صرح د محمد عبد الستار البغدادي الخبير الاقتصادي الدولي أنه يمكن للسياسة الاقتصادية الكلية أن تلعب دورًا رئيسيًا في منع الصراعات العالمية ، مما يُسهم بدوره في إنقاذ الأرواح وتجنب الإصابات، والنزوح القسري والهجرة، والأضرار الجسيمة التي تلحق بالاقتصاد العالمي ،ووفقًا لبحث جديد أجراه صندوق النقد الدولي، استنادًا إلى عمليات محاكاة سياسات تتضمن تنبؤات قائمة على التعلم الآلي للصراعات، خلصت الدراسة إلى أن كل دولار يستثمر في الوقاية -من خلال الجهود السياسية الرامية إلى تعزيز استقرار ونمو الاقتصاد الكلي، وتعزيز المؤسسات، ودعم تنمية المجتمعات المحلية يُمكن أن يوفر ما بين 26 و103 دولارات من التكاليف المحتملة المرتبطة بالصراعات. تشمل هذه التكاليف تكاليف الاحتياجات الإنسانية الهائلة، بالإضافة إلى خسائر الناتج الاقتصادي.
وأضاف بغدادي أنه لابد من خلق فرص اقتصادية تُسهم في تعزيز السلام والاستقرار أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، لأن في العام الماضي ارتفعت الصراعات بين الدول إلى أعلى مستوياتها منذ نصف قرن، وفقًا لبرنامج أوبسالا لبيانات الصراعات في جامعة أوبسالا السويدية ، وفي هذا السياق، يُولي صندوق النقد الدولي اهتمامًا أكبر للدول الهشة والمتأثرة بالصراعات، بما في ذلك من خلال استراتيجية مُخصصة.
وأشار بغدادي إن أبحاث صندوق النقد الدولي الحديثة ظهرت أن 3 مجالات من سياسات الاقتصاد الكلي المحلية فعالة بشكل خاص في الحد من مخاطر الصراعات، بتكاليف معقولة ، الأول يتعلق بتحسين الأوضاع المالية العامة وتحسين قدرة الدولة ، في حين ينخفض خطر الصراع عندما تُحصّل الحكومات أكثر مما تُنفق، وتُستخدم أموالًا إضافية لتقديم خدمات أفضل وتحقيق التنمية الاقتصادية
والثاني يتضمن سوق عمل مرنة، وغيرها من السمات المميزة للاقتصاد المرن ، عندما تكون البطالة مرتفعة، يزداد احتمال العنف وشدته، لأن الناس عندما يحصلون على وظائف، يكونون أقل ميلًا لحمل السلاح.
أما المحور الثالث فيتعلق بالمشاركة الدولية لتحسين قدرة الدولة. ويُظهر التحليل أن الدعم المالي الذي يُقدمه صندوق النقد الدولي للدول المحتاجة يرتبط بانخفاض احتمالية اندلاع العنف بنسبة تتراوح بين 1.5 و4.0 نقاط مئوية. بمعنى آخر، يُمكن للدعم الاقتصادي الكلي أن يُكمّل جهود بناء السلام.