من خلال إطلاقه وإدارته لمجلة “الاقتصادي”، التي كانت واحدة من أبرز المنصات الإعلامية في رصد الحراك الاقتصادي السوري الناشئ.

في هذا السياق، ساهم هيكل من خلال مجلة “الاقتصادي” في إصدار قائمة “الاقتصادي 100” لأبرز رجال الأعمال السوريين، والتي اعتُبرت آنذاك وثيقة غير رسمية لـ فرز النخبة الاقتصادية في عهد بشار الأسد .

جاءت القائمة بعد تأسيس شركة شام القابضة (2006) وبعدها  سوريا القابضة ، التي مثّلت شكلاً من التجميع الرسمي لرؤوس الأموال المرتبطة بالنظام الاسد البائد ، ما يوحي بتقاطع زمني ومضموني بين “الاقتصادي 100” وبين الشركتين القابضتين باعتباره  مشروع “إنتاج طبقة اقتصادية موالية” وتهيئة وعي المجتمع بتلك النخب ومستويات ولاء والسلطة لهم واضفاء الشرعية على هذه النخب .

– كان عبد السلام هيكل حينها في موقع يعتبر  الصانع الناعم للشرعية الاقتصادية، من خلال الإعلام والتصنيف واللغة المهنية، بعيدًا عن الاصطفافات المباشرة.

ثانيًا: عبد السلام هيكل في مرحلة ما بعد الحرب  2025:  إعادة تعريف الفاعلين الاقتصاديين

في عام 2025، عاد اسم عبد السلام هيكل إلى الواجهة، هذه المرة بصفته وزير الاتصالات في الحكومة السورية الانتقالية، بعد سنوات من إدارته لمنصة “مجرة” التي تدير منصات مؤثرة منها:

– “من هم”: قاعدة بيانات موثقة للخبرات العربية.

– “الاقتصادي سوريا”: نسخة محلية محدثة لمنصة الاقتصادي ، التي أصبحت نافذة لرصد ملامح الحراك الاقتصادي الناشئ.

ومن خلال شراكة بين هاتين المنصتين، أُطلقت قائمة قدرات سورية 1000، لتعريف الجمهور بـ 1000 شخصية سورية “فاعلة” في الاقتصاد والمجتمع، على دفعات سنوية،  في هذا السياق، يكمّل عبد السلام هيكل دورًا بدأه قبل 17 عامًا: إعادة تعريف من هم “الفاعلون” في الاقتصاد السوري، ولكن تحت لافتة جديدة وأدوات عصرية، يعتمد على المزج بين الإعلام، التقييم المهني، وترتيب الولاءات الاقتصادية. إنه نموذج لإعادة بناء الوعي الوطني بآليات تتناسب مع المرحلة، حيث تشكّل هذه الشخصيات مادة خام يتم توظيفها ضمن سياق السلطة، بينما تُمثّل قدرتها على القبول الشعبي تحديًا محوريًا ثم اداء أدوار هامة للحكومة.

بين مرحلتين تفصل بينهما حرب مدمّرة، حافظ عبد السلام هيكل على موقع فريد: صانع الرموز الاقتصادية الناعمة عبر الإعلام والتصنيف، ثم فاعل رسمي في إعادة تركيب الدولة الرقمية الجديدة. مسيرته تختصر تحولات سوريا من اقتصادٍ موجَّه إلى اقتصادٍ محسوب الولاءات، ومن النخبة القديمة إلى نخب تسوّق بالكفاءة.

لبقى السؤال معلقًا على طبيعة هذا الدور: هل يشكل الإعلام هنا رافعة مستقلة تُمكّن من صياغة نخب جديرة، أم أنه واجهة ذكية لإعادة إنتاج النظام السابق بلبوس تقني ومهني محدث؟ الإجابة تظل رهينة لدى صاحب القرار السياسي، كما تتوقف على مآلات “مشروع القدرات” الذي يشهد على طبيعة المرحلة المقبلة وحجم تحولات الحكم، من المرحلة الاقتصادية المغلقة قبل الحرب إلى المرحلة الاقتصادية المحسوبة الولاءات لما بعدها.

مقالات ذات صلة